انشغلت الأوساط الإعلامية المحلية منذ الأمس في تحليل نبأ استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي من الحكومة اليوم الجمعة، الذي أعلن عن عقد مؤتمر صحافي غداً عند الواحدة بعد الظهر في وزارة الإعلام، بعد أن أوضح أمس في تصريح لقناة "الجديد" أن استقالته أتت "لإعطاء دفع إيجابي لمبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون".
ونقلت قناة "أو تي في" عن مصادر مطلعة أن “اتصالاً سجل أول أمس الأربعاء بين قرداحي ورئيس الجمهورية ميشال عون، بمبادرة من الأول الذي شكر عون على موقفه تجاهه الذي أعلنه في قطر وثمّنه، حيث لم يطالبه بالاستقالة". إلا أن "عون جدد موقفه على مسامع قرداحي، حيث طالبه بدراسة الموضوع والقيام بما يتناسب مع مصلحة لبنان، وبدوره أكد قرداحي أنه سيفعل ما هو بمصلحة لبنان".
ورأت جريدة "البناء" أن الدبلوماسية الفرنسية تحركت على "المرجعيات اللبنانية، وخصوصاً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية وقيادة حزب الله، للضغط باتجاه وضع استقالة الوزير جورج قرداحي ورقة قوة بيد الرئيس ماكرون خلال زيارته القريبة إلى السعودية، ليتمكن من الحصول على موافقة سعودية على تجميد أي إجراءات تصعيدية بحق لبنان واللبنانيين العاملين في السعودية في شكل خاص، ويتسنى لماكرون طلب تشكيل لجان أمنية ودبلوماسية لبنانية- سعودية تعلن فرنسا استعدادها لرعايتها والمشاركة فيها لمناقشة قضايا الخلاف وبلورة حلول لها، آملة الحصول على موافقة سعودية في ظل تشجيع أمريكي، تقول المصادر الفرنسية إنها تبلغته في إطار التحضير لزيارة ماكرون".
ورأت "البناء" أنه "حتى مساء الأمس كان الجمود مسيطراً على الواقع السياسي وخاصة الحكومي، ليعود خيار الاستقالة إلى الواجهة ويحرك الأزمة الحكومية نحو الحلحلة"، ونقلت عن مصادر أن "قرداحي يتجه إلى إعلان استقالته من الحكومة خلال مؤتمر صحافي وذلك بعد لقاء جمعه بالرئيس ميقاتي الأربعاء الماضي ونزولاً عند طلب الفرنسيين لحل الأزمة قبل لقاء ماكرون بولي العهد السعودي محمد بن سلمان".
وأضافت المصادر: إن "تيار المردة يبحث عن اسم البديل الذي سيخلف قرداحي ومن الأسماء المطروحة عضو المكتب السياسي في تيار المردة فيرا يمين، وحتى تعيين شخصية بديلة سيكون وزير التربية عباس الحلبي وزيراً للإعلام بالوكالة".
وفي مقال رئيسي نشرته صباح اليوم، وذكرت صحيفة "اللواء" نقلاً عن مصادر سياسية أن "حل أزمة تدهور العلاقات اللبنانية مع دول الخليج العربي، في حال تكللت بالنجاح، أو حققت نجاحاً محدوداً، سيكون تأثيرها جزئياً على حل مشكلة إنهاء أزمة تعطيل جلسات مجلس الوزراء، التي بدأت قبل أزمة تدهور العلاقات مع الدول الخليجية، وما تزال مخارج الحلول المطلوبة لها، مسدودة، لحسابات وصراعات محلية، وبعضها إقليمي ومرتبط بمسار التفاوض الإيراني الأمريكي حول الملف النووي".
وبينت أن معلومات انتشرت من أوساط مطلعة على موقف ميقاتي أنه "ربما لن يستمر في تدوير الزوايا وتسيير العمل الحكومي بالاجتماعات الوزارية إذا ظلت الأبواب موصدة بوجهه من الداخل والخارج، وخيار عدم الاستقالة قد يُعاد النظر فيه مع أنه خيار صعب وتترتب عليه انعكاسات سلبية للغاية، لكنه قد يضع جميع الأطراف أمام مسؤولياتها".
ورأت "اللواء" أن "هناك رهان على أن يقوم ماكرون بمحاولة تليين الموقف الخليجي والسعودي للتخفيف من حدّة الإجراءات المتخذة تجاه لبنان، مع أن المملكة أعلنت أنها لن تتعرض للبنانيين العاملين فيها، علماً أنّ الاتصالات تجدّدت في الساعات الأخيرة لدفع الوزير قرداحي إلى تقديم استقالته لكن الأخير مازال مصرّاً على الحصول على "ضمانات مسبقة" بإعادة النظر بالموقف السعودي من الحكومة".
أما صحيفة "نداء الوطن" فقد اعتبرت أن حزب الله "استسلم على مضض أمام الضغط الفرنسي لاستقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، الذي أكد مساءً أنه سيستقيل اليوم من الحكومة، عشية زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى المملكة العربية السعودية. لكن في المقابل، لم يخفِ الحزب حنقه المتعاظم إزاء استرسال رئيسي الجمهورية والحكومة في معاكسة توجهاته القضائية، حسبما برز في تشديد بيان كتلته البرلمانية أمس على أنّ "محاولة التذاكي" لن تحلّ الأزمة التي تعصف بالحكومة".
وإذ رأت أن "الأزمة الحكومية كشفت المزيد من مواطن الخلل التي تحتاج إلى معالجة قانونية ووفاقية"، صوّبت كتلة "الوفاء للمقاومة" في مقاربتها للأزمة القائمة على ما وصفته بـ "ازداوجية المعايير وانعدام الثقة والاستقواء بالخارج لتوسيع هوّة التباينات"، معتبرةً أنّ أسباب الأزمات التي تعصف بالبلاد تكمن في "محاولة التذاكي وتغليب المصالح الشخصية أو الفئوية واعتماد الاستنسابيّة في تنفيذ ما جرى التفاهم والتوافق حوله".
وصرّح قرداحي لصحيفة "الجمهورية" ليل أمس بأن الوقت قد حان ليقد استقالته و"أنا مقتنع بأنني اتخذت القرار الصحيح في التوقيت الصحيح، ولذلك أشعر براحة داخلية"، مضيفاً: "لا أريد أن أعطي مجالاً لأي أحد أن يتهمني لاحقاً بأنني أضعت على لبنان فرصة زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون للسعودية والتي يمكن أن تكون محطة مناسبة لبدء معالجة الأزمة مع السعودية، ولا أريد أن أفسح المجال أمام تحميلي مسؤولية أي إجراء سلبي قد ُينفذ ضد المغتربين في الخليج، وسيكتشف اللبنانيون أنني لست سبب ما يعانونه هم، وما تعانيه الحكومة من مشكلات أراد البعض تحميلي إّياها زوراً وبهتاناً".
كما نقلت "الجمهورية" عن مصادر حكومية قولها إن "الأصول المرعية الإجراء تقضي بأن يبلّغ هذه الاستقالة رسمياً كتابياً أو حتى شفوياً إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كونه رئيسه المباشر وله بعد ذلك أن يعلنها من أي مكان يريد سواء كان السرايا الحكومي أو وزارة الإعلام أو غيرها".
بدورها تحدثت "الديار" في افتتاحيتها عن عدم وجود "أي رهانات لدى المسؤولين اللبنانيين على حصول أي خرق يمكن أن تحققه زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخليجية، فالمسألة لن تحل بخطوات "حسن نية" عبر إقالة أو استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، فالمطلوب خليجياً خطوات لفك ما يصفونه "بهيمنة" حزب الله على الدولة، وخروج الرئاسة الأولى من تموضعها إلى جانب الحزب، كما تشير مصادر دبلوماسية غربية، لم تستبعد غياب الملف اللبناني عن جدول أعمال الرئيس الفرنسي المثقل بالمشاكل "الثنائية" مع الرياض، وتفضل الإدارة الفرنسية المقبلة على استحقاق انتخابي عدم البحث في ملفات إشكالية ومحاولة إعادة تفعيل الشراكة الاقتصادية مع دول الخليج".
ولفتت صحيفة "النهار" إلى "معطيات عن تشدد فرنسي في طلب قيام الحكومة بخطوة حاسمة وتحديداً استقالة قرداحي لكي يكون بين يديّ الرئيس الفرنسي ما يفاتح به السعوديين للتخفيف من وطأة الأزمة الدبلوماسية التي انفجرت بين لبنان ودول خليجية عدة، في مقدمها السعودية، عقب تداعيات التصريحات التي ادلى بها قرداحي. وتردد أن مشاورات كثيفة جرت في اليومين الماضيين لإقناع كل من "حزب الله" و"تيار المردة" خصوصاً باستقالة قرداحي، وان حلفاء الأخير تركوا له الحرية في اتخاذ القرار النهائي".
النهضة نيوز - صحف محلية