الخريطة الرقمية للدماغ غابة عملاقة من البيانات

علوم

أدق خريطة للدماغ البشري تكشف عن أسرار عصبية مذهلة

11 أيار 2024

استخدم الباحثون خوارزمية الذكاء الاصطناعي  لإنتاج 1.4 مليون غيغابايت من البيانات من ملليمتر مكعب واحد من أنسجة المخ.

ونتيجة لهذا العمل تم إنشاء خريطة رقمية  تكشف عن جزء صغير من الدماغ البشري بتفاصيل لم يسبق لها مثيل.

خريطة رقمية لجزء صغير من الدماغ

استنادًا إلى العينة المأخوذة من أنسجة المخ التي تمت إزالتها جراحيًا من دماغ إنسان، تعكس الخريطة ملليمتر مكعب واحد من الدماغ. على الرغم من صغر هذا الحجم، إلا أنه يحتوي على كمية هائلة من المعلومات تبلغ 1.4 مليون غيغابايت. يحتوي الجزء الصغير هذا على حوالي 57,000 خلية، و 230 ملم من الأوعية الدموية، و 150 مليون مشبك عصبي، وهي الروابط بين الخلايا العصبية.

ونشر الباحثون النتائج التي توصلوا إليها في مجلة Science يوم أمس الجمعة، وجعلوا مجموعة البيانات متاحة مجاناً للناس عبر الإنترنت وقدموا أدوات لتحليلها وتصحيحها.

ويقول جيف ليشتمان، المؤلف المشارك للدراسة وعالم الأحياء في جامعة هارفارد: "إن مجموعة البيانات لدينا ضئيلة للغاية، لكنها لا تبدو صغيرة، لأنك عندما تبدأ بدراستها، ستدرك أنها تشبه غابة عملاقة".

رسم خريطة للدماغ

تم رسم أول خريطة للدماغ في عام 1986، وفي ذلك الوقت، قام الباحثون بفهرسة 302 خلية عصبية للدودة المستديرة، وفي عام 2020، رسم فريق غوغل خريطة لـ 25000 خلية عصبية في جزء من دماغ ذبابة الفاكهة، كما قاموا أيضاً برسم خرائط لأجزاء من دماغ عصفور الحمار الوحشي.

كيف تم رسم أدق خريطة للدماغ ؟

أما بالنسبة للبحث الجديد، فقد لجأ الباحثون إلى قطعة من أنسجة المخ من شخص مصاب بالصرع، حيث قام الجراح بإزالة الأنسجة من الفص الصدغي الأمامي الأيسر، وهو جزء من الدماغ يعتقد أنه يلعب دوراً مهماً في ذاكرتنا للأشياء والأشخاص والكلمات والحقائق.

ثم استخدم العلماء المجهر الإلكتروني لتصوير أكثر من 5000 شريحة من الأنسجة، تبلغ سماكة كل منها حوالي 30 نانومتر فقط، واستغرقت العملية ما يقرب من 11 شهراً، ثم أعادت خوارزميات الذكاء الاصطناعي بناء الخلايا واتصالاتها ثلاثية الأبعاد.

الأسرار التي كشفتها خريطة دقيقة للدماغ

وأسفرت البيانات بالفعل عن بعض النتائج غير المتوقعة، فقد كان هناك الكثير من الأشياء التي لا تتوافق مع ما يمكن أن تقرأه في كتاب مدرسي، فعلى سبيل المثال، وجدوا بعض المواقع النادرة حيث كانت الخلايا العصبية متصلة بأكثر من 50 مشبك عصبي في نفس الوقت، وهذا أمر غريب بشكل لا يصدق، فأكثر من 96% من الاتصالات بين الخلايا العصبية تحتوي على مشبك عصبي واحد فقط، وأكثر من 99% منها تحتوي على ثلاثة نقاط اشتباك عصبي أو أقل، وهذه حقيقة يمكن استخدامها في فهم عملية التعلم، وفهم بعض السلوكيات التي نمارسها بشكل جيد لدرجة أنها لا تتطلب أي تفكير على الإطلاق، مثل تحريك قدمك من دواسة الوقود إلى الفرامل عند إيقاف السيارة.

كما وجد الفريق أيضاً حالات من المحاور العصبية، وهي الدوائر الموجودة على الخلايا العصبية التي تنقل الرسائل، والتي تلف نفسها في عقد، لكنهم لا يعرفون السبب حتى الآن، فلم ير أحد شيئاً مثل هذا من قبل".

مجلة Science