أظهرت دراسة حديثة أنّ التعرّض لمستويات مرتفعة من مادة "بيسفينول A" (BPA) أثناء الحمل، وهي مادة كيميائية تُستخدم في تصنيع البلاستيك وتوجد بكثرة في زجاجات المياه وعبوات التغليف، قد يكون مرتبطا باضطراب التوحّد لدى الذكور، وقد حددت الدراسة الآلية البيولوجية التي تقف وراء هذا الرابط.
مخاطر مادة بيسفينول A وتأثيرها على الصحة
تُعتبر مخاطر التعرّض لمادة بيسفينول A (BPA) موثّقة بشكل جيد، حيث تُستخدم هذه المادة الكيميائية في تصنيع البلاستيك وتوجد في مجموعة واسعة من المنتجات البلاستيكية، ومن المعروف أن بيسفينول A يمكن أن يتسرب من البلاستيك إلى الأطعمة والمشروبات التي نتناولها، وقد ربطت الدراسات بين هذه المادة وقضايا صحية عدّة بسبب تقليدها لبنية ووظيفة هرمون الإستروجين، مما يؤدي إلى اضطرابات في وظائف الجسم مثل النمو، إصلاح الخلايا، تطوّر الجنين، مستويات الطاقة، والتكاثر.
العلاقة بين بيسفينول A واضطرابات النمو العصبي
لقد ارتبطت مادة بيسفينول A أيضًا باضطرابات النمو العصبي مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (ADHD) واضطراب التوحّد (ASD)، وفي دراسة حديثة أجراها باحثون من معهد فلوري لعلوم الأعصاب والصحة العقلية في ملبورن، أستراليا، تم اكتشاف رابط محتمل بين التعرّض لمادة بيسفينول A أثناء الحمل وظهور التوحّد لدى الأطفال.
الآلية البيولوجية المحتملة وراء الإصابة بالتوحّد
أوضحت الأستاذة آن-لويز بونسونبي، رئيسة مجموعة أبحاث الوبائيات العصبية بمعهد فلوري والتي قادت الدراسة بالاشتراك مع الباحثة الدكتورة واه تشين بون، أن "التعرّض للمواد الكيميائية البلاستيكية أثناء الحمل قد أظهر بالفعل في بعض الدراسات ارتباطا بظهور التوحّد لدى الأطفال، وتكمن أهمية عملنا في تحديد إحدى الآليات البيولوجية المحتملة المتورطة".
التوحّد كاضطراب نمائي عصبي
يُعتبر اضطراب طيف التوحّد (ASD) حالة نمائية عصبية تُشخّص سريريا وتؤثر على كيفية تفاعل الأفراد مع الآخرين والتواصل والتعلّم والسلوك، ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، فإنّ اضطراب طيف التوحّد يؤثر على حوالي طفل واحد من بين كل 100 طفل حول العالم، وتشير إحصائيات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) في الولايات المتحدة إلى أنّ واحدًا من بين 36 طفلًا أمريكيا يعاني من هذا الاضطراب، وهو ما يُعد أكثر شيوعًا بين الذكور بأربع مرات تقريبًا مقارنة بالإناث، وقد ارتفعت نسبة الانتشار من واحد بين 54 في عام 2016.
دور الإنزيم أروماتاز في تطوّر الدماغ الجنيني
ركّز الباحثون في الدراسة الحالية على إنزيم أروماتاز، الذي يحوّل الهرمونات الذكرية العصبية (نيروأندروجينات) الموجودة في الدماغ إلى هرمونات أنثوية عصبية (نيروأستروجينات)، وخلال تطور الجنين يكون التعبير عن إنزيم أروماتاز في الدماغ مرتفعًا لدى الذكور، وقد أظهرت الدراسات أنّ التعرّض لمادة بيسفينول A يمكن أن يعطل وظيفة إنزيم أروماتاز في الدماغ.
العلاقة بين وجود بيسفينول A واضطراب طيف التوحّد
وجدت الدراسة أن العلاقة بين وجود بيسفينول A واضطراب طيف التوحّد كانت أكثر وضوحا لدى الذكور الذين لديهم مستويات منخفضة من إنزيم أروماتاز، والذين وُلدوا لأمهات لديهن مستويات مرتفعة من بيسفينول A في البول خلال فترة الحمل المتأخرة، وكان هؤلاء الذكور أكثر عرضة بـ 3.5 مرات لظهور أعراض التوحّد بحلول عمر السنتين، وست مرات أكثر احتمالية لتشخيص التوحّد بحلول عمر 11 عامًا مقارنة بالأطفال الذين وُلدوا لأمهات بمستويات منخفضة من بيسفينول A خلال الحمل.
موقع New Atlas