تفكير جديد بالتعامل مع الأشخاص المصابين بالتوحد

علوم

الأشخاص المصابون بالتوحد حساسون للألم

1 كانون الأول 2022 08:57

كشفت دراسة نشرتها مجلة PAIN الرسمية التابعة للجمعية الدولية لدراسة الألم IASP، أن الأشخاص المصابين بالتوحد لديهم استجابة طبيعية للألم لكن لديهم حساسية متزايدة للمنبهات المؤلمة وليسوا غير مبالين كما يعتقد البعض.

ووفقا لتقرير البروفيسور "إيريت وايزمان فوغل" من جامعة حيفا "الإسرائيلية"، بيّن أن النتائج التي توصلوا إليها تسلط الضوء على الحاجة لزيادة الوعي حيال طيف التوحد، الأمر الذي قد يؤثر على جهود العلاج الفعال للآلام التي يعاني منها الأشخاص المصابين بالتوحد، مضيفا: "هذا الدليل الذي يظهر وجود حساسية معززة للألم، يستدعي تغيير الاعتقاد السائد بأن الأشخاص المصابين بالتوحد يعانون أقل منا من الألم".

تشكيك في الافتراضات حول الألم لدى مرضى التوحد

ويهدف الباحثون خلال هذه الدراسة، إلى اختبار الافتراضات السائدة حيال كون الأشخاص المصابين بالتوحد يعانون من حساسية أقل أو أعلى تجاه الشعور بالألم، حيث تشير معايير التشخيص الحالية إلى أنهم يظهرون لامبالاة واضحة تجاه الألم أو التغير في درجات الحرارة، في حين أن معظم الدراسات السابقة لم تظهر أي اختلافات في حساسية الألم لدى المصابين بالتوحد.



وكان قد أجرى البروفيسور "وايزمان فوغل" وزملائه بعض الاختبارات المعملية المتعمقة لقياس الشعور بالألم لدى 104 مشاركا بالغا في الدراسة، والذين كان منهم 52 شخص مصابا بالتوحد، والتي تعيد العينة الأكبر المشاركة في اختبار لعلم النفس الفيزيائي المتعلق بمدى الشعور بالألم في مرض طيف التوحد.

أظهرت النتائج أن المجموعتان حصلتا على درجات متشابهة عند القيام باختبار معرقي قصير، على الرغم من أن الأشخاص المصابين بالتوحد كانوا أكثر استخداما للأدوية النفسية، والذين صنفوا أنفسهم بأنهم يعانون من قلق أكبر وحساسية أعلى للألم والمنبهات البيئية الاعتيادية مثل الرائحة والضوضاء والضوء.

أما في الاختبارات الحسية الكمية، لم يكن هناك أي فروقات في الإحساس بالتغير الحراري وكشف الألم بين المشاركين المصابين بالتوحد والأصحاء، الأمر الذي يشير إلى أن قدرات الإحساس بالألم وتغير الحرارة كانت طبيعية تماما وأن أداء الجهاز العصبي المحيطي لدى جميع المشاركين كان طبيعيا.

مع ذلك، أظهرت مجموعة التوحد معدلات ألم أعلى باستمرار كاستجابة طبيعية للمنبهات المختفة التي تفوق عتبة الألم الطبيعي، ما يثبت أنهم يعانون من فرط الحساسية بالألم بالفعل، كما وقدمت الاختبارات دليلا آخر على أن الأشخاص المصابين بالتوحد يمكنهم تثبيط منبهات الألم القصيرة بنجاح ولكن لا يمكنهم القيام بذلك مع منبهات الألم طويلة الأمد، حيث كان هذا اكتشافا هاما للباحثين كون المعاناة من ألم طويل الأمد في الحياة اليومية يعتبر أحد عوامل الخطر للإصابة بأحد الأمراض المزمنة.

علاجات مبكرة وتحسين نوعية الحياة

تشير جميع النتائج التي كشفت عنها الدراسة إلى أن الأشخاص المصابين بالتوحد لديهم قدرة على تعديل الألم والتحكم به جزئيا، حيث قال الباحثين أنه يبدو أن عقولهم أكثر نشاطا في تسهيل تجربة الألم وأقل نشاطا في تثبيط الآلام طويلة الأمد أو المستمرة، الأمر الذي يتماشى مع نظرية امتلاكهم ما يعرف باسم "الاختلال الاستثاري المثبت"، والتي تعد من الآليات الأساسية لاضطراب طيف التوحد لكن تم إهمالها سابقا أثناء دراسة كيفية معالجة الألم لديهم.

كما تتساءل الدراسة عن التصور القائل بأن الاشخاص المصابين بالتوحد يعانون من ألم أقل مقارنة بالأصحاء، ومع ذلك تشير إلى أنهم ربما يكونوا قد عززوا حساسية ألم مختلفة تماما عنا، حيث كتب البروفيسور وايزمان فوغل والباحثين المشاركين في الدراسة:" يمكن أن يؤدي هذا التفسير الخاطئ إلى التشخيص المتأخر وسوء العلاج، الأمر الذي سيتسبب في المزيد من المعاناة ويفاقم أعراض التوحد لدى المرضى، وبالتالي يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة نتيجة التعرض المستمر للألم".


فبينما ركزت هذه الدراسة على مجموعة من المصابين بالتوحد ذوي الوظائف الإدراكية الطبيعية بشكل أساسي، قال الباحثين أن النتائج التي توصلوا لها قد تنطبق على المرضى الذي قد تؤدي معناتهم من ضعف التواصل المعرفي واللفظي إلى القضاء على قدرتهم على التعبير عن آلامهم أيضا.

كما خلص البروفيسور وايزمان وزملائه إلى أن هذه النتائج، يمكنها أن ترفع وعي الأطباء وأولياء الأمور ومقدي الرعاية الصحية بظاهرة الألم لدى مرضى التوحد، وبالتالي ستؤدي بدورها إلى التوصل لعلاجات مبكرة وفعالة لتحسين رفاهية ونوعية حياة المصابين بالتوحد وأسرهم.


المصدر: News Wise