تجربة مايكروسكوب وضعت أشد القيود صرامة على مبدأ التكافؤ الضعيف أحد مبادئ النسبية العامة

علوم

مبدأ التكافؤ الضعيف في النسبية العامة يتجاوز أكثر الاختبارات صرامة حتى الآن

15 أيلول 2022 04:43

اجتاز أحد المبادئ الأساسية لنظرية النسبية العامة التي وضعها ألبرت أينشتاين أكثر الاختبارات صرامة حتى الآن. إذ قاس فريق دولي من العلماء، باستخدام قمر صناعي مصمم خصيصاً، تسارع أزواج الأجسام التي تتساقط سقوطاً حراً في مدار الأرض. وأشارت النتائج إلى أن التسارع لم يختلف بأكثر من جزء واحد في 10 15، واستبعدت كل خرقٍ لمبدأ التكافؤ الضعيف وصولاً إلى هذا المقياس.

مبدأ التكافؤ الضعيف

وتسهل ملاحظة مبدأ التكافؤ الضعيف نسبياً، إذ ينص على أن جميع الأشياء تتسارع على نحو متطابق في مجال الجاذبية نفسه عندما لا تؤثر فيها أي تأثيرات أخرى، بغض النظر عن كتلتها أو تكوينها.

وربما كانت أشهر تجربة على ذلك هي 1971 عندما أسقط رائد الفضاء ديف سكوت في عام مطرقة وريشة في الوقت نفسه ومن الارتفاع نفسه أثناء وقوفه على القمر، فسقط الجسمان على سطح القمر بالسرعة نفسها، فلا هواء يقاوم حركة الريشة فيبطئها.

تجربة مايكروسكوب

لكن التجربة الجديدة، التي أُطلق عليها اسم "مايكروسكوب" (MICROSCOPE) وترأسها الفيزيائي الراحل بيير توبول، كانت أكثر صرامة إلى حد ما من تجربة سكوت، إذ تضمنت قمراً صناعياً يدور حول الأرض منذ 25 نيسان (أبريل) 2016 حتى تعطيل عمله في 18 تشرين الأول (أكتوبر) 2018.

وخلال هذا الوقت، أجرى الفريق تجارب متعددة باستخدام كتلٍ معلّقة في وضع السقوط الحر، ما وفر ما مجموعه خمسة أشهر من البيانات. واشتمل ثلثا هذه البيانات على أزواج من كتل الاختبار ذات التركيبات المختلفة، خليط معدني من التيتانيوم والبلاتين، في حين تضمن الثلث المتبقي زوجاً مرجعياً من الكتل من التركيبة البلاتينية نفسها.

واستخدمت المعدات التجريبية القوى الكهروستاتيكية للحفاظ على كتلتى الاختبار في الوضع نفسه بالنسبة لبعضهما بعضاً. وإذا لوحظ أي اختلاف في التسارع، ستسجل المعدات التغييرات في القوى الكهروستاتيكية التي تبقي الكتل في مكانها.

وكانت النتائج المبكرة التي صدرت في عام 2017 واعدة، إذ لم يعثر العلماء على أي خرقٍ لمبدأ التكافؤ الضعيف. ومع ذلك، ظل القمر الصناعي يعمل، وينتج البيانات، ما يعني أن العمل لم يكتمل. وتدعم مجموعة البيانات الكاملة تلك النتائج المبكرة.

كشف حدود النسبية العامة

وهذا أضيق قيد وضع على مبدأ التكافؤ الضعيف حتى الآن، ومن غير المرجح أن يجري تجاوزه قريباً. وهذا يعني أن بإمكان العلماء مواصلة الاعتماد على النسبية العامة بثقة أكبر من أي وقت مضى، ووضع قيود جديدة على التقاطع بين النسبية العامة وميكانيكا الكم، وهما نظامان يعملان وفقاً لقوانين مختلفة.

وأوضح عالم الفلك جيل ميتريس من مرصد كوت دازور في فرنسا أن "لدينا قيوداً جديدة وأفضل بكثير لأي نظرية مستقبلية، لأن هذه النظريات يجب ألا تخرق مبدأ التكافؤ في هذا المستوى".

وهذه نتيجة مذهلة، بالنظر إلى أن المعدات، المصممة للعمل في بيئة الجاذبية الصغرى لمدار الأرض، لا يمكن اختبارها قبل الإطلاق. واليوم وقد جرى الانتهاء من مشروع مايكروسكوب بنجاح، بإمكان الفريق استخدام النتائج لتصميم اختبار أكثر صرامة.

وستساعد هذه الاختبارات في كشف حدود النسبية العامة، وهي إطار يصف الجاذبية في الزمكان المادي. لكن قوانين النسبية العامة تنهار في المستويات الذرية ودون الذرية، وتتولى ميكانيكا الكم زمام الأمور. لذا يحاول العلماء حل الخلافات بين النظريتين منذ مدة. وقد يكون اكتشاف مكان انهيار قوانين النسبية العامة على وجه التحديد إحدى الطرق للقيام بذلك.

ونعلم الآن أن هذا الانهيار لا يحدث لجزء واحد في 10 15 للتكافؤ الضعيف. والتحسينات المحددة التي يمكن إجراؤها عند إعادة استخدام القمر الصناعي قد تصل إلى مستوى جزء واحد في 10 17. ومع ذلك، سيستغرق ذلك بعض الوقت لإنجازه.

ساينس أليرت