علماء يكشفون سر تزايد الإصابة بالإنفلونزا خلال الشتاء

علوم

الإصابة بالإنفلونزا تكون أكثر شيوعا في الشتاء .. إليك السبب

6 كانون الأول 2022 13:40

تكون نزلات البرد والإنفلونزا أكثر شيوعا في الأشهر الباردة من العام أي خلال فصل الشتاء.

و لكن السبب الرئيسي الكامن وراء هذا الشيء كان مسألة نقاش علمي لفترة طويلة بالفعل، وقد ادعى بعض الباحثون الآن أنهم قد تمكنوا من حل هذه المعضلة، مشيرين إلى أنها يتعلق بطريقة الاستجابة المناعية التي لم تكن معروفة في السابق داخل الأنف.

الاستجابة المناعية داخل الأنف

إن الاستجابة المناعية المتطورة في الأنف مسؤولة عن محاربة الفيروسات التي تصيبنا بالعدوى، لكنها تنخفض بشكل ملحوظ مع انخفاض درجات الحرارة خلال فصل الشتاء، متحدين بذلك النظرية السابقة القائلة بأن ما يعزز انتشار الأمراض خلال الشتاء أكثر من غيره هو بقاء الناس داخل المنازل.

قام بهذه الدراسة الباحثين في مستشفى ماس لأمراض الأنف والأذن والحنجرة وجامعة نورث إيستيرن في بوسطن بولاية ماساتشوستس بالولايات المتحدة الأمريكية.

لماذا نزلات البرد تكون أكثر شيوعا في الشتاء ؟

وقد قال المؤلف الرئيسي للدراسة، الدكتور بنجامين بلير:" لم يكن هناك سبب مقنع بشكل كامل لحدوث هذه الزيادة الواضحة للغاية في الإصابة بالعدوى الفيروسية خلال الأشهر البارة من العام. حيث كان يعتقد بشكل تقليدي أن موسم البرد والانفلونزا يحدث خلال فصل الشتاء بسبب بقاء الناس في المنزل لفترات طويلة مما يسهل على الفيروسات المحمولة عبر الهواء الانتشار بشكل أسرع بينهم".

وأضاف:" والآن، سلطت دراستنا الحالية الضوء على السبب البيولوجي الجذري للاختلاف الموسمي في انتشار الأمراض الفيروسية التي تصيب الجهاز التنفسي العلوي للإنسان كل عام، والذي تمثل في الاستجابة المناعية التي حظيت باهتمام واسع النطاق خلال جائحة فيروس كورونا التاجي المستجد".


آلية عمل الاستجابة المناعية داخل الأنف

الجدير بالذكر أن الدكتور بلير وزملائه قد كشفوا في السابق عن وجود استجابة مناعية فطرية في الأنف، والتي تحدث لدى الإنسان عندما يتم استنشاق البكتيريا المحمولة في الهواء كرد فعل طبيعي ومناعي على المسببات المرضية، حيث قالوا أن الخلايا الموجودة في مقدمة الأنف يمكنها اكتشاف البكتيريا لتقوم بعد ذلك بإطلاق مليارات من الحويصلات الخارجية للخلايا المعروفة باسم exosomes في المخاط، بهدف محاصرة البكتيريا ومهاجمتها على الفور.

كما وأوضح الدكتور بلير قائلا:" الأمر أشبه بأن تقوم بركل عش الدبابير لتخرج من عشها وتقوم بمهاجمتك، حيث تحتوي هذه الحويصلات على بروتينات واقية ومضادة للبكتيريا، والتي تنتقل مع مرور الوقت على طول مجرى الهواء للوصول إلى الجزء الخلفي من الأنف، الأمر الذي يحمي الخلايا الداخلية الأخرى من الإصابة ويمنع البكتيريا من التوغل داخل الجسم أيضا".

بالنسبة لهذه الدراسة الجديدة، أراد الباحثون معرفة ما إذا كانت الاستجابة المناعية الموجودة في الأنف فعالة ضد الفيروسات المسببة لنزلات البرد والأنفلونزا والتهاب الجيوب الأنفية والتهاب البلعوم وغيرها، بجانب التأكد من ما إذا كانت درجة حرارة الهواء تلعب دورا في تقليل فعالية هذه الاستجابة المناعية في محاربة الفيروسات أم لا، وصولا لتفسير منطقي حيال زيادة الإصابة بهذه الأنواع من الأمراض التنفسية خلال فصل الشتاء البارد.

خلال الدراسة، قام الباحثين بتحليل كيفية استجابة الخلايا والعينات التي تم جمعها من أنوف المرضى الخاضعين لعملية جراحية ومن بعض المتطوعين الأصحاء لثلاثة فيروسات رئيسية، وهي فيروس كورونا التاجي المستجد وفيروسان يسببان نزلات البرد والأنفلونزا الموسمية.

حيث اكتشفوا من النتائج التي حصلوا عليها أن كل نوع من تلك الفيروسات يثير استجابة محددة في الخلايا الأنفية، والتي كانت مختلفة بشكل كامل عن مسار الإشارات المتبع من قبل الاستجابة المناعية الطبيعية التي ظهرت عند محاربة البكتيريا، حيث كانت على هيئة مركبات كهربائية تلتصق بها الفيروسات ليتم مهاجمتها على الفور.

تأثر الاستجابة المناعية داخل الأنف بدرحة الحرارة

بعد ذلك، اختبر الباحثون كيف أثرت درجات الحرارة المنخفضة على هذه الاستجابة المناعية، وذلك بغرض محاكاة الانخفاض الحراري الذي نهاني منه خلال أشهر فصل الشتاء البارد، حيث قاموا بتعريض الأشخاص الأصحاء لدرجة حرارة أقل من حرارة الغرفة الاعتيادية بـ 4.4 درجة مئوية، ما جعل درجة الحرارة داخل الأنف تنخفض بما يصل إلى خمسة درجات مئوية، ثم قاموا بتطبيق الأمر نفسه على عينات الأنسجة النفسية للتأكد من تأثير ذلك على الاستجابة المناعية فيها.

وقد لاحظوا انخفاضا ملحوظا في الاستجابة المناعية التي تنجم عن الخلايا الأنفية بنسبة وصلت إلى 42% تقريبا، حيث يقول المؤلف المشارك في الدراسة الدكتور دي هوانغ :" توفر هذه النتائج مجتمعة تفسيرا علميا ميكانيكيا للاختلاف الموسمي في انتشار الأمراض والالتهابات التي تصيب الجهاز التنفسي العلوي".

علاجات مستمدة من الاستجابة المناعية داخل الأنف

الجدير بالذكر أن هذه النتائج التي سيتم نشرها عما قريب في مجلة الحساسية والمناعة السريرية الأمريكية العلمية، يمكن أن تؤدي إلى التوصل لعلاجات مستمدة من الاستجابة المناعية الطبيعية للخلايا الأنفية، حيث يمكن تصميم رذاذ قادر على زيادة الحويصلات والمركبات الكهربائية التي تحارب الفيروسات في الأنف على سبيل المثال، الأمر الذي يمكن أن يساعد في محاربة مسببات الأمراض بداية من نزلات البرد الأنفلونزا الموسمية ووصولا إلى فيروس كورونا التاجي المستجد.

الديلي ميل