طلبات لقاحات فيروس كورونا باعتبارات دبلوماسية ولوجستية

أخبار

فايزر أم سينوفارم.. دبلوماسية اللقاحات في الشرق الأوسط

26 كانون الثاني 2021 11:11

فايزر أم سينوفارم، الولايات المتحدة أم الصين، يتم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قيادة وإجراء طلبات لقاحات فيروس كورونا التاجي المستجد باعتبارات دبلوماسية ولوجستية، مما يعكس نفوذ بكين الإقليمي المتزايد.

ففي الأيام الأخيرة، نشرت الحكومة الإسرائيلية وثائق تظهر مدى تعاونها مع شركة الأدوية الأمريكية العملاقة فايزر في حملة التطعيم، وهي واحدة من أكبر الحملات في العالم حتى الآن، حيث تم تطعيم أكثر من ربع سكانها التسعة ملايين بالفعل.

لقاح فايزر أم سينوفارم

وفي مقابل التسليم السريع للقاحات، تقدم إسرائيل، بقواعد بياناتها الطبية الرقمية الضخمة، بيانات للشركة حول الفعالية والآثار الجانبية المحتملة للقاح بناء على مؤشرات مثل العمر والتاريخ الطبي للمرضى والأشخاص السليمين.

تجدر الإشارة إلى أن هذا التعاون الواسع ليس مفاجئا نظرا لأن إسرائيل هي الحليف الاستراتيجي الرئيسي لواشنطن في المنطقة.

كما وطلبت دولة الاحتلال ملايين الجرعات من اللقاح الذي طورته شركة موديرنا الأمريكية، وهو أقل لقاح مطلوب في المنطقة حتى الآن.

بالإضافة إلى ذلك، تعتمد دول أخرى في الشرق الأوسط، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وقطر والكويت وسلطنة عمان، بشكل كبير على لقاح فيروس كورونا التاجي المستجد الذي طورته شركة فايزر الأمريكية بالشراكة مع شركة BioNTech الألمانية أيضاً.

من ناحية أخرى، قامت دول أخرى مثل العراق والأردن والإمارات العربية المتحدة والبحرين بتركيز طلبتاهم على لقاحات كل من شركتي فايزر الأمريكية وسينوفارم الصينية، مع اعتبار اللقاح الصيني الآن "آمناً تماماً" من قبل الإمارات العربية المتحدة.

• طريق الحرير الصحي

بالنسبة إلى يحيى الزبير، المتخصص في العلاقات بين الصين والعالم العربي، يعتمد اختيار اللقاح على اعتبارات مثل السعر ومتطلبات التخزين البارد التي تصل إلى -70 درجة مئوية للقاح شركة فايزر، ولكن من درجتين إلى ثماني درجات مئوية للقاح شركة سينوفارم.

كما ويقول الأستاذ في كلية كيدج للأعمال في فرنسا أن السياسة ليست بعيدة في صناعة مثل هذا القرار على الإطلاق.

وصرح الزبير لوكالة فرانس برس الفرنسية منذ بداية اندلاع الجائحة الفيروسية أن ادارة الرئيس الاميركي الاسبق دونالد ترامب قد انغلقت على نفسها في الوقت الذي كانت تنشر فيه الصين الدبلوماسية الصحية، مضيفاً: "لقد كان الصينيون أكثر نشاطاً وأكثر تعاوناً بكثير".

وفي الحقيقة، قامت بكين بتصدير ملايين الأقنعة الواقية والعباءات الصحية إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأماكن أخر حول العالم، فضلاً عن توفير أجهزة التنفس الصناعي وعقد ندوات عبر الإنترنت مع السلطات الطبية في مختلف البلدان لاحتواء الجائحة الفيروسية.

وقال الزبير: "اليوم، مع طريق الحرير الجديد، هناك أيضاً طريق حرير صحي"، مشيراً إلى دفع الصين لتحسين البنية التحتية التي تغطي الكرة الأرضية من خلال مبادرة الحزام والطريق.

مضيفاً: "لقد أصبحت الصحة جزءاً من سياسة الصين الخارجية، مما يسمح لها بتوسيع دائرة أصدقائها في منطقة تمثل نصف واردات بكين من النفط ".

لقاحات كورونا في الامارات العربية المتحدة

الى ذلك ووفقاً لجوناثان فولتون، المتخصص في العلاقات الصينية والشرق أوسطية بجامعة زايد في الإمارات العربية المتحدة: "هناك ضغط كبير على الحلفاء والشركاء من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لعدم التعاون مع الصين. وعلى الرغم من ذلك، بينما تخبطت الولايات المتحدة في استجابتها للجائحة الفيروسية، تحولت الصين من كونها الضحية التي بدأ فيها انتشار الفيروس إلى جهة عالمية داعمة وذات مصداقية صحية".

كما وقال فولتون إنه من خلال مبادرة الحزام والطريق، فإن بكين تتطلع إلى بناء وجود استشرافي لها في الشرق الأوسط، ولكن ليس لتحل محل الولايات المتحدة الأمريكية بالضرورة.

• علم منقوص:

في الحقيقة، برز زيادة الطلب على لقاحات شركة سينوفارم الصينية أيضاً لدى بعض حلفاء الولايات المتحدة الآخرين في المنطقة، بما في ذلك مصر والمغرب.

ويقول محللون أن هذا التعاون قد يهدف إلى ضمان إنشاء مراكز إنتاج وتوزيع لقاحات صينية في المنطقة وإفريقيا على أراضي تلك الدول.

وقال ستيفن كوك، الزميل البارز لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا في مجلس العلاقات الخارجية: "يبدو من الواضح أن هيبة بكين آخذة في الصعود في منطقة كانت لفترة طويلة حكراً على الهيمنة الأمريكية. فلطالما نظر الناس في الشرق الأوسط كتابع للولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها القوة التكنولوجية العالمية والتي تقدم الحل لجميع المشكلات".

كما وأضاف كوك أن الولايات المتحدة حتى الآن كانت غائبة بالفعل في أغلب الوقت عما يسمى بـ"دبلوماسية اللقاحات"، ويرجع ذلك في الغالب إلى أجندة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن تقديم مصلحة الولايات المتحدة أولا، والتي تجنبت التعاون الدولي وقللت من قيمة العلم.

• لقاح سبوتنيك:

وفي مجال "دبلوماسية اللقاحات" أيضاً، توجد المملكة المتحدة، التي تعتمد على لقاحات فيروس كورونا التي تطورتها جامعة أوكسفورد بالشراكة مع شركة أسترا زينيكا، والتي قامت العديد من الدول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بطلبها بالفعل، وذلك في الوقت الذي ما زالت فيه تحاول ترويج لقاحها الخاص الذي يسمى "سبوتنيك 5".

تجدر الإشارة إلى أن الجزائر، وهي حليفة موسكو القديمة، قد أمرت بشراء لقاحات سينوفارم الصينية بطلب من روسيا، والتي كانت تكلفتها أقل بكثير من منافسيها الغربيين ولكن مصداقيتها موضع تساؤل، ولمحت إحدى وكالات الأنباء الجزائرية في ذلك الوقت إلى أن الأمر أشبه بلعبة الموت المسماة " الروليت الروسي".

أما في رام الله، مقر السلطة الوطنية الفلسطينية، التي قطعت علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية في ظل إدارة ترامب، ينتظر الكثيرون تسليم جرعات لقاح سبوتنيك 5 الروسية، وذلك في الوقت الذي تلقى فيه 2.5 مليون إسرائيلي الجرعة الأولى من لقاح شركة فايزر على الأقل، وهذا تفاوت انتقدته العديد من المجموعات الحقوقية والصحية بالفعل.

في حين رفضت إيران، العدو اللدود لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، شراء واستخدام اللقاحات الغربية، قائلة أنها ستعتمد على لقاحات التي يتم تطويرها في الهند أو الصين أو روسيا، وذلك في الوقت الذي تسعى فيه إلى تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا بنفسها، وتزامنا مع مكافحتها أخطر تفشي للجائحة الفيروسية في المنطقة.

ووفقاً لفولتون: "حتى لو بدت الصين متقدمة في "دبلوماسية اللقاحات"، فإن العوامل بما في ذلك التوجه الجديد لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس جو بايدن، وهو توجه متعدد الأطراف ويمكن أن يكون مغيراً كبيراً للعبة، ولا أعتقد أن المباراة قد انتهت".

المصدر: مجلة ديجيتال جورنال