اكتشاف آلية عبور الأدوية إلى الدم من خلال دراسة كيفية اختراق الببتيدات الحلقية لغشاء الخلية

علوم

كيف تخترق الأدوية أغشية الخلايا وصولا إلى الدم؟

16 نيسان 2023 12:28

هناك حاجة ملحة لأدوية جديدة، لأن العديد من المضادات الحيوية التي نستخدمها منذ فترة طويلة أصبحت أقل فعالية، ولذلك يبحث الكيميائيون وعلماء الصيدلة بشكل محموم عن مواد فعالة جديدة، خاصة تلك التي يمكنها اختراق أغشية الخلايا، لأنها الوحيدة التي يمكن للمرضى تناولها عن طريق الفم على شكل أقراص أو شراب.

كيف تدخل الأدوية إلى الدم؟

حيث تمر هذه المكونات ( الأدوية ) النشطة فقط عبر جدار الأمعاء في الأمعاء الدقيقة وتدخل مجرى الدم لتصل إلى المنطقة المصابة في الجسم، أما بالنسبة للمكونات النشطة التي لا تستطيع اختراق غشاء الخلية، فليس أمام الأطباء خيار سوى حقنها مباشرة في مجرى الدم.

الببتيدات الحلقية

هذا هو السبب في أن الباحثين يحاولون فهم الجزيئات التي يمكنها اختراق أغشية الخلايا وكيف تفعل ذلك بالضبط، بالنسبة لفئة مهمة وواعدة من المواد، وهي الببتيدات الحلقية، قام الكيميائيون في معهد ETH في زوريخ الآن بفك شيفرة تفاصيل إضافية عن الآلية ذات الصلة.

تقول سيرينا رينكر، الأستاذة في قسم الكيمياء والعلوم البيولوجية التطبيقية، التي قادت الدراسة التي نُشرت في مجلة الكيمياء الطبية:" كلما عرفنا المزيد عن هذه الآلية والخصائص التي يجب أن يمتلكها الجزيء، كلما كان باستطاعة الباحثين أن يأخذوا ذلك في الاعتبار عند تطوير أدوية جديدة".

ما هي الببتيدات الحلقية؟

الببتيدات الحلقية عبارة عن جزيئات على شكل حلقة أكبر بكثير من الجزيئات الصغيرة التي تشكل غالبية أدوية اليوم، ومع ذلك، وفي بعض المجالات التطبيقية، يصطدم الكيميائيون وعلماء الأدوية بحدودهم مع الجزيئات الصغيرة، ولهذا السبب يتحولون إلى جزيئات أكبر مثل الببتيدات الحلقية.

مكونات الببتيدات الحلقية

وتحتوي هذه المواد على العديد من المواد الطبيعية النشطة صيدلانياً، مثل " السيكلوسبورين"،  وهو مثبط للمناعة تم استخدامه منذ عقود بعد زراعة الأعضاء، والعديد من المضادات الحيوية.

رصد عبور الببتيدات الحلقية لغشاء الخلايا بالنمذجة الحاسوبية

باستخدام النمذجة الحاسوبية والكثير من قوة الكمبيوتر الفائق، تمكنت رينكر وزملاؤها من توضيح كيفية عبور الببتيدات الحلقية المشابهة " للسيكلوسبورين" غشاء الخلايا، وتقول رينكر:" النمذجة فقط هي التي تسمح لنا بمثل هذه الرؤية التفصيلية عالية الدقة، حيث لا توجد تجارب تسمح لنا بمراقبة جزيء فردي يعبر غشاء الخلية".

ولفهم هذه الآلية، يجب على المرء أن يعرف كيف يتم هيكلة الببتيدات الحلقية، فهي تتكون من هيكل حلقة مركزية ترتبط به سلاسل جانبية، وتكون الجزيئات مرنة بحيث يمكنها أن تغير هيكلها بشكل ديناميكي للتكيف مع بيئتها.

آلية دخول الأدوية في غشاء الخلية

وتكشف محاكاة رينكر بالتفصيل كيف يخترق الببتيد الدوري غشاء الخلية، فأولاً، يثبت الجزيء نفسه على سطح الغشاء، قبل أن يخترقه بشكل عمودي، ثم يغير شكله الثلاثي الأبعاد أثناء مروره، ويدور مرة واحدة حول محوره الطولي قبل أن يصل إلى الجانب الآخر من الغشاء، حيث يخرج مرة أخرى.

اعتبار الببتيدات الحلقية كأدوية جديدة

يمكن الآن استخدام هذه النتائج الجديدة في اكتشاف الببتيدات الحلقية كأدوية جديدة، ومع ذلك، تشير رينكر إلى مقايضة معينة:" هناك سلاسل جانبية توفر ظروفاً مثالية للببتيدات الحلقية لتثبت نفسها على سطح الغشاء، لكن هذا يجعل من الصعب على الببتيدات عبور الغشاء".

وتساعد هذه المعرفة الجديدة الباحثين على التفكير مسبقاً في السلاسل الجانبية التي يريدون استخدامها وأين يكون الجزيء مفيداً للغاية، وكل هذا يمكن أن يسرع اكتشاف الأدوية وتطويرها من خلال التأكد منذ البداية من أن الباحثين يدرسون المكونات النشطة المحتملة التي يمكن تناولها في نهاية المطاف على شكل أقراص.

المصدر: مجلة الكيمياء الطبية