أثارت الضربات الجوية الأمريكية التي استهدفت منشآت إيران النووية يوم السبت الماضي مخاوف واسعة بشأن احتمالية تسرب إشعاعي وأضرار بيئية وصحية، فما مدى خطورة هذه الضربات من وجهة نظر علمية؟
مدى الدمار الذي خلفته الضربات الأمريكية على المنشآت الايرانية
استهدفت الضربات الأمريكية منشآت تخصيب اليورانيوم في فوردو ونطنز بقنابل ثقيلة، بينما تعرض مجمع أصفهان للأبحاث النووية لقصف تقليدي.
ولا يزال مدى الضرر داخل المنشآت تحت الأرض غير مؤكد، لكن صور الأقمار الصناعية تظهر حطاما حول المواقع وثقوبا عند نقاط التفجير، ووفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تضررت منشآت نطنز بشكل كبير، بينما أغلقت الضربات مداخل فوردو دون انهيار الهياكل تحت الأرض، وفي أصفهان دمر 18 مبنى بالكامل.
هل اليورانيوم المخصب في المنشآت كان كافيا لحدوث انفجار نووي
ومن المهم الإشارة إلى أن تفجير منشأة نووية لا يسبب انفجارا نوويا، لأن القنبلة الذرية تتطلب ظروفا دقيقة لتحفيز التفاعل المتسلسل، فقد كانت المنشآت تحتوي على أجهزة طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم-235، وهو النظير الانشطاري المستخدم في المفاعلات النووية والأسلحة.
ويحتوي اليورانيوم الطبيعي على 0.7% فقط من اليورانيوم-235، ويتم تخصيبه عبر تحويله إلى غاز سادس فلوريد اليورانيوم (UF6) وتمريره عبر أجهزة الطرد المركزي، ووفقا لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أنتجت إيران 400 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي كمية كبيرة جدا للأغراض المدنية.
المخاطر الحقيقية لتسرب اليورانيوم إلى البيئة المحيطةالمخاطر الحقيقية لتسرب اليورانيوم إلى البيئة المحيطة
ويعتبر سادس فلوريد اليورانيوم مادة سامة كيميائيا ومشعة، لكن كثافته العالية تجعله أثقل من الهواء لذا في حال تسربه، يتركز في المناطق المنخفضة، وعند تحلله يطلق غاز الفلور السام، الذي يشكل أحماضا خطرة عند تفاعله مع الماء.
أما جزيئات اليورانيوم فقليلة الحركة في الهواء والمياه الجوفية، وتتفاعل سريعا مع عناصر أخرى مثل الأكسجين، مما يحد من خطر التلوث الواسع بعد الهجمات، وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية والسلطات الإيرانية عدم تسرب إشعاعي خارج المواقع.
المواد الكيميائية الناتجة هي الخطر الأكبر على البيئة
ونظرا لطبيعة اليورانيوم وقلة المياه في المناطق الصحراوية، سيكون التلوث الإشعاعي محصورا حول المواقع المستهدفة، ويتميز اليورانيوم-235 بنشاط إشعاعي منخفض، فهو يطلق جسيمات ألفا التي لا تشكل خطرا إلا عند الاستنشاق أو الابتلاع، أما النظائر المسرطنة مثل اليود-131 والسيزيوم-137، فتتكون فقط أثناء الانشطار النووي، ولا دليل على وجودها في المنشآت الإيرانية.
وأخيرا قد ينتج عن تحلل اليورانيوم غاز الرادون، المرتبط بسرطان الرئة، لكن خطره محدود في الأماكن المفتوحة، فالخطر الأكبر الذي يشكل تهديد بيئي بعد الضربات يأتي من التعرض للمواد الكيميائية مثل الفلور ووقود المعدات المدمرة، وليس الإشعاع النووي.