نشر الناشط نمر حسين الكسابره على حسابه على موقع X "توتير سابقا" ترجمة لتحقيق مطول نشرته مجلة نيوزويك الأمريكية في عددها الأخير يكشف خطورة ما جرى في 7 أكتوبر تاريخ عملية طوفان الأقصى على قوة الولايات المتحدة الأمريكية الدولة العظمى في العالم.
آثار فشل إسرائيل الأمني في غزة على الولايات المتحدة
فقد سلط التحقيق الضوء على تأثيرات فشل إسرائيل الأمني في مجال التكنولوجيا الفائقة بالنسبة للولايات المتحدة، وبدأ التحقيق مع عنوان "كارثة على الحدود: إن فشل إسرائيل المذهل في صد "الغزو" على طول حدودها مع غزة له آثار خطيرة على الأمن العسكري الأمريكي."
ولفت التحقيق إلى أن سلسلة الجدران والأسيجة الإسرائيلية التي يبلغ طولها 40 ميلاً على حدودها مع غزة تعج بأجهزة الاستشعار والأسلحة الآلية، كما أنها مدعومة بشبكة استخبارات إلكترونية تراقب كل مكالمة هاتفية ورسالة نصية وبريد إلكتروني في الإقليم، كما أن جيشا كبيرا ومدربا تدريبا جيدا يقف على أهبة الاستعداد بأحدث الأسلحة للرد بسرعة على التهديدات.
وبحسب التحقيق فقد تم بناء هذه الدفاعات على نفس التكنولوجيا التي يستخدمها الجيش الأمريكي للحفاظ على سلامة مواطنيه ومراقبة مصالحه حول العالم والتي تستخدمها جيوش الناتو لمراقبة الحدود مع روسيا والشرق الأوسط.
ومن هنا لفت التحقيق إلى أنه وفي الوقت الذي تسلل الآلاف من مقاتلي حماس عبر الدفاعات الإسرائيلية في السابع من أكتوبر، فإن ما كان يفترض أنه ميزة تكنولوجية هائلة بدا فجأة معيباً إلى حد كبير، فقد ترك الهجوم الإسرائيليين في حالة صدمة عميقة إزاء ضعف البلاد، كما تردد صداها في قاعات البنتاغون والمؤسسات العسكرية في العديد من البلدان.
وأوضح بأن الخبراء العسكريين يشعرون بالقلق بشأن ما يعتبره البعض اعتماداً مفرطاً على الأمن عالي التقنية للحفاظ على المنشآت والأوطان آمنة من الهجوم، فإذا كان الأمن الإسرائيلي غير قادر على توفير الحماية ضد منظمة ذات تكنولوجيا منخفضة مثل حماس، فما هو الدمار الذي يمكن أن تحدثه روسيا أو الصين أو أي خصم متقدم آخر؟
واعتبر التحقيق بأن الدروس التي يتعلمها البنتاغون هائلة، فالدول التي تتمتع بأعلى وسائل الدفاع التكنولوجية لن تفوز بالمعركة بالضرورة، فقد كان من المفترض أن تكون مجموعة الدفاعات الإسرائيلية المترامية الأطراف على حدود غزة قد تركت البلاد محصنة تقريبا ضد أي شيء يمكن لحماس إلقاءه عليهم، وبدلا من ذلك، تدفق أكثر من 2,500 من مقاتلي حماس بحرية فوق الجدران والأسوار الحدودية الإسرائيلية وعبرها وتحتها.
الجدار الحديدي الإسرائيلي على حدود غزة
وأشار إلى أن إسرائيل لديها ما كان يفترض أن يكون أحد أنظمة الاستخبارات الرائدة في العالم، لكن يبدو أنهم تجمدوا في مكانهم من الصدمة، مبينا بأن إسرائيل أنفقت أكثر من مليار دولار على حاجزها الحدودي عالي التقنية على طول غزة، والذي اكتمل في عام 2021، ويتكون ما يسمى بالجدار الحديدي من جدران وسياج لا يرتفع حتى 20 قدما فوق سطح الأرض فحسب، بل أيضا يغوص في عمقها ليجعل من الصعب حفر الأنفاق تحته، وتذخر الحدود بمجموعة مذهلة من المعدات المتطورة، بما في ذلك مئات من كاميرات الرؤية الليلية، وأجهزة الاستشعار الزلزالية لالتقاط أصوات الأنفاق من الأعماق، وأيضا أجهزة الاستشعار الحرارية للكشف عن حرارة الجسم أو السيارة والرادار لاكتشاف تهديدات الطيران.
كما تقوم الروبوتات المتنقلة أحيانا بدوريات في محيط المكان، وغالبا ما تراقب المناطيد الصغيرة والطائرات بدون طيار كل قطاع غزة من الأعلى، كما يمكن إطلاق المدافع الرشاشة الآلية الموجودة أعلى الجدران من منشآت بعيدة أو تشغيلها بواسطة تنبيهات أجهزة الاستشعار لإطلاق النار من تلقاء نفسها، حيث يقوم الذكاء الاصطناعي بالتصويب.
ووفق التحقيق فإن فكرة أنَّ آلاف المهاجمين سيكونون قادرين على استخدام المتفجرات والمعدات الثقيلة لاختراق هذه الدفاعات دون الحاجة إلى تنبيه كبير، كانت ستبدو سخيفة قبل بضعة أسابيع فقط.
فقد كان من المفترض أن ينبه هذا النظام الجيش على الفور إلى عمليات توغل صغيرة، مما يمنع حتى مهاجما واحدا من اختراق الجدار بهدوء، ناهيك عن مئات المسلحين، وكان ينبغي على كل جهاز استشعار على الجدار أن يطلق إنذارات إلى المواقع العسكرية الإسرائيلية.
أسباب قلق الولايات المتحدة من عملية طوفان الأقصى
ونوَّه بأن الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا قد بدا منذ فترة طويلة بمثابة استراتيجية رابحة للولايات المتحدة، ففي حروب الخليج في الفترة 1991-1992 و2003، ساهمت أنظمة الدفاع الجوي عالية التقنية والقاذفات الشبح في القوة الساحقة التي أصبحت شعارا للجيش الأمريكي.
لكن عقدين من القتال في أفغانستان أثبت أن الأسلحة ومعدات التجسس الأكثر تقدما يمكن إحباطها من قبل خصم منخفض التقنية يرغب في الاختباء بين المدنيين، والعيش في الكهوف الجبلية، وتجنب الاتصالات الإلكترونية، والتضحية بحياتهم للوصول إلى العدو، واستنتج التحقيق بأن "التكنولوجيا تضاعف القوة، لكنها ليست الكأس المقدسة!"
وأضاف: "البنتاغون يراقب ما يحدث في إسرائيل، وعليه أن يجعلهم يفكرون في نقاط ضعفنا، ما حدث في إسرائيل هو نسخة مما قد نواجهه في أي وقت، فمع وجود روسيا في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان، واتجاه إيران نحو القدرة النووية، وتهديد كوريا الشمالية، فإننا نواجه أكثر البيئات الأمنية صعوبة التي رأيناها، فإن أحد أسباب قلق الولايات المتحدة وحلفائها هو أن الولايات المتحدة تعتمد على تقنيات مماثلة، وفي كثير من الحالات، نفس التكنولوجيا الفائقة."
فقد تم تطوير نظام الجدار الحديدي الدفاعي على حدود غزة، والقبة الحديدية للدفاع الصاروخي، وغيرها من تقنيات الدفاع الإسرائيلية بالاشتراك مع الولايات المتحدة بموجب اتفاقيات تعود إلى إدارة أوباما، واليوم، يتم نشر العديد من هذه التقنيات، أو الأنظمة المشابهة لها، على حدود الولايات المتحدة.
وفي الواقع، قدمت إسرائيل العديد من الطائرات بدون طيار التي تعتمد عليها الولايات المتحدة لاكتشاف المعابر الحدودية غير القانونية والتهديدات الأخرى على الحدود الجنوبية وهي نفس الطائرات بدون طيار التي تستخدمها إسرائيل على حدودها، لكن الجيش الأمريكي يستخدمها لحماية القواعد العسكرية والسفن البحرية، وعلى وجه التحديد، نشرت الولايات المتحدة حوالي 100 من محطات أسلحة شمشون التي يتم التحكم فيها عن بعد في إسرائيل، وهي نفس المحطات المنتشرة على حدود إسرائيل في غزة. واشترى الجيش الأمريكي أيضا طائرة استطلاع بدون طيار من طراز Skylark إسرائيلية الصنع فائقة القدرة، وهذا مجرد عدد قليل من العديد من أنظمة الدفاع عالية التقنية التي طورتها إسرائيل، أو بالاشتراك معها، والتي ينشرها الجيش الأمريكي لحماية المدن والقواعد العسكرية في جميع أنحاء العالم.
وبين التحقيق بأن صواريخ القبة الحديدية الاعتراضية تُصنع إلى حد كبير في أمريكا، ولدى قوات مشاة البحرية الأمريكية 2000 منهم تحت الطلب، وبأن منصة إطلاق القبة الحديدية إسرائيلية الصنع، وتمتلك الولايات المتحدة اثنتين منها، وكلاهما سيتم شحنهما قريبا إلى إسرائيل لتعزيز دفاعاتها بعد 7 أكتوبر، وتمتلك أمريكا وإسرائيل نظام مقلاع داود المضاد للصواريخ عالي التقنية، وقد تم تطويره بتعاون مشترك بين البلدين، وكما هو الحال مع دبابات ميركافا الإسرائيلية، تتمتع دبابة أبرامز إم1 الأمريكية وغيرها من المركبات المدرعة بحماية العديد من الأنظمة عالية التقنية، بعضها مشترك مع إسرائيل.
ومن هنا خلص التقرير إلى أن مجموعة ضعيفة الموارد مثل حماس، إذا تمكنت من تفجير دفاعات إسرائيل التكنولوجية التي تحظى بتقدير كبير، فتخيل ما قد يتمكن هؤلاء الخصوم المحتملون الأكثر تقدما من فعله لتحدي التفوق التكنولوجي الدفاعي الأمريكي، فهذه البلدان ووكلاؤها تكتسب المزيد والمزيد من القدرات، ويصلون إلى قدرات تكنولوجية مثيرة للإعجاب بشكل لا يصدق.
وأخيرا يختم التحقيق بالقول: "في نهر الأخبار الصادمة التي خرجت من إسرائيل وقت الهجمات، لم يذكر سوى القليل عن أن عدد مقاتلي حماس الذين قُتلوا في هجوم 7 أكتوبر كان حوالي 1500 شخص، وهو ما يفوق عدد القتلى الإسرائيليين في نهاية المطاف، لكن حماس احتفلت، بينما حزنت إسرائيل!"