لماذا لا نستطيع دغدغة أنفسنا؟

لماذا تفشل دائما في دغدغة نفسك؟ إليك التفسير العلمي لماذا تفشل دائما في دغدغة نفسك؟ إليك التفسير العلمي

تعد الدغدغة تجربة عصبية غريبة ومثيرة للاهتمام، فبينما قد تثير الضحك عند البعض، تبدو غير فعالة عند آخرين، والأكثر غرابة هو فشلنا في دغدغة أنفسنا، هذا التناقض لطالما حير الفلاسفة والباحثين في علم الأعصاب، الذين حاولوا فهم السبب وراء كون اللمسة الذاتية لا تثير ذات الاستجابة العصبية التي تولدها لمسة خارجية غير متوقعة.

وفي دراسة حديثة قامت العالمة العصبية كونستانتينا كيلتيني بتطوير جهاز آلي مخصص للدغدغة، سمح للباحثين بتحفيز مناطق معينة مثل باطن القدمين بدقة فائقة، وقياس النشاط العصبي المصاحب لذلك، فأظهرت النتائج تباينا كبيرا في ردود أفعال المشاركين، فبعضهم ضحك بشكل هستيري، بينما لم يتفاعل آخرون إطلاقا.

المخيخ يتنبأ بالحركة ويمنع رد فعل الدغدغة

ويعود السبب في عدم قدرتنا على دغدغة أنفسنا في الطريقة التي يعالج بها الدماغ المعلومات الحسية الذاتية، فعند استعدادنا للمس أنفسنا يتوقع المخيخ هذا الفعل مسبقا، ما يؤدي إلى كبح نشاط القشرة الحسية الجسدية، وهي المسؤولة عن تسجيل الإحساس باللمس، وبهذه الطريقة يمنع الدماغ نفسه من التفاعل مع اللمسات المتوقعة، ما يفسر لماذا تكون الدغدغة الذاتية غير فعالة.

فالباحثون يعتبرون هذا التنبؤ الحسي بمثابة آلية دفاعية عصبية تساعد الجسم على التمييز بين اللمسات الذاتية والتهديدات الخارجية، فبعض النظريات العلمية تقترح أن الدغدغة تطورت كنوع من رد الفعل الوقائي، حيث تثير المناطق الحساسة مثل القدمين أو الإبطين ردود فعل سريعة في مواجهة التهديدات الخارجية.

إن هذه الآلية تعزز بقاء الإنسان عبر تحفيز الحركات الدفاعية والضحك العصبي، مما يسلط الضوء على العلاقة المعقدة بين الحواس والحركة والوعي الذاتي.

الرابط بين الدغدغة والعاطفة والاضطرابات النفسية

وبعيدا عن التفسير العصبي البحت يرى العلماء أن للدغدغة جانبا اجتماعيا مهما، حيث تساهم في تعزيز الروابط الاجتماعية، خاصة بين الأطفال وأولياء الأمور أو بين الأصدقاء، من خلال الضحك المشترك.

وفي المقابل كشفت الأبحاث أن بعض الأفراد المصابين بالفصام قادرون على دغدغة أنفسهم، خلافا للأشخاص الأصحاء، وهذه الظاهرة ترجع على الأرجح إلى اضطراب في آلية التنبؤ الحسي، إذ يفشل الدماغ في التعرف على اللمسة الذاتية ويعاملها كما لو كانت خارجية، وإن هذا الخلل قد يكون مرتبطا بحدة الهلوسات لدى بعض المرضى، حيث يصبح من الصعب عليهم التمييز بين الذات والآخر.

فالدراسة تفتح بذلك نافذة جديدة على فهم العلاقة بين الدغدغة والوعي والاضطرابات العصبية، وبينما تبقى عدة جوانب من الظاهرة غير مفهومة، تصف كيلتيني الدغدغة بأنها "لغز كبير في علم الأعصاب"، وتواصل أبحاثها في مختبر مخصص لدراسة الإحساس اللمسي والدغدغة، آملة في فك طلاسم هذه الظاهرة الفريدة التي تجمع بين الحركة والإدراك والمشاعر.