أخبار لبنان

القضاء اللبناني يتحرك لملاحقة رياض سلامة وميقاتي يهدد بالاستقالة

12 كانون الثاني 2022 08:44

لفتت صحيفة الأخبار اللبنانية اليوم إلى خطوة غير مسبوقة تسجّل لمصلحة بعض القضاء اللبناني جرت أمس، قابلتها ما وصفتها بأنها «جرأة» (غير مسبوقة؟) في مواجهة القضاء «سجّلت» لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي هدّد، بالفم الملآن، بالاستقالة في حال المضيّ في ملاحقة رياض سلامة (ومن يمتّ له بصلة)، علماً بأن المعلومات تؤكد أن ما هو متوافر في حوزة القضاء اللبناني في ملفات الحاكم من شأنه الادعاء عليه ومنعه من دخول مصرف لبنان أو الوصول إلى أي حساب مالي، ويسمح للقضاء بالمبادرة الى «خطوات كبيرة»

وأفادت الصحيفة بأن وحدات من جهاز أمن الدولة دخلت في الثامنة صباح أمس، وفي توقيت واحد بأمر من المحامي العام القاضي جان طنوس وبوصفها ضابطة عدلية، الى ستة مصارف هي: بنك البحر المتوسط، بنك عوده، بنك مصر ولبنان، بنك الاعتماد اللبناني، بنك سرادار وبنك الموارد، وانتظرت وصول القاضي طنوس الذي طلب الدخول الى مكاتب قسم المحاسبة في المصارف، وأبلغ الموظفين العاملين فيها قراراً قضائياً بالحصول فوراً على كل البيانات الخاصة بحسابات رجا سلامة، شقيق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

خطوة طنوس جاءت في سياق تحقيقات كان قد بدأها وتتعلق بالبحث عن أموال يشتبه في أن رجا سلامة اختلسها من عمليات بواسطة شركة «فوري» التي تعاملت مع مصرف لبنان، والتدقيق في مكان وجودها، في سياق تحديد وجهتها من أجل استردادها كونها تعود الى الدولة اللبنانية لأنها وصلت الى حسابات سلامة بطريقة غير مشروعة، لكن خطوة طنوس سرعان ما أُجهضت، عندما قبل النائب العام التمييزي غسان عويدات الخضوع لضغوط مرجعيات سياسية وحزبية ومالية، فطلب من طنوس تأجيل المهمة، عملياً، جاءت الضربة للقضاء من البيت القضائي نفسه، ولو أنها تمّت تحت ضغوط سياسية. قريبون من عويدات برّروا خطوته بأن توقيت الإجراء الذي قام به طنوس «غير مناسب»، إذ كاد يتسبب بإقفال المصارف لأبوابها، ما ينعكس على الواقع المالي في البلاد، كما فسّروا خطوة طنوس بأنها في سياق عملية لها بعدها السياسي أيضاً.

ورغم اتهام عويدات بالخضوع لضغوط مباشرة من رئيسَي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي، إلا أن الجميع يعرف أن الحلقة تتجاوزها لتشمل مرجعيات كبيرة، دينية ومصرفية ومالية، إضافة الى الغطاء الأميركي الذي يمنع أي خطوة قضائية من شأنها أن توصل الموسى إلى ذقن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وملاحقته والتحقيق معه وإخضاعه لمحاكمة تسمح للرأي العام وللأجهزة المعنية في الدولة بالاطلاع على كل ما قام به منذ عقدين على الأقل.

ورغم أن الملف الذي كان يبحث عنه طنوس، ومن ضمنه السعي الى الحصول على تفاصيل حول مسار الأموال التي أودعت في حسابات رجا سلامة للمرة الأولى، جاء بضغط من الفرنسيين الذين سبق أن أثاروا الأمر مع رئيس الحكومة وتلقّوا منه وعداً بالمساعدة، كان لافتاً ما قاله عويدات لطنوس أمس، في سياق الضغط لوقف تنفيذ المهمة، من أن «الرئيس ميقاتي اتصل بي وهدّد بأنه في حال استمرار المهمة سيستقيل وستقع البلاد كلها في مشكلة»!

وبينت الصحيفة بأن خطوة طنوس جاءت بعد ثلاثة أشهر على مراسلته المصارف المعنية، طالباً تزويده بكشوفات الحسابات الخاصة برجا سلامة وليس بالحاكم نفسه، لكن المصارف امتنعت عن تزويده بكل البيانات، وحاول بنك «ميد» تنحيته عن الملف بحجة خرق السرية المصرفية، ورغم رد القضاء الدعوى، استمرت المصارف في الامتناع عن التجاوب، ما دفع بطنوس الى التوجه مباشرة نحو هذه المصارف للحصول بقوة القانون على المعطيات التي يطلبها، وعلمت «الأخبار» أنه كان ينوي إبقاء موظفين تابعين له أو عناصر من القوى الأمنية في مكاتب أقسام المحاسبة حتى الحصول على كل الداتا المطلوبة.

وبحسب معلومات الصحيفة، فإن عويدات قد يطلب من طنوس إيداعه تفاصيل الملف، على أن يقوم هو باطلاع كبار المسؤولين على مضمونه لاتخاذ القرار المناسب، ويفسّر مراقبون موقف عويدات بأنه يعتبر أن الأمر يحتاج الى قرار سياسي، ويريد من السلطة السياسية، ممثلة بمجلس الوزراء، المبادرة الى إجراء إداري بحق حاكم مصرف لبنان، علماً بأن الواجب يقضي بمبادرته الى القيام بالخطوة القضائية بمعزل عما تريده الحكومة أو لا تريده، وهذا ما يحمّله مسؤولية عن تعطيل عمل القضاء، ويوجّه، عملياً، ضربات جديدة الى الجسم القضائي الذي يعاني أصلاً من مشكلات كبيرة على خلفية التحقيق في تفجير مرفأ بيروت، علماً بأنه إذا كان القصد تعمّد إحراج الطبقة الحاكمة، إلا أن الأمر، عملياً، يضع القرار بيد السياسيين الذين لا يريدون محاسبة سلامة ولا غيره، ويتوقع أن يمارسوا ضغطاً على قضاة تحقيق معينين لثنيهم عن المضي في هذا الملف، وخصوصاً أن الانتقال من ملاحقة رجا سلامة الى البحث في ملفات الحاكم نفسه، وخصوصاً في مصرف لبنان، ستكشف عن مغارة كبيرة من شأنها «إسقاط الرؤوس الفعلية للدولة العميقة التي تحكم لبنان منذ عقود»، بحسب تعبير جهة معنية بالملف.

المصدر: الأخبار اللبنانية