جيش قراصنة كوريا الشمالية أخطر من برامج الصواريخ النووية والباليستية بأدوات أهمها العملات الرقمية المشفرة

كوريا الشمالية تواجه العالم بجيش من نوع آخر كوريا الشمالية تواجه العالم بجيش من نوع آخر

يقول المحللون والخبراء أن كوريا الشمالية المسلحة نوويا تتقدم في الخطوط الأمامية للحرب الإلكترونية، فهي تقوم بسرقة مليارات الدولارات وتشكل خطرا أكثر وضوحا وأكثر حضوراً من برامج الصواريخ النووية والباليستية المحظورة.

كما أوضح المحللون دور ظهور العملات الرقمية المشفرة مثل عملة البيتكوين في تزويد القراصنة السيبرانيين من جميع أنحاء العالم بمجموعة جديدة كاملة من الأهداف المربحة بشكل متزايد.

وتخضع بيونغ يانغ لعقوبات دولية متعددة بسبب برامج القنبلة الذرية والصواريخ الباليستية التي تقوم بتطويرها، والتي شهدت تقدماً سريعاً في عهد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.

وتوضح صحيفة التايمز اليابانية أنه بينما كان التركيز الدبلوماسي العالمي منشغلا بطموحاتها النووية، كانت كوريا الشمالية تبني بهدوء وثبات قدراتها الإلكترونية، فيما يقول المحللون أن جيشها الإلكتروني المؤلف من آلاف القراصنة السيبرانيين المدربين جيدا يثبت أنهم على نفس القدر من الخطورة مقارنة بالجيش المزود بالسلاح النووي.

وقال أوه إيل سوك الباحث في معهد استراتيجية الأمن القومي في سيول بكوريا الجنوبية حسب ما نقلت عنه صحيفة التايمز اليابانية: "إن البرامج النووية والعسكرية لكوريا الشمالية تشكل تهديدات طويلة الأمد، لكن تهديداتها الإلكترونية هي تهديدات فورية وواقعية".

كما وبرزت قدرات بيونغ يانغ في مجال الحرب الإلكترونية عالمياً لأول مرة عام 2014، عندما اتهمت باختراق شركة سوني انتقاما لفيلم "The Interview"، وهو فيلم ساخر سخر من الزعيم كيم.

وأسفر الهجوم عن نشر العديد من الأفلام غير المنشورة على الإنترنت بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الوثائق السرية الخاصة بالشركة.

ومنذ ذلك الحين، تم إلقاء اللوم على كوريا الشمالية في عدد من الهجمات الإلكترونية البارزة، بما في ذلك سرقة 81 مليون دولار من بنك بنغلاديش المركزي بالإضافة إلى هجوم الفدية العالمي الشهير WannaCry لعام 2017، والذي أصاب حوالي 300000 جهاز كمبيوتر في 150 دولة حول العالم.

في حين نفت بيونغ يانغ أي تورط لها في الهجوم، ووصفت مزاعم الولايات المتحدة بشأن WannaCry بأنها "سخيفة"، حيث أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الكورية الشمالية في ذلك الوقت قائلاً: "لا علاقة لنا بتلك الهجمات الإلكترونية".

لكن وزارة العدل الأمريكية وجهت في شهر فبراير الماضي لوائح اتهام إلى ثلاثة كوريين شماليين بتهمة "المشاركة في مؤامرة إجرامية واسعة النطاق لتنفيذ سلسلة من الهجمات الإلكترونية المدمرة".

وفي تقرير تقييم التهديد السنوي لعام 2021، أقرت واشنطن بأن بيونغ يانغ تمتلك على الأرجح الخبرة اللازمة لإحداث اضطرابات مؤقتة ومحدودة في بعض شبكات البنية التحتية الحيوية عبر الولايات المتحدة الأمريكية. حيث جاء في الوثيقة الصادرة عن مكتب مدير الاستخبارات الوطنية أن البرنامج الإلكتروني لكوريا الشمالية "يشكل تهديدا متزايداً للتجسس والسرقة والهجومات التخريبية".

بالإضافة إلى ذلك، اتهمت بيونغ يانغ بسرقة مئات الملايين من الدولارات من المؤسسات المالية وبورصات العملات المشفرة، والتي قال الخبراء أنها قد تكون بهدف تمويل أولويات الحكومة الكورية الأخرى، مثل برنامجها النووي والصاروخي.

• أفضل دفاع:

يعود البرنامج الإلكتروني لكوريا الشمالية إلى منتصف التسعينيات على الأقل، عندما ورد أن زعيم البلاد آنذاك كيم جونغ إيل قال: "كل الحروب في السنوات المقبلة ستكون حروبا على الكمبيوتر".

واليوم، تعمل وحدة الحرب الإلكترونية في بيونغ يانغ التي يبلغ قوامها 6000 فرد والمعروفة باسم " المكتب 121 "، من عدة دول بما في ذلك بيلاروسيا والصين والهند وماليزيا وروسيا، وذلك وفقاً لتقرير عسكري أمريكي نشر في يوليو 2020.

كما وقام سكوت جاركوف من شركة CrowdStrike للأمن السيبراني بتقديرهم بدرجة عالية قائلاً: "إنهم متطورون للغاية ومخلصون وقادرون على تنفيذ هجمات سيبرانية متقدمة".

في حين قال القرصان الكوري الشمالي السابق جانغ سي-يول الذي انشق عام 2007 حسب صحيفة التايمز اليابانية، أن مجندي مكتب 121 يتم تدريبهم على لغات البرمجة وأنظمة التشغيل المختلفة في مؤسسات خاصة مثل جامعة ميرم بكوريا الشمالية، والتي تعرف الآن باسم "جامعة الأتمتة"، وتستقبل 100 طالب سنويا فقط، والذين يكونون من بين المدارس الحاصلين على أعلى الدرجات في جميع أنحاء البلاد.

كما وقال جانغ لوكالة فرانس برس: "لقد تم تعليمنا أنه يجب علينا الاستعداد جيدا ضد قدرات الحرب الإلكترونية الأمريكية. وفي النهاية، تعلمنا أنه يتعين علينا تطوير برامج القرصنة الخاصة بنا لأن مهاجمة نظام تشغيل العدو هو أفضل دفاع".

بالإضافة إلى ذلك، قال مارتين ويليامز، الباحث في مركز ستيمسون، أن الحرب الإلكترونية جذابة بشكل خاص للبلدان الصغيرة والفقيرة مثل كوريا الشمالية، حيث أنها قد تستطيع التفوق على الدول الأخرى التي لديها الطائرات والدبابات وأنظمة الأسلحة الحديثة الأخرى، مضيفاً: " فالحرب الإلكترونية والقرصنة تحتاج إلى جهاز كمبيوتر واتصالا بالإنترنت فقط".

• لوحات المفاتيح بدلا من البنادق:

تستخدم معظم مجموعات القرصنة التي ترعاها الدولة بشكل أساسي لأغراض التجسس، لكن الخبراء يقولون إن كوريا الشمالية لا تعتمد على قدراتها الإلكترونية لتحقيق مكاسب مالية فقط، فقد حاصرت بيونغ يانغ نفسها للحماية من جائحة فيروس كورونا التاجي المستجد، مما زاد الضغط على اقتصادها، وقد سعت لسنوات عديدة لكسب العملات الأجنبية الصعبة بوسائل متعددة.

وأضاف ويليامز: "إن سرقة الأموال أسرع بكثير من جنيها، وربما تكون أكثر ربحاً من ممارسة الأعمال التجارية الاعتيادية أيضاً، خاصة إذا ما كان لديك قراصنة ماهرون".

تجدر الإشارة إلى أن لائحة الاتهام الأمريكية اتهمت في شهر فبراير الماضي الكوريين الشماليين الثلاثة بسرقة أكثر من 1.3 مليار دولار من الأموال والعملات المشفرة من المؤسسات والشركات المالية الأمريكية.

وعندما تم إصدار لائحة الاتهام، وصف جون ديمرز، مساعد المدعي العام الأمريكي، عملاء كوريا الشمالية بأنهم "لصوص البنوك الرائدين في العالم"، مضيفاً أنهم يستخدمون لوحات المفاتيح بدلاً من البنادق، ويسرقون المحافظ الرقمية للعملات المشفرة بدلاً من أكياس النقود من البنوك.

بالإضافة إلى ذلك، أدى ظهور العملات الرقمية المشفرة مثل عملة البيتكوين إلى تزويد القراصنة السيبرانيين من جميع أنحاء العالم بمجموعة جديدة كاملة من الأهداف المربحة بشكل متزايد.

كما وقال جاركوف أن النظام اللامركزي الخاص بالعملات الرقمية المشفرة كانت بمثابة مكافأة خاصة لبيونغ يانغ، حيث قدمت وسيلة للتحايل على العقوبات المالية بسبب عدم قدرة الحكومات على تعقب مصدر أو الجهة التي يتم تحويل العملات الرقمية المشفرة إليها، مضيفاً: "هذا سمح لكوريا الشمالية بإعادة غسيل الأموال بسهولة من وإلى البلاد، بعيداً تماماً عن سيطرة النظام المصرفي العالمي، فالعملات الرقمية المشفرة جذابة لأنها غير خاضعة للرقابة، وهي بلا حدود ومجهولة نسبيا".