أخبار لبنان

باحث لبناني يعتبر أن خطة خفض الدعم جاءت بعد فوات الأوان ويحذر من تفاقم الوضع

7 أيار 2021 16:58

نقلت وكالة ذا ميديا لاين، عن رئيس الوزراء اللبناني في حكومة تصريف الأعمال حسان دياب قوله، إنه يجب على مجلس النواب والبنك المركزي إيجاد طريقة لمساعدة ثلاثة أرباع السكان، الأكثر حاجة، لشراء المواد الغذائية ببطاقات تموينية جديدة، بتكلفة سنوية للدولة تبلغ 1.2 مليار دولار، قبل إلغاء دعم السلع الحيوية مثل الأدوية والقمح والمواد الغذائية الأساسية الأخرى والوقود.

ففي الوقت الحالي، تنفق الحكومة اللبنانية حوالي 5 مليارات دولار سنويا، أي ما يقرب من 71٪ من ميزانيتها، لتأمين السلع الأساسية للأسر اللبنانية، لكن الدولة تعاني من أزمة مالية حادة وتنفذ من طرق الدفع.

ومع معاناة الاقتصاد من ركود وانهيار حاد، حتى قبل فترة طويلة من تفشي جائحة فيروس كورونا، والتضخم الهائل والمستويات العالية من الديون، أصبحت الحكومة اللبنانية تجد نفسها أنه من المستحيل مواصلة تمويل الدعم بالمستويات الحالية، وفي أوائل شهر مارس، تراجعت الليرة اللبنانية، إلى أدنى قيمة لها على الإطلاق، عند حوالي 10 آلاف ليرة للدولار الأمريكي الواحد.

وقد قال مصطفى الأسد، الباحث اللبناني المستقل في مجال الأوراق النقدية، إن خطوة خفض الدعم جاءت بعد فوات الأوان، مضيفا: " كان من الضروري رفع جميع أشكال الدعم، لكننا متأخرون ثماني سنوات، كان يجب على أي حكومة أن تدرك أن لبنان ينزف موارده ببطء، لكن لم يكن لدى أي منها الشجاعة لاتخاذ مثل هذا القرار، واليوم، نحن في نهاية مصادرنا المالية من العملات الأجنبية، وقد أنفقنا بشكل قاطع آخر ما لدينا في خزائن مصرف لبنان المركزي، وبالتالي فقد جميع المودعين مدخراتهم".

كما وأضاف الأسد: مع ذلك، لا تزال هناك خيارات قليلة لتصحيح المسار الاقتصادي للبنان، فالوضع قد يتفاقم بالنسبة للمواطن العادي إذا ما تم رفع هذا الدعم، ففي غضون أشهر من رفع الدعم، ستنهار قيمة الليرة مرة أخرى، وسترتفع الأسعار في الشارع إلى مستويات غير مسبوقة، مع عدم قدرة الناس على تحمل حتى أبسط الاحتياجات، نحن نضع أنفسنا في الزاوية طواعية في هذا السيناريو، و ليس هناك الكثير مما يمكننا القيام به في فترة زمنية قصيرة، حيث أن السماح لمجموعة من الهواة ذوي التوجهات السياسية والقدرات الاقتصادية الصفرية بإدارة بلد ما أدى بنا إلى الإفلاس".

فحتى مع التخفيضات المقترحة في الإنفاق، ليس من الواضح كيف ستكون بيروت قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه الفقراء، واستكمال العمل بالبطاقات التموينية التي يطلق عليها العديد من الناس لقب (بطاقة الجياع)، يقول الأسد: "يا لها من طريقة مأساوية للتعامل مع أزمة اقتصادية، وقد يزداد الأمر سوءا عندما ندرك أننا لا نستطيع حتى تمويل ذلك وأنه سيكون علينا الاعتماد على المساعدات الدولية لإطعام المستويات الجديدة من الفقراء والمحتاجين".

كما وقال الأسد أنه يبدو أن دياب أكثر انفتاحا على استنزاف الاحتياطيات المالية للبلاد لدفع ثمن البطاقات التموينية، مشيرا إلى انخفاض احتياطيات البنك المركزي إلى مليار دولار في عام 2002.

وتضيف الوكالة، بأن رئيس الوزراء اللبناني قال مؤخرا: "أنا ضد خيار طباعة النقود لتمويل البطاقة التموينية، لأن طباعة المزيد من النقود لن يجهد سعر صرف عملتنا الوطنية فحسب، بل سيؤدي أيضا إلى تضخم مفرط".

كما وقال سامي زغيب، الخبير الاقتصادي المقيم في بيروت، أن إنفاق ما تبقى من أصول البنك المركزي سياسة مروعة، مضيفا: " إن استنزاف الاحتياطيات سيعني أن لبنان لن يكون قادرا على إنفاق العملة الصعبة على أي شيء، فالليرة اللبنانية ستكون بلا قيمة وتصل إلى أوضاع كارثية".

لكن زغيب أضاف أنه يجب استخدام بعض الاحتياطيات أيضا، حيث قال: " إن إنفاق الاحتياطيات يجب أن يكون له هدفان، إطلاق النشاط الاقتصادي من خلال استثماره في القطاعات الإنتاجية، واستخدامه في التدخلات العاجلة لدعم الفئات الضعيفة من السكان".

وفيما يتعلق ببرنامج مساعدة الدولة، فالأمر يتعلق بمقدار الأموال التي ستتلقاها كل أسرة، ولكن وفقا للمقترحات الأخيرة، سيتم تحديدها بحد أقصى يقرب من 1990 دولارا سنويا لكل أسرة مكونة من أربعة أفراد.

كما وقال زغيب: " إذا ما تم رفع الدعم دون وجود بديل، فإن الناس سيتضورون جوعا بالمعنى الحرفي للكلمة، حيث أن ما نسبته 55٪ من السكان يعيشون تحت خط الفقر، وحوالي 30٪ منهم يعيشون في فقر مدقع".

و قد أضاف زغيب أن الحكومة تأخرت كثيرا في تغيير طريقة تأمينها للبضائع، واقترح طريقة مختلفة لتوفير شبكة أمان للشعب اللبناني، حيث قال: "يجب أن يستند ذلك إلى استراتيجية وطنية لتوفير الحماية الاجتماعية التي تضمن معيشة الناس من خلال خلق فرص العمل وضمان الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم، كما أن التحويلات النقدية المباشرة ضرورية على المدى القصير، ولكن ليس بدون سياسات أخرى تقدم إطارا شاملا للحماية الاجتماعية، ويمكن أن يتم تمويل ذلك من قبل مانحين أجانب أو من خلال صندوق النقد الدولي، الذي رفض تقديم أي مساعدة للبنان حتى تكون لديه حكومة فاعلة و غير فاسدة، ولكن اتخاذ أي حل آخر سيكون له نتائج عكسية في أحسن الأحوال".

وعندما يتعلق الأمر بالتحسين الاقتصادي للبلاد، فإن الأسد ليس متفائلا، حيث قال: " إن دوامة الانهيار الاقتصادي تحتاج إلى رجال في السلطة يتمتعون بالرؤية والتعليم والعلاقات والتصميم والكاريزما، وهو شيء نفتقده تماما ودائما".

المصدر: وكالة ذا ميديا لاين