"واشنطن بوست" تكشف تلاشي شعبية "داعش" في أوساط الأوروبيين العائدين من سوريا

أخبار

"واشنطن بوست" تكشف تلاشي جاذبية"داعش" في أوساط الأوروبيين العائدين من سوريا

15 حزيران 2020 10:42

كشف تقرير مطول نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، أن جاذبية تنظيم "داعش" بين الأوربيين بدأت بالتراجع، والغالبية العظمى من العائدين يتجنبون أسباب التطرف حتى الآن، ويرفض الكثيرون منهم حتى ذكر اسم تنظيم "الدولة الإسلامية"، ويستنكرون أساليبها العنيفة و المتطرفة ".

كشف تقرير مطول نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، أن جاذبية تنظيم "داعش" بين الأوربيين بدأت بالتراجع، والغالبية العظمى من العائدين يتجنبون أسباب التطرف حتى الآن، ويرفض الكثيرون منهم حتى ذكر اسم تنظيم "الدولة الإسلامية"، ويستنكرون أساليبها العنيفة و المتطرفة ".

تقرير "واشنطن بوست" تحدث عن تجربة الجهادي السابق المعروف الذي عرف باسم " أبو عائشة"، والذي أطلق سراحه قبل عامين، حيث قال البلجيكي البالغ من العمر 27 عاما، و الذي سافر إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" بالعراق و الشام "داعش" عام 2013 ، أنه أصبح الآن يرفض تنظيم "داعش" الإرهابي، رفضاً تاماً، و يفضل الدراسة على القتال، كما أنه نصح الشبان المسلمين الآخرين الذين لم يندرجوا ضمن مثل هذه الجماعات المتطرفة قائلا : " ابقوا بعيدا ".

وتحدث الشاب الذي يعيش الآن في بروكسل عن تجربته قائلاً: " لقد رأيت بأم عيني ما فعلته داعش " ، كاشفاً بأنه من بين جميع العائدين من سوريا الذين قابلهم منذ عودتهم إلى بلادهم، فإن معظمهم لا يريدون أن يكون لهم أي علاقة بالدولة الإسلامية بعد الآن ، وهذه العبارة التي رددها عائدون آخرون في أوروبا بالفعل ، كانت سبب كبير للتفاؤل الحذر عبر القارة التي شهدت سفر الآلاف من مواطنيها إلى الشرق الأوسط، للانضمام إلى الجماعة الإرهابية.

وقال توماس رينارد ، باحث بلجيكي في الإرهاب و مؤلف دراسة حالية عن التطرف في السجون : " هناك عدد من العلامات التي تشير إلى انتشار خيبة الأمل بين المقاتلين العائدين و المجرمين المفرج عنهم . فلا يبدو أنهم يعيدون الاتصال بشبكاتهم السابقة أو أنهم سيقومون بالأنشطة المتطرفة العنيفة من جديد . فقد رأينا العديد من تقارير الأجهزة الأمنية التي أكدت لنا ذلك".

ورغم هذه المعطيات المتفائلة غير أن المسئولين الأوروبيين لازلوا قلقين من أن هذه المكاسب قد تكون هشة في الوقت الراهن، ففي أجزاء أخرى من العالم، يبدو أن الزخم قد تحول لصالح الإسلاميين و المتطرفين، وتكتسب "الدولة الإسلامية" قوة في العراق و سوريا من جديد، وذلك قياسا بعدد و نطاق الهجمات الإرهابية في الأشهر الأخيرة في معاقلها السابقة، كما تصاعدت الميليشيات المتطرفة في جميع أنحاء إفريقيا أيضا، حيث تتنافس الجماعات المتحالفة مع كل من القاعدة و داعش للسيطرة على مساحات واسعة من المناطق الريفية من القرن الأفريقي الممتد إلى الساحل.

وبحسب خبراء في الإرهاب فإن الخلافة المستعادة، أو ظهور زعيم جديد يتمتع بشخصية كاريزمية ، يمكن أن يلهم أتباعه بالرجوع إلى التطرف مرة أخرى مثلما فعلت الدولة الإسلامية من قبل ، بما في ذلك بعض الذين نبذوا العنف حتى، واعتبر المسئولون أن الركود الاقتصادي المطول الناجم عن جائحة الفيروس التاجي لن يجعل عملية كسب و تجنيد مجندين جدد وسط انتشار الفقر و البطالة أسهل إلى على تلك الجماعات المتطرفة .

وقال أحد مسئولي مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط ، الذي تراقب حكومته مئات المواطنين الذين انضموا إلى تنظيم داعش و عادوا إلى وطنهم مرة أخرى : " لسنا ساذجين". كما و أشار المسئول الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته كونه غير مخولا لمناقشة تقييمات الأمن الداخلي ، أن العديد من المقاتلين العائدين في بلاده ، مثلهم مثل المقاتلين في أوروبا ، يدعون أنهم لم يعودوا يريدون أن يكونوا جزءا من داعش بعد الآن ، و أنهم قد فهموا بأنهم ارتكبوا خطأ كبيرا بانضمامهم لها من قبل . و لكنه قال : " قال بعضهم أنه قد ينضم مستقبلا إلى جماعة جديدة أو سيعود إلى صفوف داعش ، و لهذا فلا يمكنك أن تكون متأكدا من نواياهم بنسبة 100% ".

تقرير "واشنطن بوست" قال إن التحدي المتمثل في التعامل مع العائدين من مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" يلوح في بلجيكا أكبر مما هو عليه في معظم البلدان الأوروبية، فقد شهدت بلجيكا التي يبلغ عدد سكانها 11.5 مليون نسمة، أعلى معدل للهجرة إلى العراق و سوريا من أي دولة أخرى في جميع أنحاء أوروبا، حيث انضم حوالي 500 من مواطنيها إلى الجماعات الإسلامية المتشددة في الشرق الأوسط ما بين عامي 2013 - 2016 .

و في تاريخ 22 مارس 2016 ، فجرت خلية إرهابية موالية لتنظيم الدولة الإسلامية ثلاث قنابل في محطة مترو أنفاق في بروكسل و في مطار المدينة الدولي، مما أسفر عن مقتل 32 شخصا، حيث لفت هذا العمل الإرهابي انتباه القادة في بلجيكا لحجم التهديد الإرهابي الذي يواجه البلاد، ومرر البرلمان بسرعة قوانين جديدة صارمة أدت إلى سجن العشرات من الرجال و النساء البلجيكيين العائدين من الشرق الأوسط، بغض النظر عما إذا كانوا قد عملوا كمقاتلين في صفوف "داعش" أم لا، و تم وضع العائدين الذين اعتبروا خطرين بشكل خاص في أقسام خاصة للمتطرفين، والتي تسمى " CelEx " في أكبر السجون في بلجيكا .

ويخشى خبراء الإرهاب من أن المتطرفين الإسلاميين العائدين من الشرق الأوسط، قد يؤثرون على السجناء الآخرين ، ما يؤدي إلى اندلاع موجات جديدة من العنف، لكن هذا التهديد لم يتحقق حتى الآن، وبدلا من ذلك، أظهرت جهود بلجيكا في إعادة التأهيل بوادر نجاح مبكرة بالفعل .

ووجدت دراسة قام بها المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي في جامعة كينجز كوليدج لندن، أنه من بين 368 سجينا تم إطلاق سراحهم بعد أن أمضوا فترة أحكامهم في أقسام CelEx بين عام 2012 و أوائل العام الجاري، لم يشارك أي منهم بشكل مباشر في هجوم أو مؤامرة إرهابية.

ووجد المسئولون البلجيكيون الذين استشهدوا بمقابلات مكثفة مع معتقلين سابقين، أن 84 % من الرجال العائدين من الشرق الأوسط و 95 % من النساء قد أثبتوا علامات فك الارتباط بالإرهاب و الأيديولوجيا الإسلامية المتطرفة منذ عودتهم إلى البلاد، ومن بين أولئك الذين لا يزالون في السجن، أظهر حوالي نصفهم نتائج مماثلة و ينتظرون انتهاء فترة حكمهم للإفراج عنهم .

وقالت الدراسة التي نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" إن: " هناك بعض الدلائل على أن التطرف في السجن إما أن يتباطأ أو يبقى كامنا على الأقل . ففي فترة ما بعد انهيار الخلافة ، أصبحت الرواية الجهادية أقل جاذبية و إغراءا إلى حد ما للسجناء الضعفاء ، كما أن عدد المجندين في السجون أصبح يتراجع بشكل ثابت ".

وحثت الدراسة على الحذر، مشيرة إلى أن إزالة التطرف عملية طويلة و ضبابية، ومن الصعب للغاية قياسها، حيث نفذ المسئولون البلجيكيون برنامجا قويا للتواصل مع السجناء السابقين و مراقبتهم، و الذي يتضمن تفاعلا مكثفًا مع الشرطة و المستشارين و الأخصائيين الاجتماعيين للمساعدة في ضمان إعادة الاندماج الناجح في المجتمع البلجيكي .

وأشار مؤلف التقرير رينارد ، ، إلى أن أقلية صغيرة من السجناء السابقين في أقسام CelEx يبدو أنها تحتفظ بآراء متطرفة و ستستمر في الخضوع للمراقبة الدقيقة من قبل الشرطة ، و لكنه قال أن المخاوف بشأن مجموعات كبيرة من الشباب المتطرفين الذين يسعون إلى الجهاد في بلجيكا قد تراجعت بشكل كبير .

صحيفة "واشنطن بوست" أشارت إلى أنه ابتداء من عام 2015، خسرت "داعش" معركة بعد معركة مع التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة، وبلغت ذروة هزائمها بعد تدمير آخر معقل للدولة الإسلامية في سوريا في أوائل عام 2019. و مع تلاشي فكرة الخلافة المادية، انحسر الحماس للمشروع الجهادي المتطرف بين بعض المؤيدين الأوائل فقط .

وأصيب أنصار سابقون آخرون لتنظيم الدولة الإسلامية بخيبة أمل من الأساليب الوحشية للجماعة الإرهابية، و التي تضمنت عمليات إعدام المسجلة بالفيديو بالإضافة إلى الاستعباد المنهجي و اغتصاب الأسيرات، حيث قال الشاب البلجيكي الذي كان يدعى سابقا بـ "أبو عائشة" ، إنه أدرك أنه كان مستعدا للعودة إلى الوطن بعد ثلاثة أشهر فقط من العيش في منطقة تسيطر عليها الدولة الإسلامية بالقرب من حلب في سوريا.وبعد أن أخبر قائده المحلي أنه ذاهب إلى تركيا لزيارة زوجته ، هرب من سوريا و لم يعد بعدها أبدا، و قد أدت مسيرته القصيرة كجهادي في نهاية المطاف إلى إدانته بالانتماء إلى تنظيم إرهابي و سجنه ، حيث التقى بسجناء آخرين حولتهم تجاربهم لمناهضين للدولة الإسلام، وقال قال: " كان الناس يكرهون كيف كانت داعش تقتل الناس الذين لم يتفقوا معهم ، و كيف دخلوا المساجد و ذبحوا الناس فيها . لكن المخيف حقا هو أن هناك العديد من الجهاديين السابقين القابعين في السجون يقولون أنهم ينتظرون ظهور جماعة جديدة أو خليفة جديد يمارس دور البطل الملهم لينضموا له ".

النهضة نيوز