أخبار لبنان

أسوشيتد برس: المأزق الرئاسي اللبناني مرتبط بالمحادثات السعودية الإيرانية وهناك مخاوف من انهيار البلاد

9 كانون الأول 2022 09:02

تناولت "أسوشيتد برس" أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان، إذ إن البلاد بلا رئيس منذ أكثر من شهر، ولم يتمكن المشرعون حتى اللحظة من الاتفاق على رئيس جديد. ورجحت أن يكون الحل مرتبطاً بالمحادثات السعودية الإيرانية الجارية في بغداد.

ورأت الصحيفة أن هذا المأزق يعيق مجموعة من المبادرات، من تنفيذ إصلاحات هيكلية لبرنامج صندوق النقد الدولي إلى السماح للقناة التلفزيونية الحكومية ببث كأس العالم.

مسببات الجمود السياسي في لبنان

أكمل الرئيس ميشال عون فترة ولايته التي استمرت ست سنوات في 30 تشرين الأول (أكتوبر). واجتمع البرلمان اللبناني المنقسم بشدة تسع مرات لانتخاب خلف له وفشل في كل مرة، ما أدى إلى تفاقم حالة الشلل السياسي وعرقلة الإجراءات الرامية إلى التخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي أودت بثلاثة أرباع السكان إلى براثن الفقر.

ووصفت الصحيفة الجلسات الأسبوعية بالهزلية حيث يدلي معظم المشرعين بأصواتهم على بياض. وكتب آخرون فيها مرشحين وهميين، بمن فيهم الرئيس السابق لجنوب إفريقيا الراحل نيلسون مانديلا ورئيس تشيلي سلفادور أليندي. كما يغادر البرلمانيون الجلسة في منتصفها، ما يؤدي إلى عدم اكتمال النصاب القانوني.

وأشارت إلى أن موجة الشلل الأخيرة التي شهدتها البلاد تأتي في الوقت الذي تسعى فيه إلى إعادة إحياء العلاقات المتوترة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى، التي كانت ذات يوم تغمر لبنان بالمال، لافتة إلى أن هيمنة حزب الله على السياسة اللبنانية على مدى العقد الماضي ودعمهم للحوثيين في اليمن في وجه التحالف الذي تقوده السعودية أثارت غضب الرياض. ففي عام 2021، حظرت المملكة العربية السعودية الصادرات الزراعية من لبنان اسمياً بسبب استخدام الشحنات لتهريب المخدرات، وفي وقت لاحق من ذلك العام حظرت جميع الصادرات اللبنانية بعد أن وصف أحد الوزراء اللبنانيون (وزير الإعلام السابق جورج قرداحي) حرب السعودية على اليمن بأنها "عبثية".

ونقلت "أسوشيتد برس" عن خبراء قولهم إن المأزق مرتبط إلى حد ما بالمحادثات السعودية الإيرانية الجارية في بغداد، بهدف إعادة العلاقات الدبلوماسية. كما نقلت عن الباحث مهند حاج علي العامل في كارنيغي الشرق الأوسط قوله: "من الواضح أن المملكة العربية السعودية تربط ملفي اليمن ولبنان في مفاوضاتها مع الجانب الإيراني. إنها تحاول تأكيد نفسها على أنها أحد أصحاب المصلحة الرئيسيين، وأن الاهتمام المتجدد يمكن أن يرتبط برؤيتهم لفائدة محتملة يمكن ترجمتها في اليمن".

الجمود ينعكس في الشلل النيابي في لبنان

قال كريم إميل بيطار، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القديس يوسف ببيروت: "بغية انتخاب رئيس في لبنان، علينا أولاً العثور على شخصية توافقية لا يرفضها أحد من اللاعبين اللبنانيين الرئيسيين، شخصية تفحصها وتوافق عليها القوى الإقليمية". وأضاف: "تدور الآن لعبة شد حبل بين المحور الإيراني السوري الذي يدعم حزب الله ومن الناحية الأخرى التحالف الأقرب للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية".

وقالت الصحيفة إن البلاد شهدت مرات عديدة شللاً سياسياً في تاريخها القصير والمضطرب، بما في ذلك فراغ رئاسي لأكثر من عامين قبل انتخاب عون في عام 2016. وفي عام 2008، اندلعت اشتباكات مسلحة لمدة أسبوع، قبل أن يتجمع السياسيون في الدوحة للتوصل إلى مرشح رئاسي توافقي.

وأضافت نقلاً عن لسان المشرع الإصلاحي المستقل إبراهيم منيمنة إن هذه الأزمة أصبحت هي "الوضع الراهن"، والأحزاب التقليدية تنتظر "التدخل الأجنبي" للتوصل إلى تسوية. "لسوء الحظ، هذا ما يحدث في كل مرة.

المرشحون للرئاسة اللبنانية

بموجب نظام تقاسم السلطة في لبنان منذ استقلاله عن فرنسا عام 1943، يجب أن يأتي الرئيس من الطائفة الكاثوليكية المارونية. ورئيس الوزراء سني ورئيس البرلمان شيعي.

ورأت صحيفة "أسوشيتد برس" أنه في حين أن حزب الله لم يسمّي مرشحاً علناً بعد، فإن التصور العام هو أن الحزب يدعم سليمان فرنجية، الحليف المقرب للحزب والرئيس السوري بشار الأسد. بينما المرشح الإسمي للمعسكر المعارض لحزب الله والذي يصف الحزب بأنه دولة داخل دولة هو النائب ميشال معوض.

حصل معوض على أصوات أكثر من أي مرشح آخر، لكنه فشل في الحصول على أغلبية وينظر إليه على أنه شخصية مثيرة للانقسام بدرجة لا تسمح له بالوصول إلى الرئاسة. في غضون ذلك، ورد أن قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون مرشح توافقي محتمل، على الرغم من أن اسمه لم يظهر بعد على بطاقة الاقتراع.

كما يُنظر إلى النائب جبران باسيل، صهر الرئيس عون، ورئيس التيار الوطني الحر، وحليف حزب الله، منذ فترة طويلة على أنه الخليفة المفضل لعون. وعلى الرغم من ظهوره خارج المنافسة بسبب الدعم الشعبي المحدود واستهدافه بالعقوبات الأمريكية، إلا أنه وحزبه لم يؤيدوا مرشحاً آخر بعد.

التداعيات المتوقعة على البلاد

قالت الصحيفة مستشهدة ببعض الخبراء: مع عدم وجود تطورات لكسر الجمود، ستركز الكتل السياسية على محاولة انتزاع أقصى قدر من التنازلات السياسية، بما في ذلك تقسيم التعيينات الوزارية والمناصب الحكومية العليا.

وقال دبلوماسي غربي التقى بمعظم الكتل السياسية اللبنانية لوكالة "أسوشيتد برس" إنهم يلعبون "لعبة الانتظار". ويشبه بعضهم المأزق الحالي بلعبة البوكر، حيث "تحتفظ ببطاقاتك مخفية، من دون أن يرمش جفنك أو يجفل، وتنتظر حتى ينهار اللاعب الآخر. الجميع يناورون في هذه المرحلة، فإما الظهور بورقة اقتراع فارغة وإما اختيار مرشح لن يبقى".

وأشارت الصحيفة إلى أن التوترات بين الجماعات السياسية المتخاصمة في لبنان تتفاقم يوماً بعد يوم، إذ قال نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم إن الحزب لن يقبل مرشحاً يعارض مخزونه من الأسلحة ويدعم "المشروع الأمريكي الإسرائيلي" في لبنان.

وفي المعسكر المعارض، انتقد معوض حزب الله وحلفائه لتقويض العلاقات مع الخليج والمجتمع الدولي، وقال إنه يفضل الشلل على رئيس جديد تابع لهم.

كما قال تشارلز جبور المتحدث باسم حزب القوات اللبنانية وهو حليف معوض "الماضي يعيد نفسه، حيث يعطي حزب الله وحلفاؤه للبنان خيارين: إما قبول مرشحهم وإما فراغ رئاسي".

ولفتت "أسوشيتد برس" إلى مخاوف من أن يؤدي الشلل المطول إلى مزيد من التأخير في إبرام صفقة محتملة مع صندوق النقد الدولي لإنعاش اقتصاد البلاد وتجديد ثقة المستثمرين فيها.

ويذكر أن صندوق النقد الدولي وضع شروطاً بعد اتفاق مبدئي في نيسان (أبريل) الماضي، بما في ذلك تعديل قانون السرية المصرفية، وإعادة هيكلة البنوك، وإضفاء الطابع الرسمي على ضوابط رأس المال. ويحتاج لبنان إلى رئيس للمصادقة على أي قوانين يقرها البرلمان.

في الأثناء، من المقرر أن يسجل لبنان ثاني أعلى معدل تضخم عالمياً في عام 2022. وفي هذا قال بيطار: "الدولة على وشك الانهيار. وإذا استمر الشلل أكثر من بضعة أسابيع أو شهور، فقد يؤدي ذلك إلى انهيار كامل".

أسوشيتد برس