تعد الغواصات النووية المزودة بصواريخ باليستية من أخطر الأسلحة الاستراتيجية التي تعتمدها الدول النووية الكبرى، لما توفره من قدرة عالية على التخفي والجاهزية لتنفيذ “الضربة الثانية” في حال تعرض الدولة لهجوم نووي مباغت.
هذه الغواصات التي تعمل بمفاعلات نووية تتيح لها البقاء تحت الماء لأسابيع متواصلة دون الحاجة للتزود بالوقود أو العودة إلى القواعد، تشكل قاعدة إطلاق متحركة بعيدة عن الأنظار، يصعب استهدافها وتمثل عامل توازن في سباق التسلح النووي.
أنواع الغواصات النووية ودورها في الردع الاستراتيجي
تقسم الغواصات النووية إلى نوعين رئيسيين:
1. غواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية (SSN): مخصصة لمهام المطاردة والاستطلاع والتصدي لغواصات وسفن العدو.
2. غواصات صواريخ باليستية نووية (SSBN): تعد من أخطر أسلحة الردع، حيث تحمل صواريخ نووية بعيدة المدى وتبقى في حالة تأهب دائم لتنفيذ ضربات نووية استراتيجية.
ويعتمد مفهوم الردع النووي على ضمان قدرة الدولة على الرد، حتى في حال تعرضها لهجوم نووي شامل، ويطلق على هذه القدرة اسم “الضربة الثانية”، وهي ميزة استراتيجية تضمن استمرار التهديد النووي رغم تعرض الدولة لضربة أولى.
وتتميز الغواصات النووية بقدرتها على تنفيذ هذا النوع من الرد، بفضل قدرتها على التخفي والبقاء في أعماق البحار، ما يجعل اكتشافها وتدميرها في الوقت المناسب شبه مستحيل.
الدول التي تمتلك غواصات نووية مسلحة
تمتلك خمس دول غواصات صواريخ باليستية نووية فعالة ضمن ترسانتها وهي:
1. الولايات المتحدة: 14 غواصة من طراز “أوهايو” تحمل كل منها 24 صاروخ “ترايدنت 2”.
2. روسيا: غواصات “بوري” و”دلتا” المسلحة بصواريخ “بولافا” و”سينيفا”.
3. المملكة المتحدة: 4 غواصات من فئة “فانغارد” مسلحة بصواريخ “ترايدنت”.
4. فرنسا: غواصات من فئة “لو تريومفان” مزودة بصواريخ “M51”.
5. الصين: تعمل على تشغيل غواصات “جين” المسلحة بصواريخ “JL-2”، لكنها لا تزال متأخرة تقنيا.
كما تشير تقارير غير مؤكدة إلى أن إسرائيل تمتلك غواصات دولفين ألمانية الصنع، قد تكون معدلة لإطلاق صواريخ نووية لكن تل أبيب لا تؤكد ذلك رسميا.
أهمية الغواصات النووية في الاستراتيجية العسكرية
الغواصات النووية تعزز مفهوم الردع المستمر، لأنها تبقى منتشرة في المحيطات طوال الوقت، وجاهزة للرد خلال دقائق وغالبا ما تنطلق من قواعدها إلى مواقع غير معروفة في فترات التوتر الدولي، كإشارة واضحة على الجاهزية النووية.
وجود هذه الغواصات يشكل عنصر توازن في أي أزمة عسكرية كبرى، إذ أن أي جهة تفكر بشن هجوم نووي يجب أن تأخذ في الحسبان أن هناك منصات إطلاق غير قابلة للتدمير الفوري قادرة على الرد بشكل مدمر.