أخبار

رحل حسني مبارك .. وترك نهجه موروثا لمن بعده

25 شباط 2020 21:16

توفي الرئيس المصري السابق حسني مبارك اليوم في القاهرة، عن عمر يناهز 91 عاما.

توفي الرئيس المصري السابق حسني مبارك اليوم في القاهرة، عن عمر يناهز 91 عاما.

وأصبح مبارك رئيساً لمصر في أعقاب اغتيال الرئيس السابق أنور السادات، في حين أطيح به عام 2011 خلال ثورات ما يسمى بـ"الربيع العربي"، حيث سجن بسبب جرائم ارتكبت أثناء وجوده في منصبه، وأطلق سراحه في عام 2017.

وأشار تحليل لموقع المعهد الأمريكي للمشاريع والأبحاث إلى أن مبارك أبقى بإخلاص إلى حد ما على اتفاقات كامب ديفيد التي وقعها السادات، وقاد سلاماً مزعجاً وبارداً مع إسرائيل خلال فترة ولايته، موضحاً أن ذلك جعله يتمتع بحوالي ملياري دولار سنويا من المساعدات الخارجية والعسكرية الأمريكية.

وأضاف التحليل أنه بينما سمح تحت ضغط شديد من الولايات المتحدة والمؤسسات المالية الدولية ببعض الإصلاحات الاقتصادية التي حققت بعض التحسن في حياة المصريين العاديين، جمع مبارك أيضا ثروة هائلة لنفسه ولعائلته، وعزز نظام حكم اللصوص (كليبتوقراطية)، الذي زاد من ثروة عائلته ورفاقه وأصدقائه العسكريين، وجعل مصر تنزلق من قمة القوة العربية إلى مجرد متفرج في شؤون المنطقة.

ولكن بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، كان سلوك مبارك في الداخل غير ذي أهمية لها، فقد كانت حملاته ضد المعارضة السياسية مجرد مضايقات بسيطة، حسب التحليل.

موضحاً أن قمع مبارك لجميع الأحزاب السياسية والصحافة الحرة والأعمال التجارية غير الخاضعة للتنظيم والمنظمات غير الحكومية من المسائل التي كانت لا تهم و لا يبالي بها الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين لكلا الحزبين.

كما وكان الفقر المتفشي وتزايد التطرف في جماعة الإخوان المسلمين في مصر من الأفكار اللاحقة حتى بالنسبة للكونجرس الأمريكي، والتي عادة ما تنخرط في مثل هذه الأمور وتهتم بها، حسب التحليل.

ولفت التحليل إلى أنه على الرغم من الاضطرابات التي نشبت في الأفق، فإن إدارتي بوش وأوباما نظرتا بعين اللامبالاة لما كان يحدث في مصر إبان حكم مبارك، وكانا مرتاحين لفكرة أن مبارك الذي كانوا يصفونه بأنه "الفرعون الجديد"، سوف يعين ابنه كرئيس جديد لمصر من خلفه.

و لكن لسوء الحظ، حسب التحليل، فإن الشعب المصري الذي عانى في ظل حكمه الحديدي لفترة طويلة لا يمكن أن يبقى غير مبال بحاله. وعندما تجمع الشباب المصري في ميدان التحرير في القاهرة في عام 2011 للاحتجاج والدعوة إلى قيادة جديدة، سرعان ما أصبح هناك شيء واضح، حيث أن المعتدلون والليبراليون وغيرهم من الجماعات غير الإسلامية كانوا مدربين تدريبا سيئا وقليلي التجهيز ولا يملكون سوى القليل من الموارد عندما جاؤوا لتحدي القوى الحاكمة، وكانوا قادرين على إشعال الثورة والتحضير لها، لكن الإخوان المسلمين هم وحدهم الذين كانوا قادرين على جني ثمارها وقيادتها.

ولفت التحليل إلى أن الديمقراطيات في العالم تجاهلت هؤلاء الليبراليين على مر السنين، وسمحت لهم بالتعفن في السجن أو العيش في خوف دائم من الاعتقال أو ما هو أسوأ من ذلك.

وبالتأكيد كانت هناك بعض الجهود لكن معظمها كانت تافهة وكان من الصعب عليها الوقوف أمام قبضة مبارك الحديدية، حسب وصف التحليل.

فلا وزارة الخارجية ولا البيت الأبيض دعمت جهود مجموعات مثل المعهد الجمهوري الدولي والمعهد الديمقراطي الوطني، وعندما جاء الضغط إلى الأمام كانت اتفاقية كامب ديفيد مفروضة على الجميع دون أدنى مبالاة ولا اهتمام بحرية ورأي الشعب المصري.

ولذلك قال التحليل أنه لا ينبغي أن يكون مفاجئا أن الرئيس الحالي للقاعدة ينحدر من مصر، وهو أحد المعتقلين السابقين بالسجون المصرية إبان حكم مبارك. ولا ينبغي أن يكون الأمر مفاجئا لأن الجيش المصري يستغل الآن لمرة أخرى عضلاته لاستعادة السلطة وممارسة القمع ضد الشعب، حيث نجح في ذلك عندما كان المتطرفون المناهضون للديمقراطية في جماعة الإخوان المسلمين يحكمون مصر خلال فترة حكم الرئيس السابق محمد مرسي.

أما بالنسبة للرئيس الحالي لمصر، الجنرال العسكري عبد الفتاح السيسي، أوضح التحليل أنه خليفة مبارك ويسير على نهجه، ولكن على نمط أسوأ بكثير.

وأشار التحليلي إلى أن الآلاف يقبعون في السجن، في حين أن الجيش والسيسي يزدادان ثراء على حساب الشعب المصري ومعاناته التي تزيد كل يوم.

وتسأل هل ستكون هناك ثورة أخرى ؟ بالطبع بكل تأكيد ، وهل يهم ذلك الولايات المتحدة ؟ ربما لا.

وولفت إلى أن مما يعيدنا مرة أخرى إلى سلسلة من التجاهل الأمريكي لمشاكل المنطقة والشعب المصري هو ما سيعيدنا إلى نقطة البداية ومربع نهج حكم مبارك من جديد.

ووختم التحليل: سيكون من الرائع انتهاء جيل واحد من المستبدين العرب من المشهد، إذا كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون يريدون تعديل سياساتهم لمحاولة إعطاء الأولوية للحكم وحقوق الإنسان في العالم العربي. مما قد يضمن نهاية لتدفقات اللاجئين الجماعية والقتل الجماعي والتطرف الإرهابي، ولكن أي شيء خلافاً لذلك، سيكون مجرد تمرير وإعادة لصنع مبارك جديد واحد تلو الآخر، وربما ما هو أسوأ أيضا.

النهضة نيوز