أخبار

موقع فرنسي يكشف عن وثيقة مسربة تتضمن خطط فرنسا وقطر لإشعال الأحداث في سورية وإسقاط الأسد

11 تشرين الثاني 2021 11:55

تعددت التسريبات التي تتحدث عن أدوار لبعض الدول في الأحداث التي جرت في سورية وغيرها من البلدان العربية فيما سمي الربيع العربي، وكان آخرها ما نشره موقع بلاست الفرنسي المستقل، عن وثيقة مسربة تتضمن تقريرا عن اجتماع قطري فرنسي للتخطيط لإسقاط الرئيس السوري وفق ما أورده الموقع.

حيث سلط مقال بعنوان "البعد القطري: عندما خططت فرنسا وقطر للحرب في سوريا"، نشره موقع بلاست، الضوء على الدور الذي لعبته فرنسا ودولة قطر في كل ما جرى في سورية، بعد تعاونهما الكامل في أحداث ليبيا، وفقا لما ذكره موقع syriapage.

فقد كشف موقع بلاست، عن وثيقة مسربة تتضمن محضر اجتماع عقد في سبتمبر 2011، بين الفيلسوف الفرنسي برنارد هنري ليفي المقرب من إسرائيل والذي وصفته الوثيقة بأنه ممثل الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، وبين السيد حمد بن جاسم رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق لدولة قطر.

وبحسب الموقع الفرنسي، فإن قطر كتبت سيناريو السقوط المأمول للرئيس السوري بشار الأسد بوجود مبعوث مفاجئ لفرنسا: برنارد هنري ليفي، بعد سقوط طرابلس في أيلول 2011 بفضل المجهود الحربي الفرنسي الذي قد تكون قطر قد قامت بتمويله، مما يتضح من خلاصة الاجتماع الذي ذكر في الوثيقة المسربة.

ويبدأ الموقع بسرد الدور الفرنسي في الأحداث في ليبيا، معيدا إلى الأذهان زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى ليبيا للاحتفال بالاستيلاء على بنغازي، والذي كان برفقة ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني، وآلان جوبيه وزير خارجيته، وكان رئيس الدولة الفرنسي محاطًا أيضًا برجل آخر، والذي كان دوره يبرر وجوده، وهو برنارد هنري ليفي الذي بذل قصارى جهده لإقناع رئيس الجمهورية بإشراك فرنسا في هذه المغامرة، وهو أيضاً الشخص الذي هيأ الأذهان، وضاعف عدد المداخلات في وسائل الإعلام، التي كانت تفتح له الميكروفونات.

ويتابع الموقع بأن الفيلسوف ورجل الأعمال برنارد هنري ليفي ابتهج في فورة التحرير، في بنغازي يوم الخميس 15 سبتمبر أيلول 2011، وبعد أيام قليلة، تم اعتراض قافلة على الطريق المؤدي إلى سرت: في 11 تشرين الأول أكتوبر2011، لتضع حدا لحياة الزعيم الليبي معمر القذافي، في ظل ظروف غامضة لم يسلط عليها الضوء قط.

وأوضح الموقع بأن الانتصار في ليبيا كان بالنسبة للرئاسة الفرنسية كاملاً، ولكن ما مستقبل البلد؟ هذه قصة أخرى، وفي أيام المجد هذه، يتطلع الرعاة الفرنسيين والقطريين وممولي العملية الليبية نحو هدف جديد.

حيث احتوت الوثيقة الجديدة التي كشف عنها الموقع على تقرير عن اجتماع لم يحدد مكان انعقاده، إلا أن الوثيقة حملت تاريخ 20 سبتمبر أيلول 2011.

وبحسب الوثيقة فقد عقد الاجتماع بين رئيس حكومة الدوحة وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ومبعوث من باريس، يقدم على أنه "المستشار والمبعوث الخاص لفخامة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي" اسمه برنارد هنري ليفي! نفس الرجل الموجود في بنغازي قبل 10 أشهر، وهو الشخص الذي قال في نيسان / أبريل الماضي، بأنه لم يكن لديه أدنى اتصال، من أي نوع، مع قطر.

ووفقاً للموقع، فقد قال ليفي في هذه الوثيقة لرئيس الوزراء القطري: "نحن فخورون بشراكتنا معك، لقد نجحنا في تحقيق أهدافنا المشتركة في ليبيا، لن تنسى فرنسا الدور الهائل الذي لعبته قطر في ضمان إمداد أوروبا بالطاقة لعقود قادمة، ولا الدور الذي تواصل القيام به في دعم انتفاضات الدول في نضالها من أجل الحرية والديمقراطية وبناء شرق أوسط جديد خالٍ من أي شكل من أشكال الديكتاتورية، ولن يكون هناك شرق أوسط جديد ولا استقرار إلا مع رحيل الرئيس الأسد والأنظمة الدكتاتورية الأخرى في المنطقة".

ويذكر تقرير الاجتماع بأن ضيف رئيس الوزراء القطري تحول إلى أمور خطيرة وحدد الهدف بأنه الرئيس الأسد الذي يجب رحيله.

وتتابع الوثيقة بأن رئيس مجلس الوزراء في الإمارة الخليجية أخذ دوره في الكلام لكشف النقاب عن الخطة التي ينوي تنفيذها للإطاحة بالرئيس السوري والتي يبدو أنها تشهد على مناخ من الثقة الكاملة.

حيث قال الشيخ حمد بن جاسم، وفق ما هو مذكور في تقرير الاجتماع: "اتفقنا مع المعارضة على أنه بمجرد انسحاب القوات السورية من البلدات والقرى، يدعو منظمو التظاهرات إلى النزول إلى الشوارع ولاحتلال الأماكن العامة في المدن الكبيرة والمدن ذات الأغلبية السنية الأخرى، سيحاول الأسد قمع المتظاهرين، عمليات القتل – خاصة لكبار السن والأطفال – أمام وسائل الإعلام والمراقبين العرب ستثير غضب الناس"، ويتابع السياسي القطري رسم ملامح الفتنة بقوله: "ستشكل جنازات الضحايا وقوداً للثورة والعنف وستسبب انقسامات داخل الجيش والسلطة".

وأضاف: "في ذلك الوقت، سيحتل الثوار المسلحون بحرية الأماكن التي كان الجيش فيها ويجتاحون الأحياء المأهولة بالسكان في المدن، وبذلك ينقلون القتال من الريف إلى داخل المدن، لا سيما دمشق وحلب".

ويلفت الموقع إلى توالي الأحداث في ظل الفوضى الناشئة على هذا النحو المأمول، والتي ستؤدي إلى حصار النظام السوري، حيث تبين السطور التالية من التقرير بأن آلاف المتظاهرين سينظمون ثورات ويطالبون بالسلاح في المدن حيث لن يتمكن الجيش السوري من نشر مدفعيته الثقيلة لعبور الشوارع المزدحمة بالثوار، وسيعزز هذا التمرد لاحتلال المزيد من الأحياء والأماكن الاستراتيجية للمدن وفرض نفسه في البلاد.

وبحسب التقرير فإن الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني أعلن خطة من 5 نقاط، في معرض رده على ليفي الذي يريد معرفة كيفية تغيير المعادلة في الدولة.

ويوضح الموقع نقلا عن التقرير بأن الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ينوي الاستفادة من زلات الأسد لإسقاطه، فهو سيدفع الأمور باتجاهات للاعتماد على أخطاء النظام السوري.

حيث قال بن جاسم: "سنسحب الوفد العربي قبل أن ينهي عمله حتى لا يتمكن النظام السوري من تنفيذ خطة الجامعة العربية لإنهاء العنف وحماية المدنيين وأن النظام السوري يتحمل المسؤولية الكاملة عن ذلك"، "يجب استخدام كل شيء، وسائل الإعلام، كناقل للآراء، ستكون أجزاء أساسية من الآلية، وينبغي أن يتبع ذلك عمليات تصعيد إعلامي لإثارة مشاعر العداء لدى الشعوب الغربية والعربية ضد الرئيس الأسد وعائلته وجميع أصدقائه المقربين، وبالتالي تحميلهم مسؤولية الاغتيالات والجرائم، بحق المتظاهرين".

كما يطرح تقرير هذا الاجتماع أوراق أخرى، في لعبة معارضي الرئيس السوري، فيعتبر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني بحسب التقرير، بأن "الحل الأخير للقضاء على الأسد، هو دعم الجيش الحر والمتمردين بالسلاح، ولا سيما الأسلحة النوعية، لخلق توازن الردع وإرسال تعزيزات لهم من قبل مقاتلين أجانب ذوي خبرة كبيرة وجهاديين، وكذلك من خلال إنشاء مخيمات عسكرية في الدول الحدودية، ولا سيما في إسرائيل، لتدريب المسلحين وتدريب المتطوعين وتزويدهم بالدعم اللوجستي كما هو الحال في تركيا، وفتح ممرات آمنة لهم في سورية".

أما برنارد هنري ليفي، ففضل التركيز على الجوانب العملية بحسب التقرير بقوله: "عليك فقط توفير المال وستتولى شبكاتنا الإعلامية والأمنية، عند انسحاب القوات السورية، إرسال آلاف الرسائل الهاتفية والبريدية، وستدعو القنوات التلفزيونية الشعب السوري والطائفة السنية لاغتنام فرصة تواجد الإعلام الأجنبي والمراقبين العرب للنزول إلى الشوارع واحتلال الساحات العامة بالمدن الكبرى، خاصة دمشق وحلب".

وينوه الموقع إلى نهاية الصفحة 4 من المحضر حيث يطلب الضيف ليفي، من رئيس حكومة الدوحة تمويل عمليات الدعم الفرنسية، معتبراً أنهم يهدفون بشكل خاص إلى تضخيم صفوف معارضي الأسد الذين يجب أن يثوروا.

ويتابع برنارد هنري ليفي الذي يتبين من خلال التقرير الذي أورده الموقع، بأن لديه أيضًا أفكار في مسائل الإستراتيجية العسكرية لتضخيم صفوف المتمردين السوريين، قائلاً: "سيكون هناك حل، انتهت القوات الفرنسية في ليبيا من تدريب عدد كبير من المقاتلين الليبيين تحت قيادة السيد حاراتي وسيتم إرسالهم قريبًا إلى سورية لمساعدة الجيش الحر، سأتحدث مع الرئيس ساركوزي حول إمكانية تزويدهم بالسلاح المناسب وسأتحدث مع أصدقائي من الشيشان لإرسال مقاتلين متمرسين".

ولفت الموقع إلى أن هذا السيد حاراتي الذي ذكره ليفي BHL، بحسب هذه الوثيقة القطرية، يسمى عبد المهدي الحاراتي: أحد أفراد لواء طرابلس، هذا الليبي شارك في الاستيلاء على العاصمة في أغسطس آب2011، وقد تم العثور عليه بالفعل في سورية في صفوف التمرد المسلح، كما قالت الصحفية إيديث بوفييه في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011، في تقرير نشرته صحيفة لو فيغارو.

وبين الموقع بأن هذه ليست النقطة الوحيدة التي تحققت في الخطة الفرنسية القطرية التي تم الكشف عنها في هذه الوثيقة، في الواقع، من نهاية عام 2011 إلى بداية عام 2012، تطابق تسلسل الأحداث أيضًا مع السيناريو الذي تم تطويره خلال هذا الاجتماع السري، وهكذا وقعت سورية وجامعة الدول العربية في 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 اتفاقية لإنهاء العنف وسحب الجيش من المدن، لكن اعتبارًا من 8 تشرين الثاني (نوفمبر)، لاحظت الجامعة نفسها أن الحكومة السورية لا تحترمها، ففي 12 تشرين الثاني (نوفمبر)، أعلنت هذه الجامعة استبعاد سورية، مرت أسابيع قليلة، وفي نهاية كانون الأول 2011، وافق نظام بشار الأسد على اقتراحها بنشر مراقبين على الأرض لوضع حد للعنف، لكن في مواجهة استمرار الحرب الأهلية حدث تحول جديد: الجامعة العربية تسحب مراقبيها نهاية كانون الثاني 2012.

ويشير الموقع إلى أنه وفي وقت لاحق، كشفت الحقائق التاريخية، بأنه وطيلة هذه الفترة، كانت قطر في مقعد القيادة، بل إن الإمارة القطرية تترأس الجامعة العربية حتى مارس آذار2012!

واعتبر الموقع أن الإمارة أخطأت بأمر وحيد في النهاية على مقعد تجربة التاريخ، حيث ثبت أنه كان حاسمًا ومنع خطتها من النجاح: كانت قطر تأمل في ثني روسيا لمنعها من دعم النظام السوري عسكريًا، لم تكن تعرف فلاديمير بوتين وفهمه للمصالح الاستراتيجية لبلاده، من ناحية أخرى، كان للدعم العسكري والمالي الذي نظمته الدوحة والذي ساهمت فيه دول عربية أخرى مثل المملكة العربية السعودية، نتيجة ملموسة للغاية: فقد مكن الجماعات الإرهابية الإسلامية جبهة النصرة "الفرع السوري للقاعدة"، وداعش من رؤية صفوفهم تنمو بسرعة، بعد بضع سنوات، سيتم اتهام قطر رسميًا أيضًا بتمويل داعش، تم توجيه اتهامات بعد الهجمات الدموية التي ارتكبتها الجماعة الإرهابية الإسلامية حول العالم، وخاصة في فرنسا، في 13 نوفمبر تشرين الأول 2015.

لتنهي مداخلة أخيرة لرئيس مجلس الوزراء القطري الصفحة الأخيرة من محضر اجتماع الثلاثاء 20 سبتمبر أيلول 2011 الذي يحمل توقيع عبد الله بن عيد السليطي رئيس ديوانه، بقول بن جاسم: "وسنتكفل بتقديم الدعم المالي المطلوب".

ويختم الموقع متسائلا أمام هذه الصورة الرهيبة، إن كان ما جرى ممكنا لولا مساعدة فرنسا لتقوية المتمردين السوريين، بعد أن تصرفوا بنفس الطريقة في ليبيا، ليجيب معتمداً على العديد من الوثائق التي نشرتها Blast للعموم لعدة أشهر، بأن فرنسا تتبع ومواءمة سياستها الخارجية مع سياسة دولة صغيرة، بمليارات الدولارات من الغاز الذي تجلس عليه، ليخلص الموقع إلى أن هذه القصة السرية هي قصة العلاقة مع قطر.


المصدر: syriapage