أخبار لبنان

جريدة "الأخبار": ميقاتي يأمل بأن يكف لبنان عن السقوط ويستقر في القاع

13 تشرين الثاني 2021 10:24

رأت جريدة "الأخبار"، في مقال بقلم حسن عليق، وحمل عنوان "المصارف غير قابلة للإصلاح"، أن رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، غير مستعجل لعودة انعقاد مجلس الوزراء، مشيرة إلى أن الشغل الجدي في نظر ميقاتي هو السعي لإعادة الكهرباء، وإعداد خطّة إنقاذ مالي، والتفاوض مع صندوق النقد الدولي، إذ إن كل ذلك يمكن إجراؤه، أو على الأقل، التحضير له، خارج مجلس الوزراء.

لكن الصحيفة أوضحت أن هذا لا يعني أن ميقاتي إنه لا يريد للحكومة أن تعود إلى طاولتها، سواء في قصر بعبدا، حيث "رئيس الجمهورية ميشال عون يبدي الكثير من الودّ تجاهه، أو في السرايا التي يهجرها رئيسها يومياً بسبب نفاد المازوت من المولدات".

ولفتت إلى أن الكهرباء شغله الشاغل، لكنه "يبدو متمسكاً بمشروعين لا ثالث لهما":

• الغاز المصري والكهرباء الأردنيّة؛ الذي اعتبرت أنه يسير على قدم وساق، إذ نالت القاهرة "رسالة تطمين" من واشنطن لإعفائها من عقوبات "قانون قيصر"، ولإعطائها الضوء الأخضر بالبدء بضخ الغاز إلى لبنان، لكن الأردن لم ينل "إعفاء أمريكياً" من العقوبات، لكي يبدأ بنقل التيار الكهربائي إلى لبنان عبر سوريا.

• والمشروع الثاني هو اقتراح المصرفيّة المختصة في تمويل قطاعات الطاقة، كارول عياط، حيث ذكرت الصحيفة أن هذا الاقتراح ينصّ على تمليك مودعين من المحجوزة أموالهم في المصارف، شركةً تقيم معملَين لإنتاج الكهرباء. واقترحت عياط تحويل 4.8 مليارات دولار محتجزة إلى 1.6 مليار دولار من الأموال الموجودة في مصرف لبنان كتوظيفات إلزامية، لإنشاء الشركة التي ستبيع الكهرباء إلى مؤسسة كهرباء لبنان، لمدة قد تصل إلى 20 عاماً، على أن تعود ملكية الشركة وممتلكاتها إلى الدولة بعد تلك المدة. وعلى مدى السنوات العشرين، سيتقاضى المودعون ــــ المساهمون أرباحاً تتيح لهم استعادة أموالهم المحتجزة في المصارف.

ولفتت "الأخبار" إلى أن معدّي الاقتراح وداعموه يرون أنه يحلّ أزمة الكهرباء، كما يحلّ أزمة المودعين، لكن ميقاتي يرفض القول إن خطة عياط ليست سوى حل لأزمة كبار المودعين، لافتاً إلى أنّ الاقتراح ينصّ على عدم مشاركة سياسيّين أو مساهمين في المصارف في المشروع، وأنّ النسبة الأكبر من الأسهم التي سيحقّ لأيّ مودع تملّكها هي 3% فقط، وفي عملية حسابية بسيطة، يمكن 34 مودعاً الاستحواذ على كامل المشروع.

وبيّنت أن ميقاتي لا يكترث لذلك، إذ يؤكد – كما نقل الكاتب - أن "كل همّه" هو حل أزمة الكهرباء، و"سيكون الاكتتاب مفتوحاً لجميع المودعين. ولا يوجد حل آخر، لا أحد يقبل بإقراضنا، وكل المؤسسات الدولية وافقت على المشروع".

وتساءل الكاتب "لماذا لا تستدين الدولة من مصرف لبنان وتبني معامل للكهرباء، وخاصة أنها تريد مضاعفة أسعار الطاقة للمستهلكين، أو أن تستخدم مبلغ مليار ومئة مليون دولار الذي حصلت عليه ضمن حقوق السحب الخاصة من صندوق النقد الدولي؟" وأجاب على لسان ميقاتي "لا يمكننا استخدام أموال الاحتياط الإلزامي إلا إذا انخفضت الودائع، وهذه الطريقة هي الأفضل لخفض الودائع واستخدام الاحتياطي، ويكون الجزء الأكبر من الأرباح للمودعين، على أن تعود الملكية في النهاية إلى الدولة". وماذا عن حقوق السحب الخاصة؟ "لا أريد أن يُقال إني ساهمت في تبديدها، فيما البلد بحاجة إلى كل دولار احتياط ولو كوسادة نضع عليها رأسنا. لكن ربما سنستخدم جزءاً من المبلغ للاستثمار في إنتاج الكهرباء، لأننا بحاجة إلى نحو مليارَي دولار لنتمكّن من إنتاج كامل حاجتنا وقت الذروة".

وأشارت "الأخبار" إلى أن هذا المشروع سيخفف الضغوط عن المصارف التي أعلنت قبل أسابيع خطتها لإنقاذ نفسها على حساب المجتمع، موضحة أن ميقاتي لا يرى أن البنوك اللبنانية قابلة للإصلاح، "هي بحاجة إلى إعادة بناء". فبحسب الأرقام الموجودة بين يديه، ربما أربعة أو خمسة مصارف ستتمكّن من النجاة من الانهيار. خطة المصارف، إضافة إلى خطة شركة لازار (مستشار الدولة) المعدّلة، كما خطة مصرف لبنان والورقة التي أعدّها فريق عمل ميقاتي، سيحيلها رئيس الحكومة جميعها على فريق عمل آخر، يرفض الكشف عن أعضائه، من أجل الخروج بخطة تعافٍ جديدة، ستُعرض بطبيعة الحال على صندوق النقد الدولي. وفي نظر نائب طرابلس، المسؤولية تتوزع على أربعة أطراف: الدولة، مصرف لبنان، المصارف، والمودعون. لكن، في شتى الحالات، الفئة الأخيرة "غير مسؤولة أبداً عن الانهيار. الناس وضعوا أموالهم في المصارف، والمصارف وضعت الأموال في مصرف لبنان وحققت الأرباح، ومصرف لبنان أغراها لتفعل ذلك، وثبّت سعر الصرف الذي طالبت به الحكومات المتعاقبة، وموّل الدولة". خطة لازار التي سبق أن اعتمدتها حكومة الرئيس حسان دياب، يرى ميقاتي وجوب تعديلها، "إذ كيف يمكن مستشار الدولة أن يعدّ لها خطة من دون الحديث مع مصرف لبنان والمصارف؟" ولأجل ذلك، "جرى تواصل بين لازار ومصرف لبنان الذي زوّدها بالأرقام التي تحتاج إليها، فضلاً عن لقاءات بين الشركة وجمعية المصارف".

وعن انهيار الدولة التي "لم تقم بأي إصلاحات"، وتمسّكت بسياسة تثبيت سعر صرف الليرة، رأت الصحيفة أن رئيس الحكومة (للمرة الثالثة) يحمّل المسؤولية الأكبر عن ذلك، لكنها أكدت أن ذلك لا يعفي حاكم مصرف لبنان من مسؤولياته عن الانهيار أيضاً، كما أن "قانون النقد والتسليف لا يتيح للحكومة إقالته، إلا في حال صدر بحقه قرار قضائي يشتبه في ارتكابه جرماً، أو... إذا قرر الاستقالة بنفسه". حتى ذلك الحين، لن يتمكّن سلامة من تحسين سعر صرف الليرة مقابل الدولار، بخلاف ما قيل عن وعد قطعه لرئيس الحكومة بأن يبقى الدولار تحت سقف 12 ألف ليرة.

وأكدت أنه لا يوجد على جدول أعمال رئيس الحكومة، قبل إجراء الانتخابات، سوى مشروع الكهرباء ووضع خطة للإنقاذ والتفاوض مع صندوق النقد الدولي، مشددة على أن المفاوضات مع الأخير لن تنتج اتفاقاً على برنامج، بل اتفاقاً أولياً يبدو أقرب إلى إعلان نوايا. وبموازاة ذلك، ستعمل الحكومة على زيادة الأجور: في القطاع الخاص، لا يمكن أن تقلّ الزيادة عن مليونَي ليرة، على ألا تزيد على أربعة ملايين ليرة (أقل من 200 دولار). أما في القطاع العام، فستُقدّم "منحة شهرية" للموظفين، بناءً على الأرقام التي تعدها وزارة المال. في المقابل، سيرتفع الدولار الجمركي، "الذي يجب أن يكون مساوياً لسعر صرف منصة صيرفة". لكن يمكن البدء بزيادته إلى 10 آلاف ليرة. أما البطاقة التمويلية، فلن يبدأ العمل بها من دون تمويل!

وإضافة إلى الانهيار، الذي عدت الصحيفة أن الحكومة لا تريد مواجهته إلا بالحدّ الأدنى، ثمة ثلاث مسائل عالقة أمام "الدولة":

ــــ مسألة التحقيق في انفجار المرفأ، حيث طالب ميقاتي التفتيشَ القضائي مؤخراً باستدعاء كل القضاة المعنيين ومساءلتهم لتحديد من خالف القانون منهم، واتخاذ إجراءات بحقه.

ــــ ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، التي وضع ميقاتي سقفاً لها هو الخط 23، مؤكداً أنه لن يوقّع على أي قرار يتنازل عن حق لبنان في مساحة 860 كيلومتراً مربعاً.

ــــ الأزمة التي افتعلتها السعودية مع لبنان على خلفية تصريحات الوزير جورج قرداحي، حيث يشجّع ميقاتي الوزير قرداحي على الاستقالة، وخاصة بعدما تبلّغ من دول عربية وغربية (الولايات المتحدة تحديداً) أن أي مسعى لحل الأزمة مع الرياض مشروط مسبقاً باستقالة قرداحي.

ختاماً، بينت "الأخبار" أن الحكومة لا تبدو أنها ستواجه الانهيار إلى درجة دخول مرحلة التعافي. أقصى الآمال التي يضعها رئيسها لها تتمثّل في أن يكفّ البلد عن السقوط، ويستقرّ في القاع، تمهيداً للإقلاع... بعد سنوات!

جريدة الأخبار