قد يصاب المرء بالتهاب الجلد التلامسي جراء استخدام منتجات العناية بالبشرة التي يحتوي معظمها على أحد مثيرات الحساسية

علوم

منتجات العناية بالبشرة الطبيعية تسبب التهاب الجلد التماسي

14 تشرين الثاني 2022 07:14

تحتوي معظم مستحضرات العناية بالبشرة "الطبيعية" على أحد مثيرات الحساسية، وهو ما أشارت إليه دراسة أجراها ثلاثة أطباء مختصون بالأمراض الجلدية في كلية الطب بجامعة ستانفورد درست معظم المستحضرات الأمريكية الصنع.

التهاب الجلد التماسي

ووجدت الدراسة أن 90% من منتجات العناية بالبشرة المدروسة، والبالغ عددها 1651 منتج ضم المستحضرات والصابون والمرطبات، تحتوي على الأقل على واحد من أكثر 100 مثير حساسية شيوعاً، والتي تسبب التهاب الجلد التماسي.

والتهاب الجلد التماسي ليس مجرد تهيج عابر، بل طفحاً جلدياً أحمر اللون يسبب الحكة وقد يتقرح في أسوأ حالاته، وذلك بسبب التعرض لمواد تهيج الجلد أو تتسبب في التهاب كرد فعل تحسسي يحدث بمجرد أن يتحسس الجلد من مادة غير ضارة.

وتبعاً لبعض التقديرات، فإن معدلات التهاب الجلد التماسي آخذة في الارتفاع في جميع أنحاء العالم، إذ زادت ثلاثة أضعاف تقريباً خلال ثلاثة عقود منذ عام 1996.

ولفت الباحثون إلى أن الدافع وراء إجراء هذه الدراسة هو هذا الارتفاع في معدلات التهاب الجلد التماسي وصناعة مستحضرات العناية بالبشرة والتجميل سريعة النمو التي تقدر قيمتها بالمليارات وعدم وجود قوانين تنظم تسويقها.

وفي هذا أوضح طبيب الأمراض الجلدية بيتر يونغ وزملاؤه في جامعة ستانفورد أن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية "لم تحدد أي المستحضرات نظيفة وأيها طبيعية، ما سمح للبائعين بالترويج لها بحرية مستخدمين هذه المصطلحات التي تشير إلى فوائدها من حيث السلامة والصحة".

الوقاية من التهاب الجلد التماسي

لذلك استخرج الباحثون قوائم مكونات المستحضرات من المواقع الإلكترونية لثلاثة تجار تجزئة في الولايات المتحدة وفحصوها عن طريق مقارنتها بقاعدة بيانات على الإنترنت تسرد المكونات الشائعة التي يجدر بالمصابين بالتهاب الجلد التماسي تجنبها.

ويمكن للمرء تجنب الإصابة بالتهاب الجلد التماسي بالاطلاع على القائمة الطويلة للمكونات الموجودة في منتجات العناية بالبشرة ومعرفة أي منها قد يؤدي إلى تفاقم المرض الجلدي. لكن القول أسهل من الفعل.

تعرض البشرة لمثيرات الحساسية

وقد يحتوي منتج العناية بالبشرة أو مستحضرات التجميل النموذجي على 15 إلى 50 مكوناً. وتشير الأبحاث إلى أن الناس قد يضعون أكثر من 500 مادة كيميائية مختلفة على بشرتهم كل يوم، اعتماداً على روتين العناية بالبشرة.

بمعنى آخر، كلما زاد عدد المنتجات التي تستخدمها، زاد تعرض بشرتك لمثيرات الحساسية المحتملة.

وتشمل مثيرات الحساسية التي حددتها الدراسة العطور التي أصبحت سبباً رئيسياً لالتهاب الجلد التماسي، مثل اللافندر ومستخلصات نباتية أخرى.

وتحتوي منتجات العناية بالبشرة في المتوسط بين أربعة وخمسة مثيرات حساسية معروفة. وأُدرج بالمجمل 73 نوعاً من مثيرات الحساسية المختلفة 7487 مرة عبر 1651 منتجاً خضع للدراسة.

ويعتمد هذا فقط على معلومات المنتج المتاحة عبر الإنترنت، لكنه لا يزال يمنحنا منظوراً بحجم المشكلة.

وخلص يونغ وزملاؤه في ورقتهم البحثية إلى أن "هذه النتائج تشير إلى ضرورة تثقيف المرضى وأخصائيي الرعاية الصحية لضمان إعلام الجمهور بالمنتجات التي يضعونها على بشرتهم".

بالطبع، هذه ليست أول دراسة تختبر المواد المثيرة للحساسية في منتجات العناية الشخصية. ففي عام 2017، وجدت دراسة أمريكية أخرى أن عدد قليلاً فقط من المرطبات خال من مثيرات الحساسية، وحتى المنتجات "الخالية من العطور" تحتوي أحياناً على روائح قد تهيج الجلد.

التسويق المضلل للمستحضرات التي تحتوي على مثيرات الحساسية

وظل أطباء الجلد يحذرون من هذه المشكلة لبعض الوقت، ولكن رسالتهم لم تستطع أن تظغى على ضجة تسويق "المنتجات الطبيعية" إلا نادراً. وفي أحيان كثيرة تزعم هذه الحملات الإعلانية وجود فوائد لا تحتويها هذه المكونات الضارة، على أمل ألا يقوم المستهلكون بفحص قوائم المكونات بعناية.

كما أن تصنيف المنتجات على أنها "طبيعية" لا يُعلِمُ المستهلكين بأي شيء عن سلامة المكونات، بل يديم الادعاءات الكاذبة التي لا تفرق بين المكونات التي يمكن الحصول عليها من الطبيعة والمركبات الاصطناعية التي قد تكون متطابقة من الناحية الكيميائية.

وما كلمة "طبيعي" إلا مجرد كلمة تسويقية تستند إلى تاريخ الأدوية التقليدية ومستحضرات التجميل الطويل الذي يوثق استجلابها من الطبيعة، ما يجعلنا نظن أنها أكثر أماناً إلى حد ما.

لكن التسويق يغير تصورات المستهلكين، وقد يكون لذلك عواقب وخيمة. على سبيل المثال، تفشى "وباء" التهاب الجلد التلامسيعندما حلت مادة حافظة مثيرة للحساسية، تسمى ميثيل إيزوثيازولينون، محل مادة حافظة أقل إثارة للحساسية، وهي البارابين، وذلك بعد أن فقدت شعبيتها في صناعة التجميل بسبب مزاعم دحضت الآن.

هذا لا يعني أن التسويق يمثل مشكلة، على الرغم من أنه مضلل في أحيان كثيرة وغير صادق في بعض الأحيان. مثلاً، ساهمت بعض التأثيرات الجمالية في حدوث تحول الرأي العام إزاء الواقي الشمسي، الذي أصبح الآن "ضرورياً" للحصول على بشرة صحية.

لكن المصطلحات مثل "ضعيف التأريج" (أي لا يسبب الحساسية إلا نادراً) و"ينصح به أطباء الجلد" هي مصطلحات ابتكرتها الصناعة لإضفاء جاذبية المصداقية الطبية في ظل عدم وجود معايير قانونية يحتاج المصنعون للالتزام بها عند تقديم هذه المزاعم. وذلك قبل أن نصل إلى الطريقة التي يروج بها التسويق للفوائد الصحية للعناية بالبشرة.

وكتب أخصائيو الأمراض الجلدية في جامعة بنسلفانيا، كورتني بلير روبن وبروس بروس، في مقال افتتاحي في عام 2019: "يجب من المستهلكين والأطباء أن يطالبوا حركة التجميل بدعم مزاعمهم بالأدلة"، وهذا أمر ضروري اليوم أيضاً.

JAMA Dermatology