يعرف العلماء أن الأطفال يجدون صعوبة في التركيز على مهمة محددة، وغالباً ما يتحول تركيزهم إلى معلومات لا تساعدهم في إتمام واجبهم، ولكن السؤال المطروح هو، لماذا؟
تشتت انتباه الأطفال
في دراسة جديدة، اكتشف الباحثون أن هذا "التوزيع الواسع للانتباه" ليس سببه عدم نضج أدمغة الأطفال بما يكفي لفهم المهمة أو التركيز، ولا يعود إلى أنهم يتشتتون بسهولة ويفتقرون إلى القدرة على التركيز.
يبدو أن الأطفال يوزعون انتباههم بشكل واسع إما بدافع الفضول البسيط أو بسبب عدم تطور ذاكرتهم العاملة بشكل كافٍ لإتمام المهمة دون "استكشاف مفرط".
قال فلاديمير سلاوتسكي، المؤلف المشارك في الدراسة وأستاذ علم النفس في جامعة ولاية أوهايو: "لا يبدو أن الأطفال يستطيعون منع أنفسهم من جمع معلومات أكثر مما يحتاجون لإتمام مهمة، حتى عندما يعرفون تماما ما يحتاجونه".
أجرى سلاوتسكي الدراسة التي نشرت مؤخرًا في مجلة العلوم النفسية، بالتعاون مع المؤلف الرئيسي كيانكيان وان، طالبة الدكتوراه في علم النفس في جامعة ولاية أوهايو.
دراسة كيفية توزيع الأطفال لانتباههم بشكل واسع
قام سلاوتسكي وزملاؤه بعدة دراسات سابقة وثّقوا من خلالها كيفية توزيع الأطفال لانتباههم بشكل واسع، ويبدو أنهم لا يمتلكون القدرة التي يتمتع بها البالغون لإتمام المهام بكفاءة من خلال تجاهل ما ليس له علاقة بمهمتهم.
في هذا البحث الجديد، أكد سلاوتسكي ووان أنه حتى عندما يتعلم الأطفال بنجاح كيفية التركيز على مهمة معينة للحصول على مكافآت صغيرة مثل الملصقات، فإنهم ما زالوا "يستكشفون بشكل مفرط" ولا يركزون فقط على ما هو ضروري لإتمام مهمتهم.
كان أحد أهداف هذه الدراسة هو معرفة ما إذا كانت قابلية تشتت الأطفال قد تفسر هذا السلوك.
في إحدى الدراسات، تم إشراك أطفال تتراوح أعمارهم بين أربعة وستة أعوام والبالغين، وقيل للمشاركين أنهم سيقومون بتحديد نوعين من الكائنات الشبيهة بالطيور تدعى هيبي أو غورا، وكل نوع منها لديه مجموعة فريدة من الألوان والأشكال لأجزاء الجسم مثل القرن والرأس والمنقار والجسم والجناح والأقدام والذيل، وبالنسبة لستة من الأجزاء السبعة، كانت مزيج الألوان والأشكال يتنبأ بنوع الكائن بدقة 66%، ولكن كان هناك جزء واحد من الجسم دائماً ما يتطابق بشكل مثالي مع أحد الكائنات فقط، وهو ما تعلمه الأطفال والبالغون بسرعة في الجزء الأول من الدراسة.
لاختبار ما إذا كان الأطفال يتشتتون بسهولة، قام الباحثون بتغطية كل جزء من أجزاء الجسم، مما يعني أن المشاركين في الدراسة كانوا مضطرين لكشفها واحدة تلو الأخرى لتحديد نوع الكائن، وكانوا يحصلون على مكافأة إذا تعرفوا على الكائن بأسرع وقت ممكن.
بالنسبة للبالغين، كانت المهمة سهلة، فإذا كانوا يعرفون أن الذيل هو الجزء الذي دائماً ما يتطابق بشكل مثالي مع أحد النوعين من الكائنات، كانوا دائماً يكشفون عن الذيل ويتعرفون على الكائن بشكل صحيح.
لكن الأطفال كانوا مختلفين، وإذا كانوا قد تعلموا أن الذيل هو الجزء الذي يحدد الكائن بشكل مثالي، فإنهم يكشفون عن هذا الجزء أولاً—ولكنهم يستمرون في كشف أجزاء أخرى قبل أن يختاروا.
قال سلاوتسكي: "لم يكن هناك ما يشتت انتباه الأطفال—كل شيء كان مغطى، كان بإمكانهم أن يفعلوا مثل البالغين ويكشفون فقط عن الجزء الذي يحدد الكائن، لكنهم لم يفعلوا ذلك".
مجلة العلوم النفسية