الأزمة اللبنانية ترخي بثقلها على جميع القطاعات.. ماذا عن العاملات الأجنبيات

تقارير وحوارات

الأزمة اللبنانية ترخي بثقلها على جميع القطاعات.. ماذا عن العاملات الأجنبيات

يوسف الأمين

14 تموز 2021 19:17

يوسف الأمين

انعكست الأزمة الخانقة على كلّ القطاعات في لبنان، ولم يتأثر بها اللبنانيون فقط فقد كان لقطاع استقدام العاملات الأجنبيات حصّة كبيرة.

لا شك أن تغيرت عادات كثيرة في حياة اللبناني، كما أثرت الأزمة على العاملات اللواتي هربن من بلادهنّ لتأمين لقمة عيشهم.

فكم أثرت الأزمة على العاملات, وكيف غيرت الأزمة في حياة المواطن اللبناني؟

في هذا الصدد، كشف نقيب مكاتب لتأمين العاملات الأجنبيات، علي الأمين أنّ:" تراجعت عدد المُسبقات (طلبات موافقة للعاملات من وزارة العمل) بشكل كبير حيث وافقت الوزارة عام 2019 على 49000 مسبقة، بينما عام 2020 تراجعت أعداد المسبقات إلى 8500، أي بنسبة حوالي 83%".

جائحة "كورونا" زادت الطين بلة!

أثرت جائحة كورونا على العديد من القطاعات، وفي هذا الاطار، أشار الأمين الى أنّ:" أثرت جائحة كورونا التي تفاقمت عام 2020 في لبنان، على هذا القطاع لاحظنا أن هناك العديد ممن يخاف استقدام عاملات من الخارج خوفًا من هذه الجائحة، هذا إلى جانب الأزمة الاقتصادية التي طالت الجميع."

بالأرقام.. كم تراجع استقدام العاملات الأجنبيات؟

من جهة أخرى، كان لمكاتب استقدام العاملات الأجنبيات نصيبًا كبيرًا في هذه الأزمة.

زين الأمين، صاحب ومدير شركة الرائد للخدمات العامة، أكد أن: "ما مرّ على العالم ولبنان، لم يكن عابرًا، بل إن كورونا كان لها تأثير على مكتبه، لكن التأثير الأكبر كان نتيجة الوضع الاقتصادي السيئ وأضاف: "جائحة كورونا أثّرت بمرحلة معينة لكن الأزمة المالية كان لها التأثير الأكبر على الناس".

في الصورة المرفقة، نستطيع رؤية ملفات مكتب "الرائد" المدون عليها، إلى جانب كلمة "To"، أعداد العاملات التي استقدموها من الخارج.

صورة من مكتب "الرائد"

ففي العام 2016 وصل عدد العاملات التي استقدمها مكتب الرائد 300 عاملة، وهو أعلى عدد قانوني.

يمكن للمكاتب تغطيته. انخفض هذا العدد قليلًا إلى 280 عاملة عام 2018، كذلك في 2019 حيث أصبح 162، وصولًا إلى العام 2020، حيث ظهر فيروس كورونا، انخفض العدد بشكل كبير حتى وصل إلى 59 عاملة، وفي 2021 وصل العدد إلى 66 عاملة حتى اللحظة التي استقدمها مكتب الرائد 300 عاملة، وهو أعلى عدد قانوني.

وقد وضّح على الأمين هذا الانخفاض من شقّ واحد، هو أن: "الشريحة الكبرى التي كانت تستقدم عاملات لخدمة منزلها هم الموظفين الذين استفادوا من إقرار سلسلة الرتب والرواتب عام 2017".

وأشار الأمين الى انّ: "هذه الرواتب كانت تشكل رفاهية للموظفين، لكن مع تدهور قيمة الليرة اللبنانية، أصبحت الرواتب قليلة جدًا ولم يعد لديهم القدرة لاستقدام أي عاملة فمعاشهم بالليرة لن يساعدهم."

وسؤالًا عمّا إذا بحثت النقابة عن حلول للمشاكل التي تعاني منها المكاتب، وضح النقيب: "لا يوجد خططًا بديلة هذه الأيام، حاولنا التواصل مع السفارات، لكن كل الدول لا ترغب بالتفاوض، وكل دولة تهتم بمصالحها، ذلك أن العديد من الأزمات أصابت الجميع وأرهقت العالم في الفترة الأخيرة".

تضارب بين آراء خبراء الاقتصاد.. الوضع الاقتصادي لا يزال على وضعه؟

من زاوية أخرى، فإن الخبيريْن الاقتصادييْن عماد فرّان وعباس طفيلي أكدا، من وجهة نظرهم، أن تراجع عدد العاملات الأجنبيات لم يكن له أية انعكاس على الاقتصاد اللبناني.

فقد أشار فرّان الى أنّ: " إقصاء العاملات لم يكن بسبب حل يد عاملة لبنانية مكانهم، بل بسبب أن اللبناني لم يعد لديه ما يكفيه ليقاضيهم".

وشرح طفيلي: "صحيح أن عدد الإقامات قد انخفض، لكن هناك العديد من الذين لم يجددوها، وهذا هو الفارق".

اعتبرا طفيلي وفران, أن تراجع عدد العاملات الأجنبيات لم يجن شيئًا للاقتصاد طالما أن الأزمة كانت قائمة من قبل، حيث لم يتم الاستفادة من اليد العاملة الأجنبية في القطاعات الإنتاجية، ولم يتم إدخال يد عاملة لبنانية بديلة عنها.

أما بحسب وزير اقتصاد سابق، تعارض مع طفيلي وفران، فقد أكد على أنّ:" لبنان وفّر حوالي مليارين إلى 3 مليار دولار بسبب تراجع عدد العاملات الاجنبيات، أي تراجع عدد تحويلات العملة الصعبة إلى عائلات العاملات في الخدمة المنزلية".

وفيما يخص التعديات القانونية التي تزداد في ظل هذه الأزمة، مثل الذين يسددون راتب العاملة على سعر صرف هم يختارونه بالاتفاق مع العاملة الأجنبية (على دولار 4000 ل.ل. مثلًا)،

شدّد النقيب علي الأمين أن العاملة يحق لها أن تتقاضى راتبها كاملًا بال "fresh dollar" لكن الأوضاع المزرية التي تعيشها العاملات تجعلهن يوافقون على ذلك، وإن وزارة العمل هي الجهة التي يتوجب عليها متابعة هكذا مواضيع.

هناك العديد من اللبنانيين غير معتادين على هذه الازمة، خصيصًا من كان يستقدم عاملات أجنبيات في خدمة منزله منذ سنوات عديدة, ولعلّ ما يشهده لبنان مليئًا بالمفاجآت والأزمات غير المتوقعة ولقطاع استقدام العاملات الأجنبيات تاريخًا طويلًا في لبنان، لذلك فإن شلله لن يكون عابرًا وديًا.