بعد أن أصدرت محكمة بريطانية حكما يلزم مصرفين لبنانيين بتحويل وديعة يطلب بها أحد المودعين إلى حساب بإشراف المحكمة خلال مهلة تنتهي في 4 آذار الجاري، بدأت المخاوف من استمرار صدور هذه الأحكام في الخارج الأمر الذي يلزم المصارف بالتنفيذ دون وجود مانع قانوني يوقف التنفيذ.
حيث أفادت صحيفة الأخبار أنه وبحسب أمر قاضي محكمة كوينز بنش البريطانية، يتوجب على «بنك عوده» أن يحوّل إلى الخارج 403 آلاف جنيه استرليني، و324 ألف دولار، و218 ألف يورو، وعلى «سوسيتيه جنرال بنك» أن يحوّل 537 ألف جنيه استرليني و2.177 مليون دولار.
ولفتت إلى أن الحكم سيصدر بعد عودة القاضي من إجازته، و«الأمر» هو مجرّد ضمانة تنفيذ الحكم بعد صدوره معللاً. إلا أنه بحسب مطلعين، فإن الحكم كما ورد في حيثيات القضية والمسار الذي تبنّاه القاضي، جاء مبنياً على أن القانون اللبناني والأعراف اللبنانية أعطت الحق في التحويل إلى الخارج، وهو أمر لا يمكن أحداً منعه إلا في ظل تدابير قانونية معاكسة مثل الكابيتال كونترول، وطالما أن مثل هذا القانون لم يصدر بعد، فلا أحد يمكنه منع التحويل إلى الخارج.
وأوضحت بأن الحكم بعد صدوره سيكون قابلاً للطعن، إلا أن المشكلة في أن القانون الإنكليزي يتعامل مع القانون اللبناني باعتباره أحد وقائع القضية، وليس باعتباره قانوناً نافذاً في بريطانيا حيث ما من قانون نافذ سوى القانون البريطاني. وهذا يعني أن استئناف الحكم لن يعطي نتيجة لأن محكمة الاستئناف لن تعيد درس القضية انطلاقاً من دراسة القانون اللبناني، بل في أن هذا القانون إضافة إلى القرارات الصادرة عن المحاكم اللبنانية بالجملة ضدّ المصارف، هي إثباتات قاطعة على أن حقّ التحويل ما زال قائماً للمودعين. بمعنى آخر، سيكون الاستئناف شكلياً وصعباً جداً تجاه كسر الحكم.
وأشارت إلى أن هذا الحكم أثار بلبلة واسعة بين المصارف في لبنان، وقلقاً من أن يسعى مودعون آخرون من حاملي الجنسية البريطانية إلى رفع دعاوى ضد المصارف في لبنان وإجبارها على تحويل ودائعها إلى الخارج، ولا سيما من كبار المودعين القادرين على تحمّل مصاريف الدعاوى، ولا شيء يمنع أن تكون هناك دعاوى جماعية من مودعين لديهم ودائع أقل وقدرات مالية أدنى.
ووفق الصحيفة فقد تبين إزاء ذلك بأن المصارف المعنية أعدت نماذج ستفرض على الزبائن توقيعها لتفادي قرارات من هذا النوع مستقبلاً، وقد سُرّبت نماذج معدّة من قبل عدة مصارف تفرض على المودع التنازل عن حقوقه في رفع الدعاوى في الخارج، ويفرض عليه أن يوافق على أن تقاضيه ودائعه بالشيك المصرفي ينطوي على قوّة إبرائية تفوق قوة القانون الذي يفرض عليهم إجراء التحويل إلى الخارج.
ونقلت الصحيفة عن مصادر معنية قولها بأن المصارف اللبنانية باتت تستعجل إصدار مجلس النواب تشريعاً شاملاً يقضي بمنع التحاويل الى الخارج (كابيتال كونترول) كي تستند إليه في إجراءات عدم الاستجابة لطلبات المودعين تحويل أموالهم الى الخارج. وهذا يعفي المصارف عملياً من أي ملاحقة قضائية في لبنان أو خارجه، علماً بأن المصارف تخشى من الملاحقات الخارجية بسبب قدرة المحاكم هناك على وضع يدها على موجودات تخص المصارف نفسها أو أصحابها أو كبار المساهمين فيها، كما أن المحاكم العالمية قادرة على تعطيل العمليات المالية لأي مصرف لا ينفذ أحكامها.
المصدر: الأخبار اللبنانية