تصريحات قرداحي ذريعة سعودية لإخضاع لبنان.. ميقاتي ينتظر الدعم الغربي

تصريحات قرداحي ذريعة سعودية لإخضاع لبنان.. ميقاتي ينتظر الدعم الغربي

أورد موقع الأخبار اللبنانية تحليلا معمقا عن تطورات الأزمة مع دول الخليج التي يعتبر الموقع أن تصريحات قرداحي كانت عبارة عن ذريعة لقطع العلاقات مع لبنان بحثت عنها السعودية منذ أسابيع.

حيث يبين الموقع بأن الرئيس نجيب ميقاتي يعرف قواعد اللعبة، السعودية لم تختَره رئيساً للحكومة، وهي أساساً غير مهتمة بالتواصل معه، ويعرف أيضاً أنه جاء إلى رئاسة الحكومة بغطاء أميركي وفرنسي، لذلك، يتصرف عملياً على أساس أن باريس أولاً، ثم واشنطن وربما آخرون، هم من يقررون مصير حكومته، لذلك عمد فور اندلاع الغضب السعودي من تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي، إلى التواصل مع الفرنسيين والأميركيين طالباً المشورة والعون، وأول ما سمعه: لا تستقل، دعنا نحاول التوسط، لكن فَكّر في خطوة تساعدنا! ومع تعثر المحاولات في لبنان، توجه ميقاتي إلى بريطانيا للمشاركة في قمة المناخ، حيث يتوقع أن يلتقي هناك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ويجري اتصالات للاجتماع بمسؤولين أميركيين، وفي جيبه ورقة من خيارين: إما توفير تغطية دولية لحكومتي أو الاستقالة!

وأشار الموقع إلى أن الوساطة مع الغرب بدأت بتواصل وزير الخارجية عبدالله بو حبيب مساء الجمعة مع مساعدة وزير الخارجية الأميركية للشرق الأوسط فيكتوريا نولاند التي أبلغته استعداد بلادها للتوسط شرط تقديم لبنان تنازلاً كاستقالة قرداحي، ثم عاد رئيس الحكومة واتصل بالمسؤولة الأميركية، وقد كان ميقاتي صريحاً في إبلاغ المسؤولة الأميركية بأنه غير قادر على إجبار قرداحي على الاستقالة، وأن استقالته ستفتح الباب على تعقيدات قد تقود إلى استقالة وزراء حزب الله وربما وزراء حركة أمل ما سيطيح بالحكومة، فانتهى الاتصال بنصيحة من نولاند لميقاتي باللجوء إلى البطريرك الماروني بشارة الراعي، علّ الأخير يقنع قرداحي أو فرنجية اللذين دعاهما إلى زيارته.

استجاب البطريرك، وطلب من فرنجية زيارته برفقة الوزير قرداحي، لكن فرنجية قرر التوجه بمفرده، وكان شديد الوضوح في القول للبطريرك بأن ما يجري ليس سوى عملية إذلال وابتزاز لن يقبل الوقوع تحتها مهما حصل، وهو لا يرى موجباً لاستقالة وزير أدلى بموقف قبل توليه منصبه، ويعبّر عن موقف سياسي مثل أي شخص في العالم، وأبلغه بأنه شخصياً لن يطلب من قرداحي الاستقالة، ولفت فرنجية انتباهَ الراعي إلى أن هذه الطريقة في التعامل لا تعكس احتراماً للبنان، وأنه لا يجوز للبنانيين الوقوع تحت ضغط هذا النوع من الابتزاز، في وقت لاحق، زار قرداحي الراعي الذي حثّه على الاستقالة مع تعمّد تسريب الطلب، فأعاد وزير الإعلام شرح موقفه، وقال إنه مستعد لأي خطوة ضمن سياق عام، لكن العلاج لا يتم على هذا النحو.

وكان فرنجية قد تشاور مع حلفائه، وسمع كلاماً واضحاً من قيادة حزب الله بأنه لا يحبذ تقديم قرداحي استقالته من الحكومة. وقال مرجع سياسي إن ميقاتي لم يهدد بإقالة وزير الإعلام لأنه تبلغ أنه في حال لم يكن موافقاً على معالجة مختلفة، فليستقل هو من الحكومة إذا وجد نفسه غير قادر على الاستمرار في مهمته أو لم يكن قادراً على تحمل الضغوط السعودية.

وأضاف الموقع بأن عدم الإقالة أو الاستقالة زاد من غضب السعودية التي بقيت مصرّة على موقفها، وزاد من هذا الغضب تسمية حكومة صنعاء شارعاً في العاصمة اليمنية باسم قرداحي، ورفع صور له، لذلك، أعطت الرياض، بحسب مصادر، "مهلة غير مفتوحة لمعالجة الوضع" لا تتعدى يومين، قبل اتخاذ قرار قطع العلاقات مع لبنان وسحب السفراء، فيما فُهم أن إقالة قرداحي أو استقالته تعيد العلاقة إلى مرحلة ما قبل كلامه، أي أن الرياض باقية على موقفها من الحكومة وعدم تقديم أي مساعدة للبنان.

ولفت الموقع إلى أن ميقاتي لا يزال يعوّل على لقاء يعقده مع وزير الخارجية الأميركي على هامش قمة المناخ المقررة في غلاسكو، من أجل تحصين حكومته في وجه رد الفعل السعودي، لكنه أُبلغ ظهر أمس، من قبِل الأميركيين، أن لا لقاء مع بلينكن، ما اعتبره أول رسالة سلبية أميركية، فعاد ليتصل بالفرنسيين الذين يقولون إنهم رتبوا اجتماعاً له مع ماكرون، ويفترض بالأخير إجراء الاتصالات لترتيب لقاءات لميقاتي مع مسؤولين أميركيين، ويشيع ميقاتي في أوساطه أنه لا يرى داعياً لبقاء الحكومة في حالة كانت تحت حصار عربي وغربي وغير قادرة على القيام بأي إصلاحات، علماً أنه يعرف أن سبب الحرص الغربي على بقاء الحكومة يتعلق بالانتخابات النيابية المقبلة التي يتوقع الغرب أن يحقق حلفاؤه فوزاً كبيراً فيها.

إلى ذلك، تبيّن أن استقالة قرداحي كانت عنواناً لنقاش موسع حول ما تقوم به السعودية في لبنان، وأن في لبنان قوى بارزة لن تقبل مقايضة استقالة وزير بعودة السفير وليد البخاري إلى بيروت، وأن الأخير بات شخصاً غير مرغوب به من قبل غالبية الشعب اللبناني، وهو محل تندّر جميع من يلتقونه، لا سيما حلفائه من الإعلاميين والسياسيين، كما أن تقارير وزارة الخارجية السعودية تصف جهده في لبنان بأنه "غير ذي جدوى".

ونقل الموقع عن مصادر واسعة الاطلاع بأن قرار السعودية قطع العلاقات مع لبنان متخذ منذ أسابيع، وأن التوقيت لم يكن يحتاج سوى إلى ذريعة تم استخراجها من تصريح لوزير الإعلام جورج قرداحي أدلى به قبل تأليف الحكومة بوقت طويل.

وذكرت المصادر أن الجانب السعودي أبلغ جهات دولية وعربية أن مشكلته تنطلق من الدور "العملاني والكبير" الذي يقوم به حزب الله في اليمن، وأن الرياض في حال إحباط نتيجة رفض الجانب الإيراني التجاوب مع طلبها التدخل لدى الحوثيين للقبول بوقف لإطلاق النار، ثم زاد الإحباط عندما طرح السعوديون مسألة "خبراء حزب الله في اليمن" وجاءهم الجواب الإيراني: اذهبوا إلى بيروت وابحثوا الأمر هناك!

وكان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أعلن صراحة في مقابلة مع شبكة «سي أن بي سي» الأميركية، بأن سبب الوضع الحالي بين السعودية ولبنان "أوسع من مجرّد تعليقات وزير واحد"، وأن المشكلة هي في "واقع أن المشهد السياسي في لبنان لا يزال يُهيمن عليه حزب الله".

المصدر: الأخبار اللبنانية