منذ بدء فيروس كوفيد-19، نقلت العديد من الدراسات البحثية أن 80 إلى 90٪ من المصابين بفيروس كوفيد-19 يعانون من حالات خفيفة فقط، ومع ذلك، يبقى السؤال، لماذا يواجه هؤلاء الـ 10 إلى 20٪ أعراضاً أكثر خطورة أو تهدد حياتهم؟
الفئران التي تمتلك أنظمة مناعية شبيهة بالإنسان
قرر الباحثون في مختبر ريتشارد فلافيل من جامعة ييل طرح هذا السؤال على فأر، أو بالأحرى على الفئران التي صمموها لامتلاك أنظمة مناعية شبيهة بالإنسان.
أفاد الباحثون في 17 كانون الأول في مجلة "تقنيات علم الأحياء الطبيعية"، أن هذه "الفئران المتوافقة مع البشر" كشفت أن أسباب إصابات فيروس كورونا الشديدة قد تكمن في استجابتنا الالتهابية المضادة للفيروسات ضد الفيروس.
دراسة: أسباب الإصابة بعدوى كورونا الشديدة تكمن في الاستجابة الالتهابية المضادة للفيروسات
الأجسام المضادة أحادية النسيلة
أظهرت الدراسة أيضاً أن اثنين من العلاجات المعروفة، وهي الأجسام المضادة أحادية النسيلة وديكساميثازون الستيرويد، يمكن أن تساعد في علاج عدوى فيروس كوفيد-19.
ولكن في حالة الأجسام المضادة، لا يكون العلاج فعالاً إلا إذا تم تناوله في وقت مبكر من مسار المرض، وفي حالة المنشطات، فهي فعالة فقط إذا تم تناولها خلال مراحل لاحقة من المرض.
استجابات الجهاز المناعي المختلفة للفيروس
جعلت استجابات الجهاز المناعي المختلفة للفيروس، كما لوحظ في حيوانات المختبرات القياسية والبشر، من الصعب على العلماء تحديد نقطة التحول بين الحالات الخفيفة والحادة لفيروس كوفيد-19، لكن فئران فلافيل المصممة بحيث يكون لها نظام مناعي شبيه بالإنسان قدمت فرصة للإجابة على السؤال.
قام الباحثون بتعديل نظام المناعة لدى الفئران وراثياً لجعله أكثر شبهاً بالإنسان، بحيث تعبر الفئران أيضاً عن السيتوكينات البشرية، وعوامل النمو التي يفرزها الكبد، وخلايا أخرى في الجسم تعتبر منظمات أساسية لتكاثر الخلايا الجذعية ونضجها، وتقبل هذه الفئران المتوافقة مع البشر الخلايا البشرية وتغذيها، وخاصة الخلايا الجذعية لنخاع العظام، دون تدميرها والسماح لها بتكوين خلايا دم ناضجة.
وقال فلافيل، أستاذ علم الأحياء المناعي بجامعة ييل وكبير مؤلفي الورقة البحثية: "إذا أصبت فأر مختبري عادي بفيروس سارس-كوفيد-2، فسوف يصاب بالعدوى، لكن لن يصاب بمرض خطير، لكن فئراننا المتوافقة مع البشر تمرض ولا تتحسن، فنظامهم المناعي كله يصبح متعباً".
أبحاث السرطان
قام فريق البحث، الذي قاده المؤلف الأول إيسين سيفيك، الباحث في معهد هوارد هيوز الطبي في مؤسسة دامون رونيون لأبحاث السرطان، بإدخال فيروس سارس-كوفيد-2 المأخوذ من مرضى بشريين مصابين بأمراض خطيرة إلى الممرات الأنفية الخاصة بالفئران ثم اتبعت مسار المرض.
ووجدوا أن الفئران المصابة ظهرت عليها نفس أعراض المرضى المصابين بأمراض خطيرة، مثل تلف الرئة، وفقدان الوزن، والاستجابة المناعية الالتهابية المتزايدة والمستمرة التي تدمر الأنسجة، ثم عالجوا الفئران بأجسام مضادة وحيدة النسيلة قدمها ميشيل نوسينزويغ، عالم المناعة في جامعة روكفلر، ووجدوا أن هذه الأجسام المضادة، التي تستهدف الفيروس تحديداً، كانت فعالة إذا تم إعطاؤها قبل الإصابة أو في وقت مبكر جداً بعد الإصابة، لكنها لم تفعل شيئاً يذكر لخنق الأعراض إذا تم إعطاؤها في مراحل لاحقة من العدوى.
وعلى العكس من ذلك، وخلال المراحل المبكرة من العدوى، كان ديكساميثازون المثبط للمناعة قاتلاً للفئران عندما قام بقمع الاستجابة المناعية الأولية الحاسمة لمكافحة الفيروس، ومع ذلك، فقد ساعد في إزالة العدوى خلال المراحل المتأخرة من المرض عن طريق قمع الاستجابة الالتهابية التي بدأت في إتلاف الأعضاء.
وقال الباحثون: "في وقت مبكر من المرض، تكون الاستجابة المناعية القوية حاسمة للبقاء على قيد الحياة، أما في وقت لاحق من المرض، يمكن أن يكون مميتاً".
عدوى كورونا الطويلة والشديدة
هذا وقال العلماء أن نماذج الفئران المتوافقة مع البشر قد تكشف أيضاً عن أدلة قوية للأسباب والعلاجات المحتملة لما يسمى بعدوى فيروس كورونا الطويلة والشديدة.