تحت غطاء عدالة التوزيع.. ضرائب جديدة تطرق أبواب اللبنانيين

أخبار لبنان

تحت غطاء عدالة التوزيع.. ضرائب جديدة تطرق أبواب اللبنانيين

30 كانون الثاني 2021 10:02

بعد الأحاديث التي طالت في اجتماعات الحكومة المالية عن مشروع موازنة عامة والتي من عادة الحكومات أن تضعه نهاية الشهر من كل عام بيد أن لبنان لازال يقلب موازنته على نيران تحرق الشعب فقط.. حيث لا يبدو مشروع موازنة 2021، بالنسبة إلى وزارة المال، أكثر من خطة لتمرير الوقت بأقل عجز ممكن.

وفي صورة التراجع الملحوظ في الإيرادات الضريبية المتوقعة، تم استحداث ضريبة التضامن الوطني التي تؤمن نحو ألف مليار ليرة، مع فرض ضريبة بنسبة 30 في المئة على فوائد سندات الخزينة وشهادات الإيداع، ضريبة لا تقترب بأذيالها أموال كل من اغتنى من فوائد الدين العام، بحجة انتظار برنامج صندوق النقد. 

وفي التعريف ضريبة التضامن الوطني. هي ضريبة من اثنتين اقترحهما وزير المالية في مشروع الموازنة، بهدف تعويض الخسائر الكبيرة في المداخيل الضريبية، جرّاء الانكماش الاقتصادي المستمر منذ أكثر من سنة. تطال الضريبة الأولى من يملكون مليون دولار أو ما يزيد من الودائع. وبحسب المادة 30 من مشروع قانون الموازنة، هي ضريبة استثنائية تُفرض لمرة واحدة على قيمة كل حساب دائن مفتوح لدى المصارف العاملة في لبنان كما في 31/10/2020، وفقاً لما يلي:

واحد في المئة على كل حساب قيمته ما بين مليون و20 مليون دولار، أو ما بين 1.5 مليار ليرة و?? مليار ليرة.

1.5 في المئة على كل حساب قيمته ما بين 20 مليون دولار و50 مليون دولار، أو ما بين 30 مليار ليرة و75 مليار ليرة.

2 في المئة على الحسابات التي تفوق قيمتها ?? مليون دولار أو 75 مليار ليرة. 

يشير بيان الإيرادات، الذي تضمنه

وضمن مشروع الموازنة العامة، تشير هذه الضريبة، التي تقع في خانة "ضرائب على رؤوس الأموال المنقولة"، إلى إيرادات تصل 1.279 مليار ليرة. المبلغ يشمل الأموال المُحصّلة من ضريبة التضامن الوطني والأموال المحصّلة من الضريبة على توزيعات أرباح الأسهم (قُدّرت في موازنة 2020 بـ158 مليار ليرة، وتحقق منها فعلياً حتى آب 2020 نحو 93 مليار ليرة). هذا يعني أن الضريبة تلك ستحقق نحو 1.1 ألف مليار ليرة فقط.

أما الضريبة الثانية، فقد وُضعت لتعوض تراجع إيرادات الضريبة على الفوائد المصرفية جراء الانخفاض الكبير في معدلات الفائدة على الودائع. وتطال هذه الضريبة الفوائد التي تزيد على 3 في المئة على الدولار و5 في المئة على الليرة اللبنانية. بحسب وزارة المالية، فإن هذه المادة الضريبية تؤمّن ما بين 800 مليار ليرة وألف مليار ليرة، وهي لا تطال عملياً سوى المصارف، إذ أن الفائدة التي يحصّلها الأفراد حالياً تقلّ عن واحد في المئة بالنسبة إلى الدولار، وعن 3 في المئة بالنسبة إلى الليرة، في حين أن فوائد شهادات الإيداع وسندات الخزينة مصرف لبنان هي وحدها التي تتخطّى الفائدة عليها النسبة التي اقترح وزير المال أن تُفرض عليها ضريبة الـ30 في المئة. وبالرغم من هذه الضريبة الإضافية التي تطال توظيفات المصارف في مصرف لبنان (لا تملك المالية أرقاماً دقيقة عن قيمتها الفعلية) إلّا أنّ إجمالي عوائد الضريبة على الأرباح يُتوقع أن يسجّل انخفاضاً بالمقارنة مع عام 2020 (من 2279 مليار ليرة إلى 1903 مليارات ليرة، وكان يمكن أن ينخفض إلى ما دون ألف مليار ليرة).

وفي ماهية ضريبة التضامن الوطني، تشير أن الهدف هو أن يساهم أصحاب رؤوس الأموال في دعم أو التضامن مع فئات أخرى، من خلال التبرع بمبلغ زهيد. فمن يملك مليون دولار ستنقص وديعته 10 آلاف دولار ومن يملك 500 مليون دولار ستقلّ ثروته مليون دولار، ويبقى له 499 مليون دولار.

صحيفة الأخبار اللبنانية نقلت عن مصادر وزارة المال قولها: إن هذه النسبة درست بعناية بحيث تساهم في رفد الدولة بالإيرادات من دون أن تؤدّي إلى اعتراضات كبيرة يمكن أن تطيرها.

كما تشير المصادر إلى أن هذه الضريبة لا تغني عن أيّ إجراءات يمكن أن تُتّخذ في إطار عملية الإصلاح المالي والنقدي المرتقبة. مصادر معنيّة تؤكد أن المشكلة الفعلية هي هنا. فوزارة المالية كان يُفترض أن تقدم تصوراً للعملية الإصلاحية وكيفية الخروج من المأزق الحالي، انطلاقاً من أن دورها لا يقتصر على تأمين الإيرادات وتقدير النفقات. لذلك، فإنّ إضافة ألفي مليار ليرة إلى الإيرادات كان يمكن أن يكون حلاً مقبولاً في زمن البحبوحة، للمساهمة في تخفيض العجز، إلّا أن إضافة هذا المبلغ إلى الواردات اليوم، يؤكد أن الوزارة لا تزال تراهن على شراء الوقت، متجنّبة الدخول في الحلول، التي لا تحتاج أصلاً إلى صندوق النقد لإجرائها. تقول

وأوضحت المصادر أنه في حالة الانهيار ليس المقصود بالضريبة على الثروة أن يتضامن الأغنياء مع الفقراء أو أن يساهموا أكثر من غيرهم في تمويل الدولة. أما الضريبة التصاعدية فيُفترض أن تكون ضريبة طبيعية ولطالما طالب بها الساعون إلى العدالة الضريبية.

بالرغم من أن تأكيده أن نسبة الواحد في المئة هي نسبة مقبولة، إلّا أن الخبير المصرفي نسيب غبريل يعتبر أن ضريبة كهذه يجب أن تكون ضمن مشروع إصلاحي شامل، أي بما يضمن أن لا تؤدّي هذه الضريبة إلى غير الغاية منها كأن تموّل، على سبيل المثال، الوظائف الوهمية. لذلك، يفضّل غبريل لو تم تحديد الغاية من هذه الضريبة.

في حين يعتبر المصرفي جان رياشي أن المبلغ الذي تؤمنه هذه الضريبة جيّد في ظل الأوضاع الاستثنائية الحالية وإلى حين إيجاد حل اقتصادي شامل. إذ أن على الحكومة تأمين بعض الإيرادات التي يمكن أن تساهم، على سبيل المثال، في تعويض الدعم الذي قد يوقفه مصرف لبنان.

مع ذلك يعتبر أن المشكلة في عدم المساواة بين من احتُجزت أمواله في الداخل وبين من يودع أمواله خارج لبنان. ولذلك، يرى رياشي أن الضريبة على الثروة يجب أن تكون شاملة لكلّ أنواع الثروة إن كانت ودائع خارجية أو داخلية أو عقارات.

أما الرئيس السابق لنقابة المحاسبين أمين صالح، فيرى أن الضريبة الاستثنائية المطلوبة اليوم، يُفترض أن تطال كل الأطراف الذين استفادوا من الفوائد السخية على الدين العام، ومنهم كبار المودعين وهذه الفوائد التي تُقدّر بـ58 مليار دولار، هي ما يُفترض أن يكون هدف الوزارة. وبشكل أدقّ من كان يربح 40 في المئة فوائد أو حتى 10 في المئة، عليه أن يُعيد كل الفوائد التي حصل عليها بما يزيد على النسب العالمية. ولذلك، فهو لا ينظر إلى "ضريبة التضامن الوطني" إلّا بكونها مسعى لإبراء ذمة كل من استفاد من المال العام.

آراء تعددت واقتراحات قدمت والشعب المسكين في لبنان ينتظر أمل الحل معتقدا أن خلاصه يأتي بتشكيل حكومة تنظر بعين الرأفة لحال أزماته المتراكمة حول مواقد الطامعين الحاقدة.