خطر الملوثات البيئية على الصحة
يتعرض الإنسان يوميا لمزيج من الملوثات البيئية التي تهدد صحته، خاصة عندما تتفاعل هذه الملوثات معا لتشكل ما يُعرف بـ"كوكتيل الملوثات"، دراسة حديثة من جامعة قرطبة تكشف كيف يمكن لهذه الملوثات أن تتفاعل لزيادة سميتها، مما يسبب أضرارا جسيمة للكبد، ومع ذلك يظهر السيلينيوم كحل واعد لتقليل هذه الأضرار.
كيف تتفاعل الملوثات لتشكل خطرا أكبر؟
يتعرض البشر بشكل يومي لمواد ضارة من خلال البيئة والغذاء، مثل المعادن الثقيلة (الزرنيخ، الكادميوم، الزئبق) وبقايا الأدوية (ديكلوفيناك، فلوميكوين)، عندما تختلط هذه الملوثات، حتى بتركيزات منخفضة، فإنها تتفاعل لزيادة سميتها بشكل أكبر من تأثير كل ملوث على حدة.
أجرى باحثون من قسم الكيمياء الحيوية والأحياء الجزيئية بجامعة قرطبة دراسة على الفئران لفحص تأثيرات هذه "الكوكتيلات" على الكبد، ووجدوا أن التفاعل بين الملوثات يؤدي إلى استجابة مضادة للأكسدة مفرطة، مما يسبب أضرارا إضافية للجسم.
تأثير الملوثات على بروتينات الكبد
باستخدام تقنية متطورة لتحليل البروتينات (shotgun proteomic)، قام الباحثون بدراسة كيفية تغير بروتينات الكبد عند تعرض الفئران لمزيج من الملوثات لمدة أسبوعين، وتم تحديد 275 بروتينا كعلامات رئيسية لتقييم التغيرات.
أظهرت النتائج أن التفاعل بين الملوثات يؤدي إلى تنشيط مفرط لاستجابة الجسم المضادة للأكسدة، مما يتسبب في أضرار جسيمة، وخاصة تم ملاحظة تنشيط مستمر لمسار NRF2، الذي ينظم الاستجابات المضادة للأكسدة، مما أدى إلى إجهاد تأكسدي غير منضبط.
السيلينيوم: الحل الواعد لتقليل الأضرار
على الرغم من النتائج السلبية، تقدم الدراسة بصيص أمل. حيث أظهرت أن إعطاء الفئران جرعات من السيلينيوم، وهو معدن موجود في المكملات الغذائية، ساعد في تخفيف الأضرار الجزيئية الناتجة عن الملوثات.
السيلينيوم، على الرغم من كونه عامل مؤكسد، إلا أنه بجرعات منخفضة ينشط استجابات الجسم المضادة للأكسدة بشكل منظم، مما يعزز دفاعات الجسم ويقلل من الأضرار الناتجة عن الملوثات.
نحو فهم أفضل وتقليل الأضرار
تسلط هذه الدراسة الضوء على أهمية فهم تأثيرات الملوثات البيئية عند تفاعلها معا، وتقدم السيلينيوم كحل محتمل لتقليل الأضرار الصحية الناتجة عن هذه التفاعلات، مع استمرار الأبحاث يمكن أن تصبح هذه النتائج أساسا لتطوير استراتيجيات وقائية جديدة.