زيادة الوزن بعد عيد الميلاد هل سببها الميكروبات المعوية؟

علوم

الميكروبات المعوية تلعب دوراً في زيادة الوزن بعد عيد الميلاد

27 كانون الأول 2022 01:49

تشرح دراسة جديدة سبب زيادة الوزن بعد عيد الميلاد بينما يبقى بعض الأفراد الآخرين محافظين على نحافتهم، وذلك في الوقت الذي يأكلون فيه نفس كمية الطعام التي يتناولها الذين يكتسبون الوزن.

نشرت الدراسة الجديدة في مجلة Microbiome العلمية وقادها خبراء قسم التغذية والتمارين الرياضية في جامعة كوبنهاغن، ودرس الباحثون مقدار الطاقة التي يجنيها الدنماركيون من طعامهم، بناء على تحليل برازهم والميكروبات المعوية في أجسادهم، ليجدوا أن ما يقارب من 40 % من المشاركين كان لديهم ميكروبات تستخرج طاقة أكبر من الطعام مقارنة بـ 60 % من المشاركين الآخرين.

هل الميكروبات المعوية هي السبب؟

شك الباحثون في أن الكثير من الناس قد يكونون أكثر عرضة بكثير لزيادة الوزن بسبب البكتيريا المعوية التي يمتلكونها، كونها لا تقوم باستخراج الكثير من الطاقة ما يؤدي بطبيعة الحال إلى تراكم بقايا الطعام على هيئة دهون مخزنة في الجسم، في حين أن الآخرين ذوي الأجسام النحيفة يتميزون عنهم بامتلاكهم بكتيريا معوية فعالة للغاية في استخراج الطاقة من الطعام الذي يتناولونه.

يدعي الباحثون أن هذه الدراسة توفر خطوة كبيرة في فهم سبب اكتساب الملايين من الناس حول العالم للوزن الزائد مقارنة بغيرهم، حتى لو كانوا يأكلون نفس الكمية من الطعام. وقد قال المؤلف الرئيسي للدراسة البروفيسور هنريك روجر: "ربما وجدنا مفتاحا لفهم سبب اكتساب بعض الأشخاص للوزن أكثر من غيرهم، حتى عندما لا يأكلون أكثر أو بشكل مختلف، لكن هذا يحتاج إلى مزيد من التحقيق والدراسة بلا شك".


تحليل الميكروبات المعوية

قام الباحثون خلال الدراسة بتحليل ميكروبيوم الأمعاء "الميكروبات المعوية" الموجود في عينات البراز التي تم أخذها من المشاركين فيها، واصفين إياها أنها أشبه بمجتمع قوي يتكون من ما يزيد من التريليون كائن حي، أو يمكن وصفها بأنها مثل المجرة الكاملة الكامنة في أمعائنا، خاصة وأنهم قد رصدوا ما يصل إلى 100 مليار من الميكروبات لكل جرام من البراز.

بالإضافة إلى ذلك، درس الباحثون الطاقة المتبقية في براز 85 من المشاركين الدنماركيين الذين يعانون من زيادة الوزن وتتراوح أعمارهم بين 22 و 66 عاما، وذلك بغرض تقدير مدى فعالية ميكروبات الأمعاء في استخلاص الطاقة من الطعام، قبل أن يقوموا برسم خرائط لتكوين ميكروبات الأمعاء لكل مشارك منهم بشكل دقيق.

وقاموا أيضا بتقسيم المشاركين إلى ثلاث مجموعات بناء على تكوين ميكروبات الأمعاء الخاصة بهم، والتي جاءت على النحو التالي: (النوع B و النوع R و النوع P)، حيث تم ربط النوع B مرارا وتكرارا بنمط حياة غربي منخفض الكربوهيدرات التي يمكن الوصول إليها من قبل ميكروبات (MACs) الموجودة عادة في الفواكه والخضروات، مقارنةً بنوع P الذي كان مرتبطا بنظام غذائي غني بهذه الميكروبات الصحية.



نتائج تحليل الميكروبات المعوية

وجد الباحثون أن ما يسمى بالنوع B الذي كان يهيمن عليه بكتيريا Bacteroides، والموجود لدى ما وصلت نسبته إلى 40 % من المشاركين، كان أكثر فاعلية في استخراج العناصر الغذائية من الطعام من غيرها.

تجدر الإشارة إلى أنهم يعتقدون أنه يمكن أن تؤدي فعالية استخراج العناصر الغذائية لدى الأشخاص الذين يمتلكون ميكروبيوم الأمعاء من النوع B، إلى توفير المزيد من السعرات الحرارية من نفس كمية الطعام، مما قد يؤدي إلى السمنة وزيادة الوزن.

يقول البروفيسور روجر: "إن عملية التمثيل الغذائي للبكتيريا في الغذاء توفر طاقة إضافية على شكل أحماض دهنية قصيرة السلسلة، وهي جزيئات يمكن لأجسامنا استخدامها كوقود لإمداد الطاقة وقت الحاجة اللاحقة. لكن إذا استهلكنا أكثر مما نحرق، فإن الطاقة الإضافية التي توفرها البكتيريا المعوية قد تزيد من خطر الإصابة بالسمنة بمرور الوقت."


علاقة ميكروبيوم الأمعاء B مع مدة رحلة الطعام

بالإضافة إلى ذلك، درس الباحثون مدة رحلة الطعام من الفم والجهاز الهضمي والمستقيم لكل مشارك أيضا، وقد كان لديهم جميعهم أنماط غذائية متشابهة.

حيث افترضوا أن أولئك الذين كان لديهم رحلة طعام أطول في الجهاز الهضمي سيكونون هم الذين يستخرجون أكبر قدر من الطاقة من طعامهم، لكن الدراسة وجدت عكس ذلك.

فقد كان المشاركون الذين يمتلكون ميكروبيوم الأمعاء من النوع B لديهم رحلة غذائية أسرع عبر الجهاز الهضمي، حيث قال الباحثون : "على الرغم من أن رحلة الطعام البطيئة عبر الجهاز الهضمي ستسمح للجسم باستخراج أكبر قدر من الطاقة من الناحية النظرية، إلا ان كثافة الطاقة التي وجدناها في تحليل البراز أظهرت العكس تماما."

الجدير بالذكر أن هذا التناقض الواضح يتطلب المزيد من الجهود البحثية لفك رموز القوى الدافعة التي تشكل النظام البيئي لميكروبيوم الأمعاء على حد وصف الباحثين، فعلى الرغم من أنهم استخدموا عينة صغيرة من المشاركين الدنماركيين، إلا أنه يمكن تطبيق النتائج التي توصلوا لها على سكان مختلف أرجاء العالم.


زيادة الوزن والميكروبات المعوية

تشير النتائج بشكل عام إلى أن زيادة الوزن قد لا تكون مرتبطة بمدى صحية نمط تناول الطعام أو مقدار التمارين الرياضية التي يمارسها المرء، ولكن قد يكون لها علاقة بالميكروبات الموجودة في أمعائنا أيضا.

بالإضافة إلى ذلك، أكدت هذه الدراسة الجديدة نتائج الدراسات السابقة التي أجريت على القوارض، بما في ذلك تلك التي أجراها البروفيسور روجر وتم نشرها عام 2016، والتي اكتسبت خلالها القوارض التي تلقت ميكروبات أمعاء من متبرعين بدينين وزنا أكبر مقارنة بالقوارض التي تلقت ميكروبات الأمعاء من متبرعين نحيفين، على الرغم من أنها كانت تتغذى على نفس النظام الغذائي. 


مجلة Microbiome العلمية