اكتشف كيف تكشف عضلات الأذن أسرار تطور البشر عبر ملايين السنين؟

أسرار الأذن البشرية

أهمية حركة الأذن في عالم الحيوان والإنسان  

تعتبر حركة الأذن لدى العديد من الحيوانات أمرا بالغ الأهمية، حيث تساعدها على تركيز الانتباه على أصوات معينة وتحديد اتجاهها بدقة، وعلى الرغم من أن الأذن البشرية أكثر ثباتا مقارنة بالحيوانات، إلا أن آثار نظام توجيه الأذن لدى أسلافنا ما زالت موجودة في ما يُعرف باسم "أحفورة عصبية" (neural fossil).  

 العضلات الأذنية: بقايا التطور البشري  

تُعد العضلات الأذنية من بقايا التطور البشري، حيث كانت تُستخدم في الماضي لتوجيه الصوت نحو طبلة الأذن، مما ساعد أسلافنا على تحديد مصادر الأصوات والاستماع بفعالية أكبر. ومع مرور ملايين السنين، توقف البشر عن استخدام هذه العضلات بشكل فعال، فأصبحت مجرد بقايا تطورية.  

 اكتشاف حديث: نشاط العضلات الأذنية في البيئات الصاخبة  

كشفت دراسة حديثة أن هذه العضلات ما زالت تنشط عندما نحاول التركيز على أصوات معينة في بيئات صاخبة، وأوضح أندرياس شرور، المؤلف الرئيسي للدراسة من جامعة سارلاند في ألمانيا، أن أسلافنا فقدوا القدرة على تحريك آذانهم منذ نحو 25 مليون سنة، لكن الدوائر العصبية المسؤولة عن هذه الحركة ما زالت موجودة في أدمغتنا.  

 تفاصيل الدراسة: تجارب على نشاط العضلات الأذنية  

نُشرت الدراسة في مجلة Frontiers in Neuroscience، حيث أجرى الفريق تجربة على 20 بالغًا لا يعانون من مشاكل في السمع، طُلب من المشاركين الاستماع إلى كتاب صوتي عبر مكبر صوت بينما تم تشغيل بودكاست مشتت من نفس الموقع.  

تم توصيل أقطاب كهربائية بعضلات الأذن لدى المشاركين، ثم تم تشغيل كتاب صوتي وملفات بودكاست مشتتة من مكبرات صوت أمامهم أو خلفهم. وخضع كل مشارك لـ12 تجربة مدتها خمس دقائق، تغطي ثلاث مستويات مختلفة من الصعوبة:  

1. المستوى السهل: كان البودكاست أكثر هدوءا من الكتاب الصوتي، مع اختلاف كبير في نبرة الصوت.  

2. المستوى المتوسط والصعب: تم تشغيل اثنين من البودكاست معًا بصوت أعلى من الكتاب الصوتي، مع تشابه نبرة أحد البودكاست مع الكتاب الصوتي.  

أظهرت النتائج أن الجهد الذي شعر به المشاركون في الاستماع، بالإضافة إلى عدد المرات التي فقدوا فيها التركيز على الكتاب الصوتي، زاد مع زيادة صعوبة السيناريو، كما وجد الفريق أن نشاط العضلات الأذنية العلوية كان أعلى في الوضع الصعب مقارنة بالوضع السهل والمتوسط، مما يشير إلى أن نشاط هذه العضلات قد يكون مقياسا موضوعيا للجهد المبذول في الاستماع.  

تفسير النتائج: دور العضلات الأذنية في الاستماع  

على الرغم من أن الحركات التي تحدثها العضلات الأذنية صغيرة جدا ولا توفر فائدة ملحوظة في تحسين السمع، إلا أن الدراسة تشير إلى أن هذه العضلات تحاول العمل بعد أن أصبحت مجرد بقايا تطورية، ومع ذلك فإن تأثيرها يظل محدودًا.  

هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات على عينات أكبر وأكثر تنوعا لتأكيد النتائج وفهم الدور الحقيقي للعضلات الأذنية في عملية الاستماع لدى البشر.   

تكشف هذه الدراسة عن جانب مثير من التطور البشري، حيث تُظهر كيف أن أدمغتنا ما زالت تحتفظ بآثار الأنظمة العصبية التي كانت تُستخدم في الماضي لتحسين السمع. وعلى الرغم من أن العضلات الأذنية لم تعد تُستخدم بشكل فعال، إلا أن نشاطها يظل مؤشرا على الجهد الذي نبذله في التركيز على الأصوات في البيئات الصاخبة.