تحوم الكثير من الشبهات حول فساد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وقد تم في لبنان وفرنسا وسويسرا وبريطانيا فتح تحقيقات حول ثروة رياض سلامة وأعماله المشبوهة، لتثبت الوقائع بأن فساد حاكم مصرف لبنان الذي من المفترض أن يكون مثالا للنزاهة ليس مجرد شبهات إنما حقيقة واقعة لا يريد بعض المستفيدين وأصحاب المصالح الإقرار بها.
وبحسب موقع الأخبار اللبنانية، فإن آخر فضائح رياض سلامة تم تسجيلها من قبل الجمارك الفرنسية هذه المرة في شهر تموز الفائت، حيث عُثر على نحو 90 ألف يورو نقداً غير مصرح بها، بعد تفتيش حقائبه أثناء دخوله فرنسا، مما استدعى تغريمه بعد تأكيده كذباً بأنه لا يحمل في حقائبه ما يوجب التصريح عنه، لتكشف هذه الحادثة عن أحد وجوه حاكم مصرف لبنان.
وأورد الموقع تفاصيل الحادثة مبيناً أنه في يوم 16 تموز الفائت، غادر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مطار بيروت، على متن طائرة خاصة، متوجّهاً إلى فرنسا، حطّت طائرته، التابعة لشركة طيران الشرق الأوسط، في مطار "لوبورجيه"، شمالي العاصمة الفرنسية باريس، وكانت أموره تسير كالمعتاد، لجهة ترتيبات الخروج من المطار، إلى أن سأله موظفو الجمارك الفرنسيون عما إذا كان في حقائبه ما يوجب التصريح عنه، ردّ سلامة بالنفي، ثم سأله الموظفون عما إذا كان يحمل المال نقداً، فأجاب بأن في حوزته 15 ألف يورو، وهو المبلغ الأقصى الذي يُسمح بإدخاله نقداً إلى فرنسا، من دون التصريح عنه، عندها، طلب موظفو الجمارك تفتيش حقائب سلامة، فوجئ هؤلاء بوجود مبلغ مالي باليورو، وآخر بالدولار، وبعد عدّ الأموال، تبيّن أن ما في حقيبة سلامة يبلغ 83 ألف يورو، إضافة إلى ما قيمته نحو 7 آلاف يورو، بالدولار الأميركي، كذلك عُثِر في حقائب حاكم مصرف لبنان على 50 سيجاراً.
وأضاف الموقع بأن سلامة أدخل إلى غرفة تحقيق لفتح محضر رسمي، فيما كانت ردة فعله الأولى بأنه لا يعلم كيف وصلت تلك الأموال إلى حقيبته، قبل أن يعود ويقرّ بملكيّته لها، معرّفاً عن نفسه بأنه حاكم مصرف لبنان، وأبرز للمحققين جوازَ سفر دبلوماسياً لبنانياً، وعندما سُئل عن السيجار، أجاب بأنه للاستخدام الشخصي، وكنتيجة للتحقيق الجمركي، أجبِر سلامة على دفع غرامة مالية قيمتها 2700 يورو نتيجة محاولته إدخال مبلغ من المال من دون التصريح عنه، أما الخمسون سيجاراً، فلم يُغرّم بسببها.
وأشار الموقع إلى أن المبلغ المذكور يعتبر ضئيلاً جداً، قياساً بما هو معروف عن ثروة رياض سلامة، وأسلوب عمله منذ توليه حاكمية مصرف لبنان، إلا أن لذلك دلالات كثيرة تكشف أحد أوجه أداء رياض سلامة في المصرف المركزي:
- أولاً، فيما اللبنانيون وعموم المودعين ممنوعون من الحصول على دولار واحد، أو يورو واحد، من المصارف اللبنانية التي أفلست في ظل حاكمية سلامة (رأي السلطة الناظمة للقطاع المصرفي)، يحمل الأخير في رحلته من بيروت إلى باريس نحو 90 ألف يورو نقداً.
- ثانياً، خالف رياض سلامة القانون بعدم التصريح عن المبلغ في مطار بيروت، كما بعدم التصريح عنه في المطار الفرنسي.
- ثالثاً، كذب رياض سلامة على موظفي الجمارك الفرنسيين الذين سألوه عما إذا كان يحمل ما يوجب التصريح عنه، ثم كذب عليهم بإجابته الأولى عندما نفى معرفته بكيفية وصول الأموال إلى حقيبته الشخصية!
واعتبر الموقع أن ما جرى يعد فضيحة في أي دولة في العالم أما في لبنان فيتوقع ألا يتم التعامل مع الحادثة كمخالفة قانونية من مسؤول رسمي يتحمل مسؤولية تبديد مليارات الدولارات من الأموال العامة والخاصة، مما أدخل لبنان في أسوأ أزمة اقتصادية ومالية ونقدية في تاريخه، بل بأن ما حمله سلامه كان مصروفا شخصيا لرجل ثري.
ولفت الموقع إلى أنه لا يمكن الجزم بعدد المرات التي نقل فيها سلامة أموالاً نقدية بعد انهيار القطاع المصرفي اللبناني في خريف عام 2019، إلا أن تعامل موظفي الجمارك في المطار الفرنسي معه يدل على التوجه السياسي الفرنسي تجاهه، فباريس تنوي إطاحة رياض سلامة وهناك عدد كبير من المرشحين البدلاء وعلى رأسهم سمير عساف، إلا أن الحماية الأمريكية التي يتمتع بها رياض سلامه، لا تزال تمنع تحقيق حلم إيمانويل ماكرون، كما أن هذه الحماية تمنع السلطات القضائية الغربية في المضي بإجراءات ملاحقة سلامه، فالسلطات السويسرية، على سبيل المثال لا الحصر، لا تزال تمتنع عن تنفيذ الطلب الذي بعثت به النيابة العامة التمييزية إلى نظيرتها السويسرية في 26 أيار 2021، والرامي إلى الحجز على أموال سلامة وممتلكاته، لمصلحة الدولة اللبنانية، كذلك لم تُنفّذ الطلب اللبناني سلطات فرنسا وألمانيا، علماً بأن أجهزة الأمن في برلين تُقدّر ثروة سلامة في لبنان والعالم بنحو مليارَي دولار أميركي! وهي ترى أن الاشتباه في كون سلامة اختلس، بين عامَي 2001 و2015 نحو 330 مليون دولار من مصرف لبنان، بالشراكة مع شقيقه رجا، هو "اشتباه قاصر، لأن المؤشرات الموجودة في حوزتنا تشير إلى احتمال اختلاس مبالغ تفوق ذلك بكثير".
كما لم تزوّد النيابة العامة السويسرية نظيرتها اللبنانية بنسخة عن العقد الموقّع بين مصرف لبنان وشركة "فوري" التي يُشتبه في أنها واجهة احتيالية لسلامة وشقيقه.
وأكد الموقع أن استمرار المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون بملاحقة سلامة لن يجعل شهر أيلول هادئاً بالنسبة غليه رغم الحماية التي يحظى بها، ففي الجزء الثالث من الشهر، سيجتمع في مدينة لاهاي الهولندية ممثلو الادعاء العام في 7 دول أوروبية، لتوحيد آليات العمل على ملف سلامة، لكن يبقى أن أهم ما سيواجهه، هو موعد جلسة التحقيق الثانية مع المحامي العام التمييزي، بالتكليف، القاضي جان طنوس، هذه الجلسة التي ستُجرى بإشراف النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، ينبغي لها أن تشكّل منعطفاً في حياة سلامة. فالتحقيقات المستمرة منذ شهر شباط 2021 في قضية اختلاس أموال من مصرف لبنان وقضايا أخرى، آن لها أن تصل إلى نهايتها.
وختم الموقع بوجوب رفع الصوت للضغط على النيابة العامة من أجل الادعاء على سلامة وتوقيفه، معتبراً أن إبقاؤه دون تحريك دعوى الحق العام ضدّه، رغم أنه لم يترك مخالفة إلا وارتكبها ليس سوى تشجيعٍ له على الاستمرار في ارتكاب الجرائم.
المصدر: الأخبار اللبنانية