اتهام سوريا بالاعتداء على حدود لبنان البحرية والجيش اللبناني يرد

أخبار لبنان

اتهام سوريا بالاعتداء على حدود لبنان البحرية والجيش اللبناني يرد

1 نيسان 2021 07:20

يعيش لبنان مراحل صراع على جميع الأطراف فلم تكفيه المشاكل الداخلية المتعلقة بالتشكيل الحكومي وأزماته الاقتصادية، لتطرح اليوم مشكلة جديدة هي ترسيم الحدود البحرية مع سوريا، حيث اتهمت جهات خارجية سوريا بالسطو على مساحة ٧٥٠ كيلومتراً من مياه لبنان الاقليمية.

الأكيد أن لا سرقة لأي كيلومتر في البحر. كل ما في الأمر، بحسب ما نقلت صحيفة الأخبار اللبنانية عن مصادر الجيش اللبناني، أن لبنان وسوريا اعتمدا، كلٌّ منهما على حدة، تقنيات ترسيم مختلفة تستوجِب التفاوض رسمياً للوصول إلى خط مشترك. وهنا دور الدولة اللبنانية التي باتَ لزاماً عليها التحرّر من الترهيب الأمريكي وكسر الطوق والذهاب فوراً لإعادة العلاقات مع دمشق إلى طبيعتها، واتخاذ قرار حكوميّ لحل مسألة الحدود البحرية مع سوريا.

وتكشف الصحيفة أنه في العقد الموقع بينَ سوريا وشركة روسية للتنقيب عن النفط والغاز في البحر السوري الجنوبي (المنطقة الملاصقة للحدود مع لبنان)، ورد في إحدى الفقرات شرط «التزام المقاول بكافة المعاهدات والاتفاقات المستقبلية بين الحكومتين السورية واللبنانية بخصوص إحداثيات حدود البلوك الجنوبية». هذا الشرط الوارد في الاتفاقية، بوضوح، يعني أن سوريا لم تُقفِل الباب أمام التفاوض مع لبنان. حتى اليوم، وعلى مدى 10 سنوات، كانت بيروت هي التي ترفض التجاوب مع دمشق التي سبق أن اعترضت على «الترسيم الأحادي» للحدود البحرية بين البلدين.

وسرعان ما تحولت مسألة ترسيم الحدود بين الجارين إلى حدث تداخلَ فيه السياسي بالتقني، فبدا المشهد مُوجّهاً بامتياز، لاتهام سوريا بالتعدي على حدود لبنان البحرية.

افتعال المُشكلة يأتي في لحظة الصراع الداخلي حول العلاقة مع دمشق، والضغط الدولي على لبنان لمقاطعة سوريا والمشاركة في الحصار عليها. لكن سريعاً دخلَ على الخط تكتّل «لبنان القوي» الذي ناقشَ الأمر في اجتماعه أول من أمس، مُذكّراً في بيانه بأن «رئيس التكتل جبران باسيل سبقَ له أن وجّه الكتب اللازمة الى الجهات المعنية في لبنان بخصوص التداخل في الحدود الاقتصادية البحرية بين البلدين، كما وجّه كتب اعتراض الى الجانب السوري ضماناً لحفظ حقوق لبنان وحدوده».

وعليه دعا «التكتل» الى «إجراء المفاوضات اللازمة بين لبنان وسوريا بهذا الشأن على أسس احترام حسن الجوار والقانون الدولي. 

الأهم أنه مهما يكُن الظرف، لا شيء يُبرّر أن يقبَل لبنان بمفاوضات مع العدو الإسرائيلي، ويرفضها مع دولة شقيقة، مع وجوب تأكيد غياب أوجه شبه بينَ الحالتين. فسوريا ليسَت دولة عدوة ولا كياناً احتلالياً. كما أن التفاوض هو مسار سياسيّ تتبعه الدول في ما بينها، حتى وإن كانَت على وئام.

قضية ترسيم الحدود مع سوريا ليسَت جديدة. الملف مفتوح منذ عام 2011، لكن الملف أُهمِل على أهميته. ولم يستفِق أحد عليه، إلا عندما صدّقت رئاسة الجمهورية العربية السورية في الأسبوع الأول من شهر آذار 2021، على العقد الموقّع بينَ وزارة النفط والثروة المعدنية السورية وشركة «كابيتال» الروسية للتنقيب عن البترول في البلوك الرقم 1 (السوري) في محاذاة الحدود مع لبنان.

وعليه، بدأ التحرك داخِل لبنان، بحسب ما علمت «الأخبار»، من أجل تجميع كل المستندات السابقة واللازمة للحديث مع الحكومة السورية. أكثر من مصدر وزاري أكدوا أن «جميع المراسلات والكتب السابقة ستُستعاد من أرشيف الوزارات المعنية، وسترُسَل إلى الحكومة التي عليها أن تُقرر الإجراءات اللازمة».

وسرعان ما تم اتهام سوريا بالاعتداء على حدود لبنان البحرية، لترد مصادر في الجيش اللبناني بشكل تقني وعلمي بنفي الأمر، مشيرة إلى أن «سوريا، وكما كل دولة، طرحت خط الحد الأقصى، كما فعل لبنان الذي لم يتفاوض معها حين رسّم حدوده، وهذا أمر طبيعي».

وشرحت المصادر مسار القضية قائلة إنه في «عام ٢٠١١، قام لبنان بترسيم لحدوده البحرية الشمالية مع سوريا، والغربية مع قبرص، والجنوبية مع فلسطين، بشكل أحادي عن طريق المرسوم الرقم ٦٤٣٣ الذي تمّ إيداعه لدی الأمم المتّحدة، عملاً باتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. وقد اعتمد لبنان تقنية خط الوسط البحت (أي خط متساوي الأبعاد) لترسيم حدوده البحرية الشمالية مع سوريا. وعام 2014 بعثَ السفير السوري لدی الأمم المتحدة برسالة اعتراضية علی الترسيم اللبناني، وجّهها الی الأمين العام للمنظّمة الدولية. واكتفی السفير بشار الجعفري في الكتاب، بالاعتراض علی الترسيم اللبناني، من دون الإفصاح عن مقاربة سوريا لترسيم حدودها مع لبنان، بما في ذلك الإحداثيات الجغرافية للخط السوري».

ولأن السلطات السورية وافقت علی تلزيم البلوك ١ السوري لشركة كابيتال الروسية، فإن هذا التلزيم يُحتّم على لبنان، بحسب المصادر:التواصل مع السلطات السورية والشركة الروسية للوقوف عند نيّاتهما بما يختص بالبلوك ١.

كما أنه يمكن اللجوء الی توجيه رسالة اعتراض الی الجانب السوري، مباشرة أو من خلال الأمانة العامة للأمم المتحدة. وخطوة كهذه تعدّ ضرورية، لأن سكوت لبنان يمكن أن يُفسّر من قبل المجتمع الدولي حينها بأنه اعتراف ضمني بالسيادة السورية علی المنطقة المتنازع عليها.

تبقی الخطوة الأهم والأكثر منطقية هي القيام بعرض مفاوضات ترسيم علی الجانب السوري. فترسيم الحدود البحرية بين الجارتين والاتفاق علی خط بحري مشترك، من شأنه أن يحلّ جميع المشاكل وأن يزيد من جاذبية البلوكات النفطية اللبنانية الشمالية. كما من شأنه زيادة حصة الدولة اللبنانية من عائدات هذه الرقع، نظراً إلى انتفاء النزاع الحدودي والمخاطر الأمنية التي يسببها النزاع الحدودي والتي تؤثر سلباً علی الشركات النفطية المنقّبة. 

المصدر: الأخبار اللبنانية