على وقع التصعيد الكبير غير المبرر في المواقف السعودية تجاه لبنان والتي أعقبتها مواقف مماثلة من بعض دول الخليج، على إثر تصريحات أدلى بها وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي عن حرب اليمن قبل أن يصبح وزيرا، تبرز الشكوك في حقيقة وخلفية الأزمة المفتعلة بين لبنان ودول الخليج، وما هو الهدف الحقيقي من ورائها، وإلى أين تتجه الأمور في ظل تصعيد غير مسبوق.

ومن هنا أوضح المحلل الإستراتيجي العميد المتقاعد ناجي الزعبي في حوار خاص مع موقع النهضة نيوز، حقيقة الأزمة الراهنة بين لبنان ودول الخليج، مؤكداً عدم وجود عاقل يقتنع بأن الزوابع التي أثارتها السعودية كانت بسبب تصريح سابق لإعلامي لبناني، والتي سبقت تقلده منصب وزير الاعلام اللبناني، بمعنى أنها كانت تعبر عن رأيه الخاص وليس عن موقف لبناني رسمي.

وبين الزعبي بأنه من الجلي أن المطلوب حين تتلاقى المصالح السعودية، والصهيونية هو إعادة الأزمة اللبنانية والسورية والحصار للمربع الأول وإعادة الأمور لما كانت عليه سابقاً (كمصلحة صهيونية)، وسعودياً التغطية على الهزائم والجرائم التي ترتكب بحق شعبنا اليمني، والابتزاز الذي تمارسه أمريكا بإثارتها فضحية ما بين الفينة والأخرى بحق الحكم بالسعودية، وغاب عن بال السعودية ما قاله ترامب بحقها في موقف يعبر عن سياسة أمريكية ثابتة، وبأن أمريكا تتخلى عن أدواتها بعد استنزاف قدراتهم.

وأشار المحلل الاستراتيجي إلى الانفراج الذي تلى تصريح السفيرة الأمريكية في لبنان والذي أتى لقطع الطريق على التوجه اللبناني لاستيراد النفط من إيران، والذي كان مقدمة لذهاب لبنان بأسره مرغماً للشرق بقيادة المقاومة وبإرادة منها، والذي يعتبر خطا صهيونيا أحمرا.

واعتبر الزعبي بأنه كما اعطى انسحاب أمريكا من اتفاقية خمسة زائد واحد، مردوداً بعكس اتجاه السير الأمريكي، ومنح إيران الزمن الكافي للولوج في العالم النووي والوقوف على عتبة إنتاج القنبلة النووية، دفع الحصار ومحاولة إذلال شعبنا اللبناني، المقاومة لاستيراد النفط من إيران وفتح البوابات على الشرق فوجدت أمريكا أنها قد أغلقت باباً لخنق لبنان ففتح لبنان لنفسه وشرع عدة أبواب.

كما لفت إلى أن إعادة حصار لبنان ستعطي المردود ذاته، ويجد لبنان بأسره نفسه مرغماً لفتح آفاق تخلصه من أزماته، الأمر الذي سيصنع شرخاً بين المشروع الصهيوني والمشروع الأمريكي، فالعدو يريد مواصلة الحصار على سورية ولبنان والعراق ويغرق الوطن العربي بالأزمات، والولايات المتحدة تريد انفراجاً نسبياً يمهد لمشروع أبراهام، ويحول دون الذهاب شرقاً.

وأكد المحلل بأن مشروع تزويد لبنان بالكهرباء الأردنية، كان بإملاء أمريكي، أمر ترتب عليه طي ملف الإرهاب بدرعا وجنوب سورية، وكسر القطيعة اللبنانية السورية، وألحق سورية باجتماعات وزراء النفط العرب وفتحت الحدود الأردنية السورية بعد أن كانت هذه الخطوات تابو أمريكي.

وأضاف الخبير ناجي الزعبي بأن كل هذه الخطوات قد زادت من هلع العدو الصهيوني، فالتف على حالة الانفراج الذي تقوده أمريكا في مفارقة لافتة، بالذراع الخليجي، وافتعل أزمة التصريح السابق، والذي وصف العدوان على شعبنا اليمني بالعبثي، مع أن أمين عام الأمم المتحدة قد قال الشيء ذاته وكرر نفس العبارات، كما كانت تصريحات ترامب حول السعودية وسخريته من قيادتها موجعة مهينة، وبرغم ذلك لم تنبس السعودية ببنت شفة "ف - شو عدى ما بدى - لتقوم قيامتها".

وبين الزعبي بأنه للتمكن من تفسير ذلك نتساءل من هو صاحب المصلحة بإيقاف اتفاقيات تصدير الفواكه والخضار اللبنانية للسعودية وإعادة الحصار، وافتعال أزمة للبنان للحيلولة دون الانفتاح الاقتصادي العربي مع سورية ولبنان ومصر والأردن والعراق والخليج سوى العدو الصهيوني.

وشدد المحلل الإستراتيجي على أن المطلوب صهيونياً هو تركيع لبنان وسورية والقضاء على المقاومة وقطع طريق الانفراج الاقتصادي العربي وإعادة الحصار والتوتر والحرائق والأزمات.

واعتبر بأن الأزمة ليست مسألة تصريح هذا او ذاك، بل إن النَفَس الصهيوني حول عاصفة الجنون والزوابع الراهنة واضح يطل برأسه من بين سلسلة الاجراءات المتخذة، مؤكداً أن نبش تاريخ الشرفاء أسلوب صهيوني متبع تاريخياً.

وأكد الزعبي بأن محميات النفط تحاصر وتعادي سورية ولبنان والمقاومة بإملاء صهيوني سواء كان هناك تصريح أم لم يكن ولن يتغير موقفها الذي يُملى عليها من قبل العدو الصهيوني.

ورأى الخبير ناجي الزعبي بأن لبنان مطالب اليوم وكل يوم استحقاقاً لإرثه وتاريخه وعظمة شعبه وكرامته وعزته الوطنية، بامتلاك القرار والسيادة والإرادة الحرة المستقلة، والاحتفاظ بالموقف، وتسجيل سابقة شرف باستقلال الإرادة والقرار الوطني والفعل السيادي، وعدم العودة عن أي موقف وتصريح، مشيراً إلى أن كلفة الصمود والثبات أقل بالمطلق من كلفة الركوع والرضوخ والذل.

وختم الزعبي حديثه لموقع النهضة نيوز بالتأكيد على أن الحرب اليمنية ليست فقط عبثية كما صرح غوتيرش قبل فترة وجيزة وقبل قرداحي، بل هي جريمة القرن بامتياز لاستهدافها شعبنا العربي اليمني الأصيل، وشعب نجد والحجاز وشعبنا العربي بأسره واستنزافها دماء أبنائه وثرواته للحساب الصهيوني الأمريكي.