ماذا تعرف عن "الكيتامين" الحل السحري الجديد للإدمان؟

خلص باحثون إلى أن تناول جرعةً واحدةً من "الكيتامين" قد يقلل من مشكلة إدمان شرب الكحول لدى العديد من الناس، وفق دراسة نشرت في مجلة "Nature Communications ". وقال الباحثون، إن الدواء المهلوس " الكيتا

خلص باحثون إلى أن تناول جرعةً واحدةً من "الكيتامين" قد يقلل من مشكلة إدمان شرب الكحول لدى العديد من الناس، وفق دراسة نشرت في مجلة "Nature Communications ".

وقال الباحثون، إن الدواء المهلوس " الكيتامين "، إذا تم تناوله في السياق الصحيح ، قد يكون قادراً على إضعاف الرغبة الشديدة التي تدفع الناس إلى شرب البيرة وإدمان الكحوليات .حيث كان تأثير "الكيتامين" على شرب الناس متواضعاً.

ويقول ديفيد إبشتاين، الباحث في مجال الإدمان في المعهد الوطني لتعاطي المخدرات في بالتيمور: "إن النتائج قد تكون تدريجية وتحتاج وقتاً من الزمن، فهي تراكمية تبدأ من التأثيرات الصغيرة لتنسج قصةً كبيرة".

وأضاف:  " إذا كانت تجربةٌ واحدة تبدو صغيرة في المختبر،  واستطاعت أن تنتج أي تأثيرات يمكن اكتشافها لاحقاً وترجمتها في الحياة الحقيقية، فمن المحتمل أن البيانات تشير إلى شيء مهمٍ للغاية".

تتوقف الدراسة على فكرة أن الإدمان، بطريقةٍ ما، هو اضطرابٌ في الذاكرة والسلوك. حيث يتعلم الناس ربط المخدرات أو الكحول بالمشاعر الجيدة التي تجلبها لهم أثناء تعاطيهم لها. ومن ضمن تلك المغريات بعض الأشياء البسيطة التي توقد رغبة الانسان للشرب، مثل رائحة أو صورة الجعة، التي يمكن أن تثير تلك الذكريات الجيدة والرغبة الشديدة لشرب البيرة .

ويقول المؤلف المشارك في الدراسة رافي داس، عالم الأدوية النفسي بجامعة لندن كوليدج: " نحاول تحطيم تلك الذكريات لمنع هذه العملية من الحدوث ومنع الناس من الانتكاس في مرحلة ما بعد زوال تأثير الكحول".

الكيتامين، هو مخدر قوي، و قد أظهر أيضاً أنه إذا تم تناوله بجرعاتٍ منخفضة يمكن أن يعد كعلاجٍ للاكتئاب الشديد. ويمكن أن يؤثر الدواء أيضاً على الذكريات أو يحدث خللاً فيها . فأحد تأثيرات الكيتامين في الجسم هو التداخل مع جزيء يسمى (NMDA)، والذي يشارك في إصلاح الذكريات بعد استدعائها من قبل شبة الخلايا العصبية المركزية في الدماغ.

وقد قام داس وزملاؤه بتجنيد 90 شخصاً قالوا، إنهم شربوا الكثير من البيرة، رغم أنه لم يتم تشخيص أي منهم رسمياً بإدمان الكحول. ثم عُرض على  المشاركين صور البيرة ثم شربوا كأساً منها في المختبر. وخلال التجربة، قاموا بتقييم الرغبة الشديدة لشرب البيرة، والتمتع بشرب، وبعد أن اختفت البيرة، كان هناك رغبة في الحصول على واحدة أخرى لديهم.

وبعد بضعة أيام، عاد المشاركون إلى المختبر، وتم تقسيمهم إلى ثلاث مجموعاتٍ منفصلة. حيث عُرض على أشخاص من مجموعة واحدة مرة أخرى صوراً للبيرة لاستثارة ذكرياتهم، ولجعل الذاكرة تتذكر بشكلٍ أقوى، قدم الباحثون لهم البيرة الفعلية، ولكن بعد ذلك أخذوها بعيداً قبل أن يتمكن المشاركون من شربها. حيث يقول داس إن: "مناورة الطعم و التبديل كانت أساسية في التجربة، عليك أن تولد عنصر المفاجأة ".

وللمقارنة، جرى عرض صور لعصير البرتقال على المجموعة ثانية بدلاً من البيرة. ثم حصل الأشخاص في كلتا المجموعتين على جرعة من الكيتامين في الوريد. أما المجموعة الثالثة كان لديها ذكريات البيرة التي تم استثارتها، لكنها لم تتلق الكيتامين على الإطلاق .

وبعد أسبوعٍ من الإجراء، أبلغ الأشخاص الذين عانوا من ذكريات الجعة قبل تلقي الكيتامين عن رغبةٍ أقل للشرب، وأقل تمتعًا بالبيرة، وهو انخفاضٌ لم يكن قوياً لمجموعتي المشاركين الآخرين. بينما الأشخاص الذين لديهم ذكريات عن شرب البيرة وتلقوا الكيتامين أبلغوا أيضاً عن تناول كميات أقل من الكحول خلال الاسبوع .

يقول داس إن:" النتائج كانت مفاجئةً لهم، لأن محاولات الحد من شرب الناس للكحول في حياتهم اليومية نادراً ما كانت ناجحة".

وبعد تسعة أشهرٍ من الإجراء، قام جميع المشاركين، بمن فيهم أولئك الذين لم يتلقوا الكيتامين، بتقليص نسبة شربهم من البيرة إلى النصف تقريباً، وهو انخفاضاً شامل يمكن تفسيره بالوعي الذاتي الذي يأتي ببساطة من التسجيل في الدراسة.

ويقول ابشتاين: " يمكن أن يتغير السلوك لكل الأسباب التي لا تتعلق بالمعالجة التجريبية، حيث أن الشيء المثير للاهتمام هنا هو التراجع الأولي في شرب البيرة بين الأشخاص الذين تناولوا الكيتامين بينما تم تذكيرهم بالبيرة أيضاً ".

لكن، ما يزال هناك حاجةٌ إلى مزيد من البحوث لتأكيد تأثير الكيتامين على المدى القصير على الشرب، ومعرفة المدة التي قد يستمر تأثيره عليهم . ويخطط داس وزملاؤه اختبار الكيتامين على عدٍد أكبر من الأشخاص الذين يعانون من عادات الشرب الإشكالية في التجارب السريرية القادمة، حيث يحاول الباحثون أيضاً إضعاف أنواعاً أخرى من الذكريات الإشكالية، مثل أولئك الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة (التروما).

وكدواءٍ يمكن تعاطيه، يأتي الكيتامين بتوصيفات قد تجعل الناس يترددون في رؤيته كوسيلة لعلاج الإدمان  ولكن إذا كانت جرعةٌ واحدةٌ من الكيتامين يمكن أن تبطئ من الإفراط في شرب الكحوليات فلا بأس بها . ويقول داس: " إذن فهذه مقايضةٌ سهلة للغاية من منظورٌ صحي، فإذا نجحت، فلا بأس بتناوله ".