الفيروسات والبكتيريا المرتبطة بـ أنواع مرض السرطان

علوم

الفيروسات والبكتيريا المرتبطة بـ التحول الخلوي وأنواع مرض السرطان

13 كانون الأول 2022 10:40

تصيب العديد من الفيروسات والبكتيريا البشر، وتُعرف بـ أنها مرتبطة بـ أنواع مرض السرطان، حيث تشير دراسة مشتركة إلى أن هذه الكائنات الحية الدقيقة، قد طورت بعض الآليات لعرقلة المسارات المخصصة للحفاظ على سلامة المعلومات الجينية في الخلايا البشرية، ومنع "موت الخلايا المبرمج" في الخلايا التالفة والتسبب في الانتشار الخلوي غير المرغوب فيه.

مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تقليل قدرة جسم الإنسان على إصلاح الأضرار الناجمة عنها، ويتسبب في التحول الخلوي وتطور السرطان وتقليل الاستجابة للعلاجات المختلفة.

بكتيريا الميكوبلازما تساعد في التحول الخلوي

تشير البيانات العلمية إلى أن بكتيريا الميكوبلازما ، وربما بعض البكتيريا الأخرى التي لها صلة وثيقة بالحمض النووي الريبي ، قد تساهم أيضا في التحول الخلوي، وتعوق بعض العلاجات التي تعتمد على البروتين p53 الوظيفي في نشاطها المضاد للسرطان، لهذا يعد فهم الآليات الجزيئية الدقيقة أمراً مهما للوقاية من مرض السرطان ولتطوير عقاقير جديدة مضادة لأنواعه، ولتحسين فعالية العلاجات الموجودة حاليا.

إن القدرات البيولوجية الستة التي تضم السمات المميزة للسرطان، وهي الحفاظ على الإشارات التكاثرية وتجنب مثبطات النمو ومقاومة موت الخلايا وتمكين الخلود التكراري وتحفيز تكوين الأوعية وتفعيل الانتشار الخلوي و تشكيل الورم الخبيث، تشكل إطارا منطقياً لفهم تنوع الأمراض ذات الصلة بالأورام السرطانية.

بالإضافة إلى ذلك، فإنه يمكن لبعض الفيروسات والبكتيريا أن تسبب السرطان من خلال التأثير على هذه المسارات الخلوية المهمة في الجسم، سواء أكان ذلك بمفردها أو بالاشتراك مع عوامل مرضية أخرى.

التحول الخلوي ومرض السرطان

لذلك، سنراجع في هذا التقرير أكثر الفيروسات والبكتيريا المعروفة حالياً ذات الارتباط الواضح بـ التحول الخلوي ونقدم ملخصاً لآليات عملها وكيفية تأثيرها على الجسم.

آليات التحول الخلوي

يشير استخدام التقنيات الجديدة في التحليل الجزيئي، أي تحديد ملامح التعبير الجيني للخلايا البشرية وشبكات البروتين وتعبير microRNA واكتشاف الجينات، إلى أن عملية السرطنة تبدأ في الغالب من التكاثر النسيلي لخلية ابتدائية واحدة، ومع ذلك، تظهر الأدلة الحديثة أدلة جديدة على أصل متعدد النسيلة.

وتصبح الخلايا السرطانية المتكاثرة في النهاية مختلفة ظاهرياً عن الخلايا الطبيعية المحيطة بها، إذ أظهرت العديد من البيانات التجريبية سواء تلك التي أجريت في المختبر أو على الأجسام الحية، نماذج متعددة المراحل من العمليات المسببة للسرطان في العديد من أنظمة الأعضاء مثل الجلد والكبد والمثانة البولية والرئة والكلى والأمعاء والغدة الثديية والبنكرياس.

الأمر الذي سمح لنا بتصنيف العوامل المختلفة كـ عوامل مبادرة وعوامل محفزة وعوامل مسببة و مسرطنة كاملة وتحديد مراحل التحول الخلوي من الخلية الطبيعية إلى الخلية السرطانية.

وتجدر الإشارة إلى أن كل مرحلة من هذه المراحل المختلفة قد تنقسم بالفعل إلى مراحل متعددة، فوفقاً لذلك ، يشتمل النموذج الحالي متعدد المراحل للتحول الخلوي السرطاني على استمرارية مورفولوجية تمتد من فرط التنسج واستنساخ الخلايا وصولاً إلى السرطان، كما ويشمل بشكل أساسي تعديلات من أربع فئات واسعة من الجينات المرتبطة بالسرطان.

وهي جينات إصلاح الحمض النووي المعيبة وتفعيل الجينات المسرطنة وإبطال نشاط الجينات ومثبطات الأورام التي تؤثر على تكاثر الخلايا وتثبط عملية موت الخلايا المبرمج.

الفيروسات المرتبطة بـ مرض السرطان

لوحظ ارتباط معروف بين الفيروسات التي تؤثر على الأحماض النووية DNA و RNA مع أنواع السرطان، بما في ذلك كل من HTLV-1 و HPV و HBV و HCV و EBV و HHV-8، حيث نلاحظ أن فيروس HTLV-1 هو الفيروس الأول في القائمة، يليه HPV و HBV و HCV.

بينما يتطلب كل من فيروس EBV و HHV-8 وجود عامل مشترك لإطلاق إمكاناتهما في التسبب في الورم السرطاني، وفي ظل أن الجينوم الفيروسي في هذه الفيروسات يكون ذو حجم صغير، فـ إن قدرته الترميزية وإمكانية رصده تكون ضعيفة أيضاً.

وتعتمد على البروتينات الخلوية لإكمال دورات حياتها وزيادة إنتاج الجزيئات الفيروسية الخاصة بها للبقاء على قيد الحياة، وبذلك فـ إنها تؤثر على العديد من المسارات الخلوية، بما في ذلك مسار إصلاح الحمض النووي والتكاثر والموت المبرمج للخلايا.

نتيجة لذلك، تعزز هذه الفيروسات تكوين الأورام السرطانية من خلال عملية متعددة الخطوات، والتي تتضمن بدء الورم أو تعزيز الورم وانتشاره، مثل " تنظيم تكاثر الخلايا وعملية بلوغها والشيخوخة الخلوية"، ويمكن أن تؤثر الفيروسات المختلفة على مراحل مختلفة من تكوين الورم السرطاني على الرغم من أن العملية ليست خاصة بالفيروس.

  • فيروس سرطان الدم البشري للخلايا التائية من النوع الأول HTLV-1

يعتبر فيروس سرطان الدم البشري للخلايا التائية من النوع الأول HTLV-، أول فيروس ارتجاعي بشري معروف، و هو أحد الفيروسات السرطانية التي تستهدف الحمض النووي الريبي RNA بالتحديد، ما يجعله الأكثر ارتباطاً بـ أخطر أشكال السرطان بما في ذلك سرطان الدم وسرطان الغدد الليمفاوية.

كما أن أحد الخصائص المميزة لفيروس HTLV-1، والتي تجعله بارزاً بين العوامل الميكروبيولوجية الأخرى، هي قدرته على إحداث التحول الجيني المؤدي لتشكل الورم السرطاني دون الحاجة لوجود أي عامل مساعد على الإطلاق.

جدير بالذكر أن طرق الانتقال الرئيسية لفيروس سرطان الدم البشري للخلايا التائية من النوع الأول HTLV-1، تكون من خلال الاتصال الجنسي والحقن أي نقل الدم والإبر والرضاعة الطبيعية.

و تصنف منظمة الصحة العالمية فيروس HTLV-1 كـ واحد من أقوى العوامل المسببة للأورام السرطانية، حيث يصاب ما نسبته 5٪ من الحالات بـ سرطان الدم بعد فترة حضانة طويلة جداً بعد الإصابة به، كما و يقدر عدد المصابين به في جميع أنحاء العالم بـ 5 إلى 10 ملايين شخص.

وهو مستوطن في بعض بلدان إفريقيا ويتم اكتشافه بشكل أساسي في مناطق معينة من منطقة البحر الكاريبي وفي مناطق جنوب اليابان وأستراليا وإيران، بالإضافة إلى أنه سبق وحُدد وجوده في بقية العالم، بما في ذلك البيرو والبرازيل ورومانيا، دون أن يتم حساب نسبة تفشيه بوضوح بسبب نقص البيانات الدقيقة.


  • فيروس الورم الحليمي البشري HPV

ينتمي فيروس الورم الحليمي البشري HPV إلى عائلة Papillomaviridae ، وهي فيروسات التي تصيب الأحماض النووية dsDNA وغير المغلفة بـ جينوم، حيث يرتبط هذا الفيروس بالعديد من أنواع السرطان البشرية، وهو ما تم اكتشافه للمرة الأولى في سبعينيات القرن الماضي، وينتقل في المقام الأول من خلال ملامسة الجلد والغشاء المخاطي والسوائل الخارجة من الجسم.

ويتسبب فيروس الورم الحليمي البشري HPV في الولايات المتحدة الأمريكية، بـ 3٪ من السرطانات الكلية لدى النساء وما نسبته 2٪ من السرطانات الإجمالية لدى الرجال، كما و تزداد في بعض أنواع السرطان مقارنة بغيرها، مثل سرطانات البلعوم والفرج والمهبل والقضيب والشرج والجهاز التناسلي.

ويبدأ جينوم فيروس الورم الحليمي البشري في اتخاذ شكل عرضي ما يحفز المراحل الفيروسية المختلفة لتضخيم الجينوم والتعبير عن الجينات المتأخرة، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى تجميع الفيروس بالكامل. وذلك عند الإصابة الأولية للخلايا غير المتمايزة في الطبقة القاعدية للظهارة الطبقية.

يشار إلى أن توصيف الأنواع الفرعية الفيروسية، سمح بـ تحديد وربط فيروس الورم الحليمي البشري HPV من النوع 16 و 18 بسرطان عنق الرحم، الأمر الذي أدى لظهور العديد من الإثباتات حول دور هذا الفيروس والخصائص المسرطنة الخطيرة فيه، والتي عدها الخبراء "عالية الخطورة"، فحتى الآن تم تصنيف ما مجموعه 12 نوع من فيروس الورم الحليمي البشري على أنها عالية المخاطر، بما في ذلك فيروس الورم الحليمي البشري 16 و 18 و 31 و 33 و 35 و 39 و 45 و 51 و 52 و 56 و 56 ، 59، والتي يُعتقد بشكل واسع النطاق أنها مرتبطة غالبا بالبروتينات E6 و E7 26،27،28،29،30.

وهو ما يؤدي معظم الحالات إلى نقص البروتين التنظيمي E2 في الجسم، ويُعتقد أن فيروس الورم الحليمي البشري يسبب السرطان من خلال عدة آليات مختلفة، أحدها يمكن في دمج الحمض النووي الخاص به في جينوم المضيف (الإنسان)، وبالتالي تغيير الوظائف الخلوية المهمة فيه ما يعزز من عملية التحول إلى الخلايا السرطانية في نهاية المطاف.

  • فيروسات التهاب الكبد الوبائي HBV ,HCV, C, B

تُعد فيروسات التهاب الكبد الوبائي HBV و HCV ، أشهر وأخطر فيروسات التهاب الكبد، إلا أنهما يختلفان عن بعضها البعض في التركيب الجيني والتأثير الخلوي المسبب لعملية تسرطن الخلايا، حيث أن فيروس التهاب الكبد الوبائي HBV والمعروف أيضاً بـ اسم فيروس التهاب الكبد الوبائي B، هو أحد أفراد عائلة Hepadnaviridae الفيروسية.

ويمتلك جينوم حمض نووي مزدوج جزئي، أما جينوم فيروس التهاب الكبد الوبائي C أو HCV، فهو عبارة عن حمض نووي ريبي أحادي الخيط يتم ترجمته داخل الخلايا إلى بروتين واحد ثم معالجته إلى 10 بروتينات، والطرق الرئيسية لانتقال فيروس التهاب الكبد B ، تتم من خلال التعرض للسوائل الجسدية للشخص المصاب، بما في ذلك ملامسة الدم والعرق واللعاب والدموع والإفرازات المهبلية ودم الحيض وحليب الثدي والسائل المنوي.

في حين ينتقل التهاب الكبد الفيروسي C بشكل رئيسي من خلال نقل الدم وتعاطي المخدرات بالحقن، بينما يعد انتقاله عن طريق الاتصال الجنسي منخفضة للغاية.

الجدير بالذكر أن كل من التهاب الكبد الوبائي B و C مسؤولان عن التهابات الكبد المزمنة وتليف الكبد والفشل الكبدي وسرطان الخلايا الكبدية HCC ، فعلى الرغم من أن الآليات الجزيئية الدقيقة لكيفية تسبب فيروسات التهاب الكبد في الإصابة بالسرطان غير معروفة إلى حد كبير، إلا أن هناك العديد من القوى المؤثرة التي تساهم في تحول خلايا الكبد السليمة إلى الشكل السرطاني.

والتي غالباً ما تكون ناتجة عن الفيروسين، بما في ذلك الالتهاب المزمن وتلف الحمض النووي والتعديلات اللاجينية، بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من البروتينات الفيروسية المتورطة في تعديل المسارات الخلوية بشكل مباشر، و التي تعزز التحول الخبيث للخلايا السرطانية.

بما في ذلك بروتينات فيروس التهاب الكبد الوبائي HBV الذي يرتبط بالبروتين الحيوي p53، الأمر الذي يمنع وظائفه المضادة للسرطان ويمنعه من الارتباط بالعديد من عوامل النسخ الوراثية أيضاً، أما بالنسبة لبروتين التهاب الكبد الوبائي HCV، فهو يرتبط ببروتين 5 NSP5Aغير الإنشائي ما يتسبب بالحد من الآليات المرتبطة بإصلاح الحمض النووي.


  • فيروس إبشتاين بار EBV / فيروس الهربس (HHV-4) المرتبط بساركوما كابوزي (HHV-8)

يُعرَّف فيروس إبشتاين بار (EBV) أو فيروس هربس غاما البشري (HHV-4) على أنه واحد من فيروسات الحمض النووي، وقد اكتشف للمرة الأولى عن طريق الفحص المجهري الإلكتروني في خلايا سرطان الغدد الليمفاوية، و الذي ينتشر بشكل شائع من خلال سوائل الجسم المختلفة وخاصة اللعاب، وينتقل هذا الفيروس أيضاً من خلال الدم والسائل المنوي، واستخدام الأشياء التي استخدمها الشخص المصاب به مؤخراً، مما يجعل فيروس EBV منتشرا للغاية.

ويصاب أكثر من 90٪ من الناس بـ فيروس إبشتاين بار في شبابهم، مما يدل على الانتشار الواسع لعدوى EBV ، ويعد هذا الفيروس عامل مسرطن ضعيف للغاية وغير فعال، إلا أن انتشاره في كل مكان يجعله مهماً لأنه يساهم في حوالي 1.5 ٪ من حالات السرطان البشري في جميع أنحاء العالم.

إذ أن البروتينات التي تنتمي لعائلات المستضدات النووية إبشتاين بار وبروتينات الغشاء الكامن (LMPs) لها دور أساسي في الخصائص المسرطنة لهذا الفيروس، أما بالنسبة لفيروس الهربس المرتبط بساركوما كابوزي البشري (HHV-8)، فإن انتشاره الدقيق غير معروف، لكن يعتقد أنه واسع الانتشار لا سيما في إفريقيا، وأنه ينتشر بشكل رئيسي من خلال اللعاب والاتصال الجنسي.

فعلى الرغم من مشاركته في التحول الخلوي للخلايا السرطانية، إلا أن فيروس الهربس المرتبط بساركوما كابوزي KSHV (HHV-8) لديه قدرات تحويل ضعيفة نسبيا أيضاً، ففي الواقع ، نادراً ما يرتبط بالسرطان، بـ استثناء الأشخاص المصابين بـ فيروس نقص المناعة البشرية، حيث يساهم بشكل كبير في إصابتهم بالسرطان، مما يشير إلى مشاركة فيروس نقص المناعة البشرية كعامل مساعد للتحول السرطاني فيه.

يذكر أن كلا الفيروسان يشتركان في مرحلة كامنة عندما يتم التعبير عن عدد قليل جداً من البروتينات خاصة عندما يتكاثران بنشاط، فـ اعتماداً على موقع الإصابة والمرحلة الفيروسية، يتم ملاحظة عدة أنواع من الأمراض التي تسببها وعلى سبيل المثال، عندما يؤسس كلا الفيروسين عدوى كامنة في الخلايا البائية، فإنهما يصبحان ذوي صلة بـ الأورام اللمفاوية.

  • فيروس خلية ميركل التورامي (MCV)

تمَّ اكتشاف فيروس خلية ميركل التورامي (MCV) لأول مرة عام 2008 في ورم عصبي صماوي نادر ولكنه عدواني للغاية وأطلق عليه اسم سرطان خلايا ميركل في الجلد، ففي الولايات المتحدة ، يتم تسجيل 1600 حالة جديدة سنوياً من هذا السرطان، وقد بلغ معدل الوفيات لمدة 5 سنوات حوالي 46٪ والنسبة السنوية حوالي 0.6 لكل 100000 شخص.

ويبلغ متوسط العمر عند التشخيص أكثر من 70 عاماً، بينما نادراً ما يتم اكتشافه في عمرٍ أقل من 50 عاماً ونادراً ما يصيب الأطفال، وآلية الورم السرطاني الذي يتشكل بسبب فيروس خلية ميركل التورامي (MCV) ليست واضحة بعد ، على الرغم من اكتشاف العلماء أن خطر الإصابة بـ سرطان خلايا ميركل في الجلد يزيد عند التعرض للأشعة فوق البنفسجية، ما يشير إلى احتمالية تورط آليتن إصلاح الحمض النووي المعيبة في عملية التحول من الخلايا الطبيعية للخلايا السرطانية.

علاوة على ذلك ، فإنه قد لوحظ زيادة حالات الإصابة بـ سرطان خلايا ميركل في الجلد لدى الأفراد المصابين بـ الإيدز أو متلقي زرع الأعضاء، جنباً إلى جنب مع التقارير التي تظهر تراجع الورم عند زيادة وظائف المناعة البشرية، ما يشير إلى أن ضعف جهاز المناعة قد يكون مرتبطًاً بـ ظهور هذا النوع من السرطان أيضاً.

باختصار، يبدو أن فيروس خلية ميركل التورامي (MCV) يحتاج إلى عوامل مشتركة أخرى ووجود ضعف في الحالة المناعية لتعزيز الخلايا الجلدية الطبيعية للتحول إلى الخلايا السرطانية في سرطان خلايا ميركل MCC ، لكن لا يزال هناك حاجة إلى جمع المزيد من البيانات لتقييم إمكاناته السرطانية.

البكتيريا المرتبطة بالتحول الخلوي والسرطان

تعتبر بكتيريا Helicobacter pylori البكتيريا الوحيدة التي تحتوي على بيانات وبائية واضحة تدعم الارتباط السببي بـ عملية التحول الخلوي إلى الخلايا السرطانية حتى الآن، فعلى الرغم من ارتباط عدد متزايد من البكتيريا بالسرطانات البشرية، إلا أن دراسات الميكروبيوم البشري، قد أوضحت مجموعة من التفاعلات المعقدة بين بدائيات النوى ومضيفيهم.

كما أنه بالرغم من أن الآليات الجزيئية المفصلة التي تستخدمها هذه البكتيريا للتأثير على المسارات الخلوية المؤدية إلى التحول السرطاني، لا تزال غير معروفة إلى حد كبير، إلا أن الأدلة المتراكمة تشير إلى أنها تمتلك القدرة على إعاقة أنشطة بروتين p53 في الخلايا السلمية والتأثير على مسارات إصلاح الحمض النووي، بـ جانب زيادة تراكم تلف الحمض النووي وهو ما يقود تطور التحول الخلوي للأورام السرطانية في نهاية المطاف.

وتم تقديم دليل إضافي على تورط بكتيريا Helicobacter pylori في عملية سرطنة الخلايا عبر الدراسات التي أجريت على نماذج حيوانية، والتي أظهرت انخفاضاً في عملية تكاثر خلايا الأورام السرطانية بعد إجراء تعديل على المستضدات الحيوية في ميكروبيوتا الأمعاء.

وتماشياً مع هذه الفكرة، أظهرت التجارب في العديد من نماذج الفئران المستحثة كيميائيا أو التي تعاني من نقص وراثي أن الظروف الخالية من الجراثيم تقلل من تكوين أورام القولون العصبية.

وأبرزت العديد من الدراسات التي أجريت على المرضى البشر وجود ارتباطات بين نواة بكتيريا Fusobacterium وسرطان القولون والمستقيم، وارتباط بين البكتيريا المتدثرة الحثرية وسرطان عنق الرحم، وبكتيريا الميكوبلازما وسرطان البروستاتا وسرطان القولون والمستقيم، وكذلك ارتباط سرطان الغدد الليمفاوية اللاهودجكين (NHL) بفيروس نقص المناعة البشرية.


إضافة إلى ذلك، إن العدوى بـ العديد من أنواع بكتيريا الميكوبلازما، بما في ذلك كل من Mycoplasma fermentans و arginini و hominis و arthritidis، تمنع نشاط بروتين p53، ما يؤدي إلى تحول الخلايا للأورام السرطانية المختلفة، فعلى الرغم من أن البروتين البكتيري المسؤول عن هذا الأمر لم يتم تحديده بعد، فإن هذه المعلومات تدعم النظريات بـ أن هذه الأنواع البكتيرية تمتاز بخصائص مسرطنة.

وقد ثبت أيضاً أن الإصابة المستمرة بـ بكتيريا Mycoplasma fermentans لدى فئران التجارب المعرضة للتثبيت المناعي الكيمائي في المختبر، أدت إلى انخفاض تعبير كل من بروتين p53 و p21 في الخلايا المخاطية في المعدة، مما أدى إلى تغيرات مرضية مختلف.

تشير هذه النتائج إلى أنه في بعض الحالات، يمكن لبكتيريا الميكوبلازما أن تسهل عملية تكوين الأورام السرطانية، على الرغم من أنه لم يتم إثبات أي دور مسرطن مباشر لأي من أنواع هذه البكتيريا في الأجسام الحية على الإطلاق.

وتسبب النوع الفرعي من بكتيريا Mycoplasma fermentans incognitus في حدوث تغييرات كروموسومية في المختبر، والتي أدت إلى تغيرات في النمط الظاهري للخلايا، مما أدى إلى اكتسابها بعض الخصائص الخبيثة في خلايا الفئران والبشر، بما في ذلك فقدان الاعتماد على التصحيح الجيني والقدرة على تكوين مستعمرات بكتيرية بسرعة كبيرة.

وسلطت الدراسات الأخيرة الضوء على وجود بكتيريا خاصة بـ الأورام السرطانية، تشتمل على ما يسمى ميكروبيوم الورم، ويتم التحقيق بها حاليا بـ نشاط لمعرفة تأثير هذه البكتيريا على تطور الورم وللعثور على العلاج المضاد للسرطان.

فلتجنب إزالة الخلايا المضيفة، تستخدم البكتيريا عدداً من الاستراتيجيات للنجاح في كلٍّ من التهرب المناعي والقضاء على الخلايا المناعية، مما يؤدي إلى تكاثرها وانتشارها بشكل كبير في الجسم.

علاوة على ذلك ، طور عدد من البكتيريا ، ولا سيما تلك المرتبطة بشكل خاص بـ التحول الخلوي السرطاني، آليات جزيئية للتسبب بـ عدوى مستمرة داخل الخلايا بما يضمن بقائها على قيد الحياة لأطول فترة ممكنة. أظهرت البيانات الحديثة أن بروتينا موجودا في نوع فرعي من بكتيريا Mycoplasma fermentans والذي يطلق عليه اسم DnaK و ينتمي إلى عائلة HSP70 chaperon ، قد نجح أيضاً في تقليل نشاط بروتين PARP1 الناجم عن تلف الحمض النووي.

المصدر: المركز الوطني لمعلومات التقانة الحيوية التابع للمكتبة الوطنية للطب في الولايات المتحدة الأمريكية