رجل الأعمال اللبناني في مجال العملات المشفرة سيمون تادروس يسرد تفاصيل احتجازه في بلجيكا لجرم لم يرتكبه

بسبب العملات المشفرة.. رجل أعمال لبناني محتجز في بلجيكا يسرد مظلوميته ومعاناته

سرد رجل الأعمال اللبناني في مجال التشفير سيمون تادروس، تفاصيل احتجازه في بلجيكا بتهمة الاحتيال في العملات الرقمية، دافعا ببراءته ونافيا ارتكابه لهذا الجرم وكاشفا في الوقت ذاته واقعه الأليم ومعاناته التي لا توصف.


حيث روى المواطن اللبناني سيمون تادروس البالغ من العمر 36 عاما في حديث لصحيفة النهار القصة الكاملة لاحتجازه في بلجيكا منذ سنة وثمانية أشهر لجرم لم يرتكبه، مرجعا أسباب الاحتجاز إلى انتقام إحدى الجهات التي تُعنى بمجال العملات الرقمية منه، وغباء شخص بلجيكي تم الاحتيال عليه في عالم العملات المشفرة.

وأوضح تادروس بأن الأمر بدأ في 12 آب 2021، عندما ذهب مع رفيقته ورفيقه لقضاء إجازة في أوكرانيا، فتم اعتقاله هناك من قِبل اليوروبول، بتهمة اختراق مواطن بلجيكي واختلاس عملة بتكوين بقيمة 195 ألف دولار، وأوقف 21 يوماً قبل ترحيله إلى بلجيكا لمحاكمته.

وشرح المواطن اللبناني تفاصيل الاتهام مبينا بأن أحد المواقع التي تُعنى بالعملات الرقمية، قد نشرت في وقت سابق على اعتقاله، مقالاً يتهم فيه سيمون بالاحتيال في عالم التشفير، وحين وقع سيمون على هذا المقال، استهزأ وأرسله لأصحابه، كما أرسل للكاتب امتعاضه من محتوى المقال ودارت مشادة كلامية بينهما على منصة تويتر.

وأشار إلى أن اعتقاله في أوكرانيا أثناء إجازته هناك جاء على خلفية هذا المقال الذي وصل إلى مواطن بلجيكي كان قد تم الاحتيال عليه، واعتقد بأن سيمون هو المجرم بسبب الاسم المستعار الذي كان يعتمده سيمون في الألعاب الإلكترونية وورود هذا الاسم في المقال المذكور.

وبين سيمون بأن القضاء البلجيكي يزعم أنه اخترق مواطنا بلجيكيا وبأنه اختلس منه عملة بتكوين بقيمة 195 ألف دولار، معتبرا بأن المقال المذكور قد تم إعداده بهدف الانتقام منه، كونه تطرق في مجموعة محادثة للمعنيين في عالم التشفير إلى أن العملات التي يتداول بها هذا الموقع، مزيفة.

وأضاف تادروس بأنه مثل أمام المدعي العام فور وصوله إلى بلجيكا، وسُجن بعدها في الحبس الاحتياطي في مدينة بروج لمدة ستة أشهر، وحاول خلال التحقيق التعاون إلى أقصى الحدود لإظهار حسن النية، كونه واثقاً من براءته، وقام بتزويد الشرطة البلجيكية بكافة أجهزته الإلكترونية من هاتف وجهاز iPad وكمبيوتر محمول ومحفظة رقمية.

وبين سيمون بمرارة حالته الصعبة أثناء توقيفه بأنه أصيب بالضياع والدمار النفسي عندما احتُجز هاتفه في السجن، كونه من الأشخاص الذين يستخدمون الجوال 18 ساعة يوميا في بحث عن تطوير عمله والابتكار، مشيرا إلى أنه كاد أن يصيبه الجنون.

وكشف بأنه حاول اللجوء إلى عدد من الأحزاب السياسية في لبنان، وصولاً إلى رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، لكن لم تفلح مساعيهم، إضافة إلى أن السفير اللبناني في بلجيكا قد حاول أيضا مساعدته مع السلطات البلجيكية دون جدوى.

ولفت سيمون إلى عدم ثبوت أي دليل ضده رغم كل التحقيقات ورغم الطلب من السلطات اللبنانية تفتيش منزله، وبأنه قد تم إطلاق سراحه بكفالة كبيرة قدرها 120.000 يورو، تم جمعها وتمويلها من قبل مجتمع Crypto في لبنان وعائلته وأصدقائه.

وبحسب سيمون فإن تسديد هذه الكفالة كان من المفترض أن يُعيد له جواز سفره، لكن الإفراج عنه تم دون إعادة أغراضه، وكانت شروط الإفراج غير عادلة وصارمة للغاية، مثل منع التحدث إلى وسائل الإعلام.

واعتبر سيمون بأن بلجيكا دمرته وظلمته، وبأن القضاة متحيزون وقد رفضوا حتى نقل ملفه إلى المقاطعة الفرنسية، لا بل أصرّوا على المضي في الملف رغم عدم وجود أي دليل يثبت ما يتهمونه به، مضيفا بأنهم أصبحوا كمن أخطأ ويغرق أكثر في أخطائه ظنا منه أنه يصلحها.

ووفق سيمون فقد أوكل قضيته إلى محامين وأنفق 70 ألف يورو بدل أتعابهم حتى الآن، لكنّهم لم يفلحوا بكسب القضية، مبينا بأنه وإن ربح القضية، فإن على الدولة البلجيكية تعويضه بمليون يورو.

وأضاف: "لكن ماذا ينفع هذا التعويض؟ فأنا غير موجود في النظام البلجيكي، ولا أمتلك أي سجلات طبية أو تأمين، فالدولة رمتني في الشوارع دون سقف أو أوراق هوية أو جواز سفر، وليس لدي أي أوراق ثبوتية لأتمكن من الاستئجار في أوروبا ولا في بلجيكا ولا للعمل ولا لامتلاك خط تلفون أو فتح حساب مصرفي."

وتابع سيمون بمرارة متحدثا عن حالته المأساوية: "أحتاج إلى فحوصات طبية كاملة، لأن التوتر والصدمة كبيران، أسناني تتدهور، وأصبحت مصاباً بالسكري من النوع الأول، بعد أن كنت سليماً وبت أحتاج إلى علاج مستمر."

وأردف بأن والده قد مرض خلال فترة اعتقاله، وكان على فراش الموت، وطلب من السلطات البلجيكية السماح له بالعودة موقتاً الى لبنان لرؤية والده مقابل كفالة مالية باهظة، لكن القضاء لم يستجب، وتوفي والده ولم يره، وبعد ذلك تعرضت والدته لحادث أصيبت بعده بالسرطان، وعانت من نزيف دماغي ما جعلها مشلولة وبحاجة إلى رعاية عميقة، وهو الوحيد الذي يعيلها كونه ابنها الوحيد.

وإضافة لذلك فيؤكد سيمون بأنه لم يرَ ابنته التي تبلغ من العمر 8 سنوات منذ اعتقاله في أوكرانيا، أي منذ ما يفوق السنة ونصف السنة، وبأن شركته المكونة من حوالي 30 موظفاً في لبنان تدمرت، مشيرا إلى أن الدولة البلجيكية لم تنظر في جميع هذه الجوانب الإنسانية، من أجل ماذا؟ بسبب جريمة لم أرتكبها؟ وفق تعبيره.

وأشار سيمون إلى أنه يعيش دون هوية، وهو مقيد رغم أنه حر طليق وهو بانتظار محاكمته ولا يمكنه التفكير بالهروب بشكل غير شرعي إلى دولة أخرى ومن ثم إلى لبنان، فهو يفكر بوالدته التي يقوم بتحويل المال لها لكي تعيش وتتعالج، وبابنته التي ينفق على تربيتها وتعليمها، مبينا بأنهما همه الوحيد، رغم الانهيار غير المحتمل الذي يعيشه.

وعن حياته الحالية وكيفية تأمينه لمصاريفه أوضح بأن التداول بالبتكوين هو ملاذه الآمن، رغم أنه كان السبب في اعتقاله، وبأنه يحول البتكوين ويتقاضى الأموال نقداً مقابلها، فهذه هي الطريقة الوحيدة التي يؤمن حاجياته الأساسية من خلالها، مشيرا إلى أنه استلم مشروعين من زبونين في مجال البرمجة بعد خروجه من السجن، متسائلا عن كيفية العيش عندما ينفذ يدل أتعاب هذين المشروعين.

وتحدث سيمون عن حياته العملية والمهنية السابقة واصفا نفسه بالـ nerd وقال: "أنا من طلاب الجامعة المجتهدين، ولم يكن همي سوى أن أبتكر شيئاً في التكنولوجيا لإيماني بأنها المستقبل، ونجحت في عملي وأسست 3 شركات للبرمجة، وجميع مَن يعرفني يعرف كم ساعدت أشخاصاً وساندتهم، وسمعتي بين مجتمع العملات المشفرة في لبنان لا غبار عليها."

المصدر: النهار