رثى الشاعر اللبناني عبد المنعم عطوى، في قصيدة مؤثرة، الشهيد محمد باقر زهري، الذي قضى في بلدة كفركلا الجنوبية، مع مجموعة من رفاقه الأبطال دفاعا عن لبنان وأرضه في 7 أكتوبر 2024.
بطل كفركلا الشهيد محمد زهري
هذا التاريخ الذي تزامن بشكل غريب مع تاريخ عملية طوفان الأقصى عام 2023، اختزل مسيرة البطل محمد زهري، وشكل تاريخا ناصعا لمن ناصر فلسطين طوال عام كامل، وخاض في بلدة كفركلا جنوب لبنان قتالا من المسافة صفر مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، فقضى شهيدا لم يعثر على جثمانه حتى اليوم، فبات بطل كفركلا خالدا على تراب الجنوب.
هدا التاريخ الذي لم يكن كأي تاريخ آخر، كان اختبارا لصلابة الرجال وعزم الأبطال وثبات المقاومين، بعد كل ما جرى قبله بأيام على لبنان ومقاومته من انتكاسات وضربات مؤلمة، إلا أن الشهيد ورفاقه جسدوا مفهوم الصمود الأسطوري، وأثبتوا أنهم رجال لا تخضع قلوبهم للخوف ولا يخور لهم عزم مهما بلغت المحن، قاوموا بالجسد والروح، وكانوا صوت الأرض الجريحة والقضية التي لا تموت.
وقد كان الشهيد محمد باقر زهري، شابا خلوقا مميزا، يدخل القلوب بصدقه، ويستحوذ على قلوب من حوله بأخلاقه وروحه الطيبة، أحبه كل من عرفه، لمواقفه النبيلة وإنسانيته الواضحة، نشط في دعم المقاومة اللبنانية والفلسطينية بالقول والفعل، ووقف مع الحق والتاريخ، مؤمن بأن المقاومة خيار من لا يرضى الذل ولا يخضع لاحتلال، فكان رحيله خسارة، لكن ذكراه حية في النفوس، وأثره لن يمحى من القلوب.
قصيدة الشاعر عبد المنعم عطوى في رثاء الشهيد محمد باقر زهري
وجاءت قصيدة رثاء محمد باقر زهري، الذي وصفه الشاعر بالشهيد السعيد، في ذكرى ولادته في 17 حزيران من العام 1991 والتي تصادف اليوم.
وعبر فيها الشاعر عبد المنعم عطوى، عن عدم مفاجأته باستشهاد محمد لمعرفته التامة بخصاله حيث قال: "لم يفاجئني نبأ استشهادك يا محمد وأنت الذي كنت تمتطي دمك في حلك وترحالك.. لم يفاجئني نبأ استشهادك فمن كان يعرفك كان يدرك أنك تمضي نحو نهاياتك الأثيره الى قلبك."
ويصف الشاعر مشاعره تجاه محمد وهو يرى فيه شهيدا حيا يمشي على الأرض، لا يحمل مجرد اسم أو صورة، بل قيمة وموقفا ورسالة، كاشفا عن أمنية الشهيد التي تحققت على أرض الواقع بقوله: "كنت أرى فيك شهيدا حيا يمشي على الأرض، كل ما فيك كان ينبئ برحيلك المبكر، صمتك العميق، نظراتك الساهمة، ليل عينيك والجبين المسافر، حين كنت أحدق في عينيك كنت أرى مواكب وكواكب وأمنيات، وقد كانت أغلى أمانيك أن يكون استشهادك مدويا، أن يتناثر جسدك الغض في كل ناح، أن تؤاخي سديم الأرض والتراب وهكذا كان."
وأشاد الشاعر بأداء محمد البطولي في خطوط النار الأمامية، متطرقا للدافع الديني الذي كان حافز للشهيد في قتاله الأسطوري بالقول: "صنعت وأخوانك أعظم الملاحم، هنالك في الثغر المتقدم في كفركلا كان غضبك يتفجر ثورة ولظا يحرق كيد الغزاة، كيف لا وقد كان حب الزهراء يسري في دمك وكنت كعادتك ترتقي المنبر الحسيني تتلو بصوتك الشجي مصارع الفرسان والركبان من الآل والأصحاب."
وانتقل الشاعر إلى جانب إنساني وجداني خاص بعائلة الشهيد محمد، من والدته التي ما تزال تنتظره قابضة على جمر الفراق، إلى أطفاله الذي أبدع في تصوير مشاعرهم البريئة قائلا: "أيا محمد أيها الرمح العاملي، ما زالت أمك تنتظرك على شرفات المساء، تقبض على جمر الفراق، تنتظر طيفك الآتي على جنح الغمام.. وما زالت طفلتك زهراء، تحدق بحنان في صورك المرسومة على جدران القلب، ترمقك بشغف.. أما طفلك علي، ابن السنتين، فما زال ينظر إلينا بدهشة، وفي عينيه ألف سؤال وسؤال."
وختم الشاعر القصيدة بخلاصة تقارن منزلة الأبطال والشهداء وبين منزلة ومصير الغزاة، قائلا: "لك المجد يا محمد لك العهد والوعد، وللغزاة الصهاينة لعنة التاريخ والأجيال."