تعد القاذفة B-2 Spirit واحدة من أبرز الأسلحة الاستراتيجية في الترسانة الأمريكية، وقد شكلت منذ دخولها الخدمة في التسعينيات حجر الأساس في قدرة الولايات المتحدة على تنفيذ ضربات بعيدة المدى ضد أهداف محصنة، مع المحافظة على مستوى عال من التخفي، في ما يلي نظرة تفصيلية على مواصفاتها وميزاتها واستخداماتها العسكرية.
التصميم القاذفة B-2 Spirit والقدرات الشبحية
تم تصميم القاذفة B-2 Spirit بتقنية “الجناح الطائر” التي تقلل من بصمتها الرادارية، مما يجعل رصدها عبر الرادارات التقليدية أمرا بالغ الصعوبة، فشكلها الانسيابي وطلاؤها الخاص يساعدان في امتصاص الإشعاعات الرادارية، ما يمنحها قدرة على اختراق أنظمة الدفاع الجوي المعقدة.
ويعد التخفي هو الميزة الأهم للطائرة حيث تستطيع التحليق فوق أراض معادية مزودة بأنظمة رادار متقدمة دون أن تكتشف بسهولة، وهو ما يتيح لها تنفيذ مهمات ضربات نووية أو تقليدية دون الحاجة إلى مرافقة من مقاتلات أو أنظمة تشويش.
كما تتمتع القاذفة B-2 بالقدرة على الطيران لمسافة 12,000 كيلومتر تقريبا دون التزود بالوقود، وتزيد هذه المسافة إلى أكثر من 18,000 كيلومتر عند التزود بالوقود جوا، ما يسمح لها بتنفيذ مهمات عالمية انطلاقا من الأراضي الأمريكية دون الحاجة إلى قواعد أمامية.
أما على صعيد الحمولة فتستطيع حمل نحو 18,000 كيلوغرام من الذخائر داخل حجرتي أسلحة داخليتين. ويمكن تجهيزها بأسلحة تقليدية مثل القنابل الموجهة بالليزر، أو نووية مثل قنابل B61 وB83.
المهام الأساسية للقاذفة B-2 Spirit
تستخدم B-2 بشكل أساسي في المهام التالية:
• الضربات النووية الاستراتيجية: بفضل قدرتها على اختراق الدفاعات الجوية والوصول إلى أهداف في عمق أراضي العدو.
• الضربات الدقيقة بعيدة المدى: باستخدام قنابل موجهة بدقة ضد منشآت عسكرية أو بنية تحتية استراتيجية.
• الهجمات المفاجئة: نظرا لقدرتها على التسلل دون رصد راداري، فيمكنها تنفيذ ضربات أولى في بداية أي حرب شاملة.
وقد استخدمت الولايات المتحدة هذه القاذفة في صربيا (1999)، وأفغانستان (2001)، وليبيا (2011)، وفي عمليات محدودة ضد داعش في سوريا والعراق.
كما زودت القاذفة B-2 Spirit بأنظمة ملاحة متطورة وإلكترونيات طيران حديثة، وتدار من قبل طاقم مكون من طيارين فقط، فهي صممت لتكون مرنة في التحديثات التكنولوجية، وتم بالفعل ترقية العديد من أنظمتها في السنوات الماضية، بما يشمل الاتصالات والملاحة وإدارة السلاح.
وتتطلب الطائرة صيانة دقيقة وتكلفة تشغيل مرتفعة. حيث تقدر أن كل ساعة طيران تكلف أكثر من 150 ألف دولار، وهو ما جعل استخدامها محصورا في العمليات الاستراتيجية الكبرى.
موقع القاذفة B-2 Spirit ضمن استراتيجية الردع الأمريكية
تعد B-2 جزءا من “ثالوث الردع النووي” الأمريكي، إلى جانب الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والغواصات النووية، وهي توفر للولايات المتحدة ميزة الضربة المرنة والدقيقة في حالات التصعيد، أو كخيار بديل للهجمات النووية الواسعة.
ورغم قوتها فإن دخول طائرة B-21 Raider إلى الخدمة تدريجيا سيجعل B-2 تحال إلى التقاعد خلال العقدين المقبلين، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف تشغيلها وصعوبة مواكبتها لبعض التطورات التكنولوجية الحديثة.
وفي الختام تعد B-2 Spirit واحدة من أكثر الطائرات الشبحية تطورا في التاريخ العسكري الحديث، وتمثل ذروة ما توصلت إليه تكنولوجيا التخفي والقوة الاستراتيجية بعيدة المدى، فرغم ارتفاع تكلفتها إلا أنها لعبت دورا حاسما في فرض التفوق الجوي الأمريكي، وستظل حتى لحظة استبدالها رمزا لقوة الردع المتقدم.