تحالف البريكس.. عصر جديد في الجغرافيا السياسية

تقارير وحوارات

معلومات عن مجموعة البريكس ودورها في إعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي

30 أيار 2024

الدكتور حسين الحسيني

يعتبر تحالف بريكس مجموعة اقتصادية تضم قوى عالمية وإقليمية كبرى، يعمل على العديد من الأهداف ومنها التصدي لهيمنة الغرب الاقتصادية، ولمجموعة بريكس تأثيرها المحوري في إعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي، نظرا لما يمتلكه أعضائها من مميزات ومقدرات هائلة، وقد ازداد تأثيرها العالمي بعد انضمام العديد من الدول المؤثرة إليها مؤخرا.

ما هي مجموعة بريكس (BRICS)؟ وماذا تعني؟

تضم مجموعة بريكس دولاً مؤثرة على الصعيد العالمي وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، ويمثل هذا التحالف كتلة كبيرة من الاقتصادات الناشئة، فهذه البلدان مجتمعة تمثل قسماً كبيراً من سكان العالم والمساحة الجغرافية والناتج الاقتصادي العالمي.

وقد تم تأسيس المجموعة عام 2006 بهدف تعزيز التعاون وتعزيز الروابط الاقتصادية والتنمية المشتركة بين الدول الأعضاء.

وفي الآونة الأخيرة، وسّع تحالف بريكس عضويته، وبالإضافة إلى الأعضاء الحاليين، انضمت خمس دول جديدة إلى التحالف وهي إيران والسعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وإثيوبيا.

ويهدف هذا التوسع إلى تعزيز تأثير الاقتصادات الناشئة على السياسة الدولية والتصدي لهيمنة الدول الأكثر ثراءً في أمريكا الشمالية وغرب أوروبا.

إمكانيات مجموعة بريكس

يتجاوز مجموع سكان مجموعة البريكس الموسّعة ثلاثة مليارات نسمة، وهذا يمثل أكثر من 40% من سكان العالم، وبالإضافة إلى ذلك، فإن اقتصاداتها المجتمعة تزيد على 28.5 تريليون دولار، وهذا ما يمثل حوالي 28% من الاقتصاد العالمي، ومع انضمام إيران والسعودية والإمارات العربية المتحدة، تنتج دول البريكس حوالي 44% من إجمالي إنتاج النفط الخام في العالم.

أهداف مجموعة بريكس

يسعى تحالف البريكس إلى تعزيز صوت وتمثيل الاقتصادات الناشئة على الساحة العالمية، والتصدي لهيمنة الدول الغربية في مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، كما أنشأت دول البريكس البنك الجديد للتنمية في عام 2014 لتوفير التمويل لمشاريع البنية التحتية، بما في ذلك الطرق والجسور والسكك الحديدية وأنظمة إمدادات المياه في الدول الناشئة.

وفي حين تسعى الصين إلى توسيع نفوذها من خلال البريكس، تنظر إليها روسيا كجزء من استراتيجيتها لمواجهة العقوبات الغربية بعد الحرب في أوكرانيا، ويظل هذا التحالف قوة كبيرة في إعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي وتعزيز التعاون بين الدول النامية الرئيسية.

مخاوف تحالف البريكس من هيمنة الدولار الأمريكي

شكل الدولار الأمريكي لعقود من الزمن، العملة الاحتياطية الرئيسية في العالم، مما يمنح الولايات المتحدة نفوذاً اقتصادياً هائلاً ويتيح لها التأثير على السياسات المالية العالمية، وتثير هذه الهيمنة مجموعة من المخاوف بين دول البريكس للأسباب التالية:

1_الديون الأمريكية المتزايدة والخوف على الاقتصاد العالمي: تحمل الولايات المتحدة ديوناً وطنية ضخمة تبلغ حوالي 34.4 تريليون دولار، وبصفتها أقوى اقتصاد في العالم، فإن أي هبوط اقتصادي أو ركود في الولايات المتحدة سيؤثر مباشرة على الاقتصاد العالمي، ولذلك، تواجه دول البريكس، التي تعتمد بشكل كبير على الاحتياطيات التي يتم تقييمها بالدولار، ضعفاً بسبب هذه الترابط.

2_الاعتماد على الدولار: تتم غالبية التجارة الدولية والمعاملات العالمية بالدولار الأمريكي، وتدرك دول البريكس أن اقتصاداتها ستتأثر بشكل غير متناسب بتقلبات قيمة الدولار، ولذلك فهم يبحثون عن بدائل لتقليل اعتمادهم على الدولار.

مهمة البريكس: التخلص من هيمنة الدولار الأمريكي

تخطط دول البريكس إلى إنشاء عملة جديدة في إطار السعي للتخلص من هيمنة الدولار الأمريكي، حيث يبحث قادة هذه الدول بنشاط موضوع إنشاء عملة جديدة بحيث تكون بديلاً للدولار الأمريكي، وعلى الرغم من أن المحاولات لا تزال في بدايتها، فإن هذه المبادرة تهدف إلى تسهيل التجارة والاستثمار داخل التحالف، وفيما يلي الأفكار الرئيسية التي يتم طرحها:

_ سلة العملات: من المرجح أن تكون العملة الموحدة للبريكس سلة من العملات، بما في ذلك الريال البرازيلي والروبل الروسي والروبية الهندية واليوان الصيني والراند الجنوب إفريقي، ومن خلال الابتعاد عن الدولار، تسعى البريكس إلى عزل نفسها عن الصدمات الخارجية.

_التحديات المقبلة: يتضمن تطوير عملة جديدة مفاوضات معقدة وتنسيق السياسات النقدية ومعالجة الاختلافات الهيكلية بين الدول الأعضاء، ومع ذلك، فإن الهدف طويل الأجل واضح، وهو تقليل الاعتماد على الدولار.

وتبرز من هنا تداعيات مخططات دول البركس بإنشاء عملة جديدة على الدولار الأمريكي، فإن نجحت عملة البريكس الجديدة، سيؤثر ذلك بشكل كبير على الدولار الأمريكي بالطرق التالية:

_انخفاض الطلب: إن نجاح عملة البريكس من شأنه أن يقلل الطلب العالمي على الدولار، ومع حدوث المزيد من المعاملات بالعملة الجديدة، قد تتضاءل قيمة الدولار.

_حالة العملة الاحتياطية: قد تضعف مكانة الدولار باعتباره العملة الاحتياطية الأساسية في العالم، وسيكون بوسع البنوك المركزية أن تعمل على تنويع احتياطاتها من خلال جمع عملة مجموعة البريكس، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى تحول تدريجي بعيداً عن الدولار.

_قوة العملات المحلية: إذا تم قبول عملة البريكس، يمكن أن تتعزز العملات المحلية داخل التحالف، وهذا من شأنه أن يشكل تحدياً لهيمنة الدولار في الأسواق الدولية.

وعلى الرغم من أن تطوير عملة البريكس هو عملية تدريجية، لكن الخبراء يتوقعون إمكانية حدوث تغييرات كبيرة خلال العامين المقبلين، لأن المشهد الجيوسياسي آخذ في التحول، والشرق يهيئ نفسه لإعادة تشكيل النظام المالي العالمي الجديد، وبينما تسعى دول البريكس إلى التحرر من هيمنة الدولار، يواجه الغرب مجموعة من التحولات التي تتطلب اهتماماً دقيقاً.