تم فك شفرة الحمض النووي البشري منذ سنوات عديدة، ومع ذلك، ظل علماء الأحياء غير مدركين لأجزاء معينة من الحمض النووي المسؤولة عن النمط الظاهري الخلوي، وهي الخصائص المرصودة للخلية.
تمكنت مجموعة من الباحثين بقيادة البروفيسور جوناثان ويسمان من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا من تحقيق قفزة علمية عظيمة أخرى إلى الأمام من خلال فك رموز مسؤولية كل جزء من الحمض النووي البشري في عمل الخلية.
أسرار تكشف عن بعض وظائف أجزاء الجينوم البشري
يأتي اكتشافهم بعد حوالي 20 عاماً من إكمال تسلسل الجينوم البشري، ونُشرت النتائج في المجلة العلمية "سيل"، وستكون "شاشة" جميع الروابط المعينة بين الحمض النووي والوظائف متاحة للباحثين الآخرين لدراستها.
يضع البحث نفسه الأساس لمزيد من التجارب، ربما من مجالات أخرى في علم الأحياء، في الجينوم وعمل الخلية، وتُظهر الشاشة المعينة كيف يؤثر تشغيل وإيقاف تشغيل أجزاء معينة من الحمض النووي البشري على التعبير عن الحمض النووي الريبي داخل الخلية، وهي معلومات مشفرة وراثياً تنظم كل نشاط الخلية، حيث يمكن لخلل الحمض النووي الريبي أن يتلف الخلية بسهولة، كما هو الحال مع السرطان.
علاقات النمط الجيني بالنمط الظاهري للجينوم
وقال الباحث الرئيسي في الدراسة، البروفيسور جوناثان ويسمان: "إنه مورد كبير في الطريقة التي يعتبر بها الجينوم البشري مورداً كبيراً، حيث يمكنك الدخول وإجراء بحث قائم على الاكتشاف، فبدلاً من تحديد علم الأحياء الذي ستنظر إليه مسبقاً، لديك هذه الخريطة من علاقات النمط الجيني والنمط الظاهري ويمكنك الدخول إلى قاعدة البيانات وفحصها دون الحاجة إلى إجراء أي تجارب".
تجارب أدت الى اكتشاف أسرار الجينوم البشري
تم تحقيق تعيين الوظائف باستخدام طريقة "بيرتورب-سيك" لإيقاف أجزاء معينة من الحمض النووي ثم دراسة كيفية تأثير ذلك على الخلايا الفردية، واستخدم الباحثون خطوط خلايا سرطان الدم وخلايا الشبكية غير السرطانية في هذه الدراسة، لكنهم يأملون في إجراء تجارب مماثلة على أنواع أخرى من الخلايا في المستقبل.
في المحاولات السابقة لدراسة وظائف الجينوم، كان العلماء قادرين فقط على النظر إلى مجموعات الخلايا ذات الجينوم المتغير، والتي ثبت أنها عديمة الفائدة في كثير من الحالات حيث تصرفت بشكل مختلف عن نفس التغييرات في الحمض النووي.
الكروموسومات و اختلال الصيغة الصبغية
وثبت أن هذا الأخير ناتج عن جينات معينة مسؤولة عن فصل الكروموسوم الذي يمكن أن يؤدي إلى اختلال الصيغة الصبغية، وهي عملية تفقد فيها الخلية أو تكتسب كروموسوم، وينتهي بها الأمر أحياناً بصبغي إضافي أو مفقود، وأصبح هذا الاكتشاف ممكناً فقط بفضل بحث البروفيسور ويسمان الذي سمح بالنظر في خلايا منفصلة.
هناك المزيد من الاكتشافات العملية فيما يتعلق بالجينوم البشري لم تأت بعد، فمن خلال خريطة وظائف الخلايا المعتمدة على الحمض النووي التي أنشأها فريق ويسمان، سيكون من الأسهل على علماء الأحياء دراسة آثار الضرر في أجزاء معينة من الحمض النووي على الكائن الحي بشكل عام والتأثيرات المحتملة للتلاعب بالجينوم.