تكشف دراسة حديثة عن مسار تطوري فريد للخفافيش مقارنةً بالطيور، حيث تبين أن أجنحة الخفافيش وأرجلها تطورت بشكل مترابط، مما يحدّ من أدوارها البيئية مقارنة بالطيور، التي تطورت أطرافها بشكل مستقل.
تفتح هذه النتائج آفاقا جديدة لفهم سبب قدرة الطيور على شغل مجموعة واسعة من المنافذ البيئية، وتثير تساؤلات حول الأنواع الطائرة الأخرى، مثل الزواحف الطائرة المنقرضة (التيروصورات).
خصائص فريدة للخفافيش والطيور
الخفافيش كائنات مدهشة بتنوعها، يمكنها التسلق على الحيوانات لامتصاص الدم، أو التقاط الحشرات من أوراق الشجر، أو التحليق لامتصاص الرحيق من الزهور الاستوائية، يعتمد كل من هذه السلوكيات على تصميم فريد للأجنحة.
لكن هل تساءلت يومًا لماذا لا توجد خفافيش غير طائرة، مثل النعام الذي يخوض في الأنهار أو الخفافيش التي تجوب البحار المفتوحة مثل طائر القطرس؟
الإجابة تكمن في أن الخفافيش تطورت بطريقة تجعل تطور أجنحتها وأرجلها مترابطا بشكل وثيق، هذه العلاقة التطورية تُقيّد قدرتها على التكيف مع أدوار بيئية متنوعة، مقارنة بالطيور التي تتمتع باستقلالية تطورية بين أجنحتها وأرجلها.
"كنا نتوقع في البداية أن تطور الخفافيش مشابه لتطور الطيور، وأن أجنحتها وأرجلها تتطور بشكل مستقل، لكن ما وجدناه كان مفاجئًا للغاية"، أوضح أندرو أوركني، الباحث ما بعد الدكتوراه في مختبر براندون هيدريك، أستاذ مساعد في قسم العلوم الطبية الحيوية بجامعة كورنيل.
تحليل البنية العظمية للأجنحة والأرجل
نظرا لاختلاف وظائف الأجنحة والأرجل، كان يُعتقد سابقًا أن ظهور الطيران في الفقاريات يتطلب تطور الأطراف الأمامية والخلفية بشكل مستقل، مما يسمح لها بأداء مهامها المميزة بسهولة.
للاختبار، قارن الباحثون بين الخفافيش والطيور، نظرا لأنهما لم يتشاركا سلفا طائرا مشتركا، ما يجعل منهما نموذجين مستقلين لدراسة تطور الطيران.
قام الفريق بقياس عظام الأجنحة والأرجل لـ 111 نوعًا من الخفافيش و149 نوعًا من الطيور من جميع أنحاء العالم، باستخدام صور أشعة سينية من عينات متحفية وأخرى جديدة مخزّنة في متحف جامعة كورنيل.
لاحظ الباحثون أن عظام الأطراف ضمن الجناح أو الساق في كلا النوعين (مثل عظام اليد أو الفخذ) مترابطة تطوريا، أي أن العظام داخل الطرف الواحد تتطور معا.
عند مقارنة الأجنحة والأرجل معا، أظهرت الطيور ارتباطا ضعيفًا أو معدومًا، بينما كانت الخفافيش تظهر ارتباطا قويا.
بمعنى آخر، تطورت أطراف الخفافيش الأمامية والخلفية معا، عندما يتغير شكل الجناح، يتغير شكل الساق في الاتجاه نفسه.
آثار على تنوع التيروصورات
"نقترح أن الترابط التطوري بين الجناح والساق يحد من قدرة الخفافيش على التكيف مع بيئات جديدة"، قال هيدريك.
تثير هذه النتائج تساؤلات حول التيروصورات، وهي زواحف طائرة منقرضة امتلكت أجنحة غشائية مشابهة لأجنحة الخفافيش.
"كانت التيروصورات أكثر تنوعا من الطيور أو الخفافيش، حيث تراوحت أحجامها من آكلة حشرات صغيرة إلى عمالقة بحجم الزرافة تنافس الديناصورات"، أضاف أوركني. "ما هو السر وراء نجاحها التطوري؟"
أبحاث مستمرة في تطور الطيور
بعد هذا الاكتشاف، بدأ الفريق في إعادة دراسة تطور هياكل الطيور العظمية بعمق أكبر.
"لقد أظهرنا أن أجنحة وأرجل الطيور تطورت بشكل مستقل، ويبدو أن هذا تفسير مهم لنجاحها التطوري"، قال أوركني. "لكننا ما زلنا لا نعرف سبب قدرة الطيور على تحقيق ذلك أو متى بدأ هذا يحدث في تاريخها التطوري".