هوكشتين يتعمد إطالة مفاوضات ترسيم الحدود.. خطة لفرض وصاية دولية في البحر

ارتفاع مؤشرات الحرب.. هوكشتين يخادع وفخ جديد ينتظر لبنان

أشارت صحفة الأخبار اللبنانية إلى أن الأجواء الإيجابية التي راجت في شأن قرب التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية، لا تلغي الحذر الشديد من مناورة إسرائيلية - أمريكية لمرحلة ما بعد الترسيم لناحية فرض وصاية دولية على البحر من خلال دور جديد لقوات الطوارئ الدولية كما هي الحال على البر.

ولفتت إلى أنه وسط تأكيد مصادر معنية في بيروت أن لبنان ينتظر أن يتسلّم من المبعوث الأميركي لترسيم الحدود البحرية عاموس هوكشتين ورقة خطية خلال ثلاثة أيام، جرى تداول أنباء أمس عن أنه سلّم مسؤولين لبنانيين إحداثيات خط العوامات البحرية تحضيراً لإرسال عرضه الكامل الأسبوع المُقبل، فيما عادت إسرائيل إلى التهويل.

وأضافت الصحيفة، عاد الإسرائيليون أمس إلى لهجة التهويل من زاوية تعيين قائد جديد للقيادة الشمالية وتسريب هذه القيادة تهديدات لحزب الله. وتحدثت القناة 12 عن تقرير للقيادة الشمالية خلاصته أنه هناك «إمكانية لمواجهة مع حزب الله قريباً». في وقت حذّر قائد المنطقة الشمالية المعيّن حديثاً اللواء أوري غوردين أن «المنظر الخلاب الهادئ في الجليل الأعلى والجولان يمكن أن يكون خادعاً، ولا يعكس عدم الاستقرار والأرض المضطربة إلى الشرق والشمال».

وقد كان لافتاً ما نقلته صحيفة «إسرائيل اليوم» عن مسؤول سياسي أنه «بمجرد أن تصبح منصة كاريش جاهزة للعمل، سنقوم بتشغيلها كما هو مخطط لها. وسيكون حزب الله قد ارتكب خطأ كبيراً في الحسابات إذا هاجمها». كما نقل موقع «مكور ريشون» اليميني عن مصدر سياسي أن «الأسابيع المقبلة حرجة للغاية. نحن نحقق تقدماً ولكن لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به. وعلى الحكومة اللبنانية أن تقرر أنها تريد اتفاقية».

من جهته تحدث موقع «واللاه» العبري أمس عن تدخل الرئيس الأميركي جو بايدن شخصياً في مفاوضات الترسيم. ونقل أن بايدن أكّد خلال المحادثة الهاتفية الأخيرة مع رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لابيد «أن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل ملف مهم ومُلح... وعدم وجود اتفاق بينهما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المنطقة»، معرباً عن «اهتمامه بالتوصل لاتفاق خلال الأسابيع القليلة المقبلة».

أما في بيروت، ورغم ظهور مناخات إيجابية لدى الرؤساء الثلاثة بعد زيارة هوكشتين الجمعة الماضي، إلا أن الجميع لاحظ أن ما يؤرِق الكيان والولايات المتحدة والأوروبيين هو ضبط الأصابع القابضة على الزناد لتجنيب منطقة الشرق الأوسط حرباً مفتوحة ومدمرة، مع العمل على الوصول إلى اتفاق وفق توقيت يناسب إسرائيل. وبعد الفشل في انتزاع ضمانات من المقاومة بعدم التصعيد، لجأوا إلى المماطلة الديبلوماسية للإيحاء بأن الأمور تسير على المسار الصحيح في انتظار جلاء بعض التفاصيل… حيث يكمن الشيطان عادة.

وأوضحت الصحيفة بأنه في كل مرة يأتي هوكشتين يسحب من قبعته مطلباً إسرائيلياً جديداً للإيحاء بأن هناك نقاطاً عالقة تحتاج مزيداً من الوقت، وآخر هذه الأوراق «الخط الأزرق البحري» المعبر عنه بشريط العوامات القائم في البحر قبالة ساحلي لبنان وفلسطين المحتلة، طالباً تثبيته لأن إسرائيل لا يمكنها «التهاون فيه لأسباب أمنية». أما الإيجابية التي تحدث عنها، مستنداً إلى «موافقة إسرائيل على المطالب اللبنانية»، فقد تبيّن أنها غير محسومة، إذ أكد أنه يستطيع «ضمان موافقة إسرائيل على الخط 23 بنسبة 90 في المئة»، ما يعني أن كيان العدو لم يوافق على المطالب اللبنانية. علماً أن هذه النقطة أساسية، بالتالي فإن ما يطلبه هوكشتين هو تأجيل المواجهة والترسيم معاً.

عملياً، يمارس الوسيط الأميركي عملية «خداع» لإيهام لبنان بأنه حصلَ على غالبية مطالبه، ويخترع نقاطاً جديدة لإطالة أمد التفاوض. والدليل، ما بدأ التداول به حول الجهة التي سترعى تنفيذ الاتفاق في حال أُنجِز. وفي الإطار، قالت مصادر متابعة، إن «الحديث كله يصبّ عندَ الأمم المتحدة». فعلى وهج خيار الحرب الشاملة الموضوع على الطاولة، والذي لاحت مؤشراته مع ارتفاع درجة الاستنفار، تُحاول «إسرائيل» انتزاع موافقة من بيروت على مخرج للنزاع البحري وفي بالها فرض «وصاية دولية» في منطقة معينة في المياه من خلال صيغة شبيهة للوضع في الجنوب بعد عدوان تموز 2006، فيكون هناك 1701 بحري تشرف على تنفيذه قوات الطوارئ الدولية التي ليست لها أي صلاحيات في المياه اللبنانية. لذا فإن اعتماد الأمم المتحدة كمرجع لمراقبة تنفيذ اتفاق الترسيم سيستدعي تعديلاً في مهامها وفي قدراتها وهيكلها، وربما استغلال المهمة الجديدة لتمرير تعديلات في جوهر مهماتها ودورها، وهو ما لا تتوقف إسرائيل عن المطالبة به، وتحقق بعضه في قرار التجديد هذا العام… بفعل تخاذل الدولة اللبنانية أو تغافلها.

وهذه الورقة قد يستخدمها الوسيط الأميركي لاحقاً، في حال احتاجَ العدو الإسرائيلي مزيداً من الوقت، خصوصاً أن البحث في الجهة التي سترعى تنفيذ الاتفاق لا يقل أهمية عن الاتفاق نفسه. ولأنهم يعرفون تماماً، حساسية فكرة توسيع مهام قوات اليونيفل بالنسبة للبنان، ما يعني أن الاتفاق حوله لن يكون سريعاً.

وبذلك يكون العدو الإسرائيلي قد ظفرَ بعصفورين: إرجاء الترسيم أسابيع الأمام مع إبعاد شبح المواجهة عنه، وتأمين نفسه بقوات دولية تكون عينها على طول الخط الأزرق البحري، وهما أمران غير مضمونين لأن أيلول سيبقى شهر الحسم.

المصدر: الأخبار اللبنانية