سمعنا كثيراً عن القول المأثور بأن المال لا يشتري السعادة، والآن تدعم دراسة جديدة هذا القول.
ينعم معظم الأشخاص الذين يعيشون في مجتمعات صغيرة الحجم على أطراف العالم الحديث بحياة سعيدة ومرضية مثل الأشخاص من الدول الغنية والمتقدمة، حسبما أفاد باحثون في دراسة نشرت في مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم.
الأشخاص ذوي الدخل المنخفض يسجلون مستويات عالية من الرضا
وقال الباحث الرئيسي "إريك جالبريث" الأستاذ بجامعة ماكجيل في مونتريال: "من المثير للدهشة أن الكثير من السكان ذوي الدخل النقدي المنخفض للغاية يسجلون مستويات عالية جداً من الرضا عن الحياة، مع درجات تساوي تماماً تلك الموجودة في البلدان الغنية".
وأشار الباحثون إلى أن هذا يتعارض مع فكرة أن النمو الاقتصادي هو وسيلة مؤكدة لزيادة رفاهية الناس في البلدان المنخفضة الدخل.
وقال الباحثون في الملاحظات الأساسية إن الدراسات الاستقصائية العالمية وجدت أن الناس في البلدان الأكثر ثراء يميلون إلى الإبلاغ عن مستويات أعلى من الرضا عن الحياة مقارنة بأولئك الذين يعيشون في البلدان الفقيرة.
مستوى السعادة والرضا عن الحياة في المجتمعات الفقيرة
ومع ذلك، قال الباحثون أن هذه الاستطلاعات العالمية تميل إلى التغاضي عن الناس في المجتمعات التي يلعب فيها تبادل الأموال دوراً ثانوياً في الحياة اليومية، وحيث تعتمد سبل العيش بشكل مباشر على الطبيعة.
في هذه الدراسة، قام الباحثون باستطلاع آراء ما يقرب من 3000 شخص من المجتمعات الأصلية أو البدائية في 19 موقعاً حول العالم، وقال الباحثون أن 64% فقط من الأسر التي شملها الاستطلاع كانت تمتلك أموال نقدية.
ومع ذلك، كان متوسط درجات الرضا عن الحياة لديهم 6.8 على مقياس من 10 نقاط في جميع المجتمعات، وحصل أربعة منهم على متوسط درجات أعلى من 8، وهذه نفس النتيجة المسجلة للسعادة في الدول الاسكندنافية الغنية، كما أشار الباحثون.
وكتب الباحثون: "هذه النسبة شكلت مفاجأة لنا، على اعتبار أن العديد من هذه المجتمعات عانت تاريخاً من التهميش والقمع".
السعادة والرضا لا يرتبطان بالثروة المادية
وبناء على هذه النتائج، خلص فريق البحث إلى أن المجتمعات البشرية يمكن أن تدعم حياة مرضية للغاية دون الحاجة بالضرورة إلى الكثير من الثروة المادية.
وقالت "فيكتوريا غارسيا" الباحثة البارزة في الأنثروبولوجيا في معهد العلوم البيئية والتكنولوجيا من جامعة برشلونة المستقلة في إسبانيا: "إن العلاقة القوية التي لوحظت في كثير من الأحيان بين حجم الدخل النقدي والرضا عن الحياة ليست أمراً ثابتاً، وتثبت أن الثروة التي تولدها الاقتصادات الصناعية ليست ضرورية بشكل أساسي للبشر ليعيشوا حياة سعيدة".
وأشار الباحثون أيضاً أنهم لا يستطيعون تحديد سبب تسجيل هذه المجتمعات لمستويات عالية من الرضا عن الحياة.
العوامل المرتبطة بسعادة المجتمعات
يذكر أن الأبحاث السابقة أكدت أن الأسرة والمجتمع والعلاقات والروحانية والارتباطات بالطبيعة تساهم في هذه السعادة، لكن من الممكن أن تختلف العوامل المهمة بشكل كبير بين المجتمعات، أو على العكس من ذلك، حيث تهيمن مجموعة فرعية صغيرة من العوامل في كل مكان".
المصدر: مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم