الانتخابات البلدية في حكم المؤجلة.. مصير المجالس الحالية يحسمه الأمر الواقع

أخبار لبنان

ميقاتي يستبعد إجراء الانتخابات البلدية.. التمديد للمجالس الحالية أمام مشكلة عدم وجود الآلية القانونية

4 آذار 2023 09:00

اعتبرت صحيفة الأخبار اللبنانية بأن الانتخابات البلدية والاختيارية المقرّرة في أيار المقبل هي في حكم المؤجّلة، مبينة بأن هذا ما «تتوافق» عليه غالبية القوى السياسية، من دون أن تجرؤ أيّ منها على الجهر به أو الدعوة إليه أو تبنّيه.

ولفتت إلى أن المشكلة لا تكمن في إرجاء الانتخابات فحسب، ولا في التمديد للمجالس القائمة، وإنما في عدم وجود آلية قانونية تغطي التأجيل والتمديد، بسبب صعوبة التئام المجلس النيابي، ما يعني أن المجالس الحالية لن تكون قانونية، وستمارس مهامّها بحكم «الأمر الواقع»، فبعد الشغور الرئاسي، وتصريف الأعمال الحكوميّ، آخر مظاهر الدولة مهدّد بالزوال، مشيرة على أن لا أحد حتى اليوم، يجرؤ على الإعلان بأن لا إمكانيّة لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، وأن الحديث عن التمديد يجري همساً أو داخل غرف مُغلقة. أمّا في العلن، فالجميع يؤكّد جاهزيّته للاستحقاق.

ووفق الصحيفة فقد استبعد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمام بعض من التقاهم أخيراً إجراء الانتخابات، لكنّه أشار إلى أنه «مُحرج من ضغط السفراء الأوروبيين الذين يريدون إجراءها»، مشيراً إلى إمكانيّة تأمين التمويل من الاتحاد الأوروبي. علماً أن رئيس الحكومة نفسه «طير» بند تمويل الانتخابات من على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء الشهر الماضي، لأن «الأمر غير طارئ والوقت لم يُداهمنا، والأجدى أن تتم في عهد رئيس الجمهورية».

وأضافت الصحيفة بأنه كما رئيس الحكومة، كذلك وزير العدل هنري خوري الذي أكد أن لائحة بالقضاة الذين سيشاركون في لجان القيد للإشراف على العملية الانتخابية سترسل إلى وزارة الداخليّة.

ونقلت الصحيفة عن قضاة قولهم بأن «الأمر لم يُطرح معنا، ولم نتبلّغ بقيمة البدلات الماليّة التي سنتلقّاها». الأمر نفسه ينطبق على الأساتذة الذين لم يتبلّغوا أيّ دعوة للمشاركة في تنظيم العملية الانتخابية ولا يعرفون شيئاً عن البدل المادي، وفي كلّ الأحوال لا يبدون حماسة للأمر.

وأشارت إلى أن وزير الداخلية بسام مولوي، من جهته، لا يفوّت مناسبةً من دون أن يؤكّد أن وزارته جاهزة للانتخابات وباشرت كل الترتيبات الإدارية والتقنية واللوجستية لإجرائها في موعدها في أيّار المقبل، على أن يدعو الهيئات الناخبة نهاية هذا الشهر. كما حضّر جدول المصاريف التي ستصل إلى نحو 8 ملايين و890 ألف دولار وفق سعر «صيرفة». ورغم إشارة مولوي إلى إمكانيّة تأمين التمويل من الجهات الغربية المانحة، فإن الاتحاد الأوروبي، بحسب المعلومات، لم يتعهد أكثر من تأمين بعض التجهيزات اللوجستية كـ(القرطاسية). يعني ذلك أن جزءاً من التمويل سيقع على عاتق وزارة المالية من خارج الموازنة، إمّا بنقل اعتماد احتياطي إلى وزارة الداخلية أو عبر سلفة خزينة. ولا يبدو الخيار الأخير متاحاً، إذ إنّ إقرار سلفة خزينة يحتاج إلى إقرار مجلس النواب الذي ترفض قوى سياسية انعقاده قبل انتخاب رئيس للجمهورية. وإلى ذلك كله، عقبة أخرى تتمثّل في عدم قدرة القوى الأمنية، لوجستياً ومالياً، على تنفيذ خطة الانتشار في المدن والقرى التي ستُجرى فيها العملية الانتخابية كل أحد على مدى 4 أسابيع.

ورأت الصحيفة بناءً على كل ما تقدّم، بأن سيناريو التأجيل يطغى على ما عداه. وهو ما تؤكده غالبية القوى السياسية غير الجاهزة للاستحقاق، وأن كلّ ذلك يؤكّد أن لا مجال إلا للتمديد، خصوصاً أنّ هناك أسباباً موجبة كثيرة (غياب التمويل، الوضع الأمني، الشغور الرئاسي...)، يكفي كل منها أن يكون مبرّراً لـ«تطيير» الاستحقاق قبل شهرين من إجرائه. غير أنّ أحداً غير مستعدّ لتحمّل تبعات هذا التأجيل: وزير الداخلية يؤكد أنه لن يحمل «كرة النّار» هذه، وأيّ من القوى السياسية لن تجرؤ على الدعوة إلى التأجيل أو تبنيه، وخصوصاً أنّ إرجاء الانتخابات يحتاج إلى اقتراح قانون معجّل مكرّر يُمرّر في جلسة تشريعيّة تكاد تكون مستحيلة في ظل الشغور الرئاسي.

وأوضحت الصحيفة بأنه رغم ذلك، يتردّد أنّ خيار التمديد اتُّخذ بين بعض القوى السياسيّة، غير أن كل سناريوهات التمديد تبقى وردية في ظل صعوبة انعقاد جلسة تشريعية لإقرار التمديد بغضّ النظر عما إذا كان لستة أشهر أو سنة أو سنتين. عدم عقد جلسة تشريعيّة يعني الإبقاء على الوضع الحالي إلى حين موعد دعوة الهيئات الناخبة. وحينها، لن يكون مولوي قادراً على المضي في الإجراءات الآيلة إلى تنفيذ وعده بحصول الانتخابات، مع عدم إقرار قانون لتمويل الانتخابات، وفي الوقت نفسه عدم إقرار قانون لتأجيل الاستحقاق، ما يعني حكماً الذهاب إلى خيار «التمديد المُقنّع». ويعني هذا أن تواصل المجالس البلدية ممارسة مَهامها بطريقة غير قانونيّة، ولكن بحكم «الأمر الواقع»، للقيام بالمهام الضروريّة والطارئة، أو تسلّمها من قبل القائمّقامين والمحافظين. 

المصدر: الأخبار اللبنانية