البان واجبان

تقارير وحوارات

ارتفاع جنوني على أسعار الحليب ومشتقاته .. في البحث عن المتهم: "أبقار لبنان بريئة"

باولا عطية

5 تموز 2020 18:42

تقيم الألبان والأجبان ومشتقات الحليب على موائد اللبنانيين بشكل دائم، في الفطور والعشاء تتكرر الطلبات من ربة البيت: "عروس لبناة، عروس جبنة، حليب وكعك، حليب وشاي، بيض وجينة، جبنة ونبيذ .." و في بعض الأح

تقيم الألبان والأجبان ومشتقات الحليب على موائد اللبنانيين بشكل دائم، في الفطور والعشاء تتكرر الطلبات من ربة البيت: "عروس لبناة، عروس جبنة، حليب وكعك، حليب وشاي، بيض وجينة، جبنة ونبيذ .." و في بعض الأحيان تضاف الى مأكولات الغداء فتزين الميزات اللبنانية "لبنة متومة، شنكليش، معكرونة بحليب، معكرونة بلبن.." ، لكن وبسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر فيه البلد انخفضت القدرة الشرائية للمواطن اللبناني وسط ارتفاع سعر مشتقات الحليب بنسبة 250% بالرغم من أن تلك الصناعة وطنية في معظم الأحيان، فما هو السبب وراء غلاء هذه السلع؟

يشرح عدنان وهبة وهو صاحب معمل السيد للألبان والأجبان في حديث لـ "النهضة نيوز" أنّ "سبب ارتفاع سعر مشتقات الحليب يعود الى ارتفاع سعر كيلو الحليب من 800 ليرة الى 3000 ليرة"، موضحا ان سعر الحليب بدوره ارتفع بسبب ارتفاع سعر الدولار؛ فالعلف الذي يستخدم لإطعام المواشي يستورد من الخارج، إذ لا وجود لصناعة وطنية للعلف في لبنان، الذي يحتاج لتصنيعه الى صويا وشعير وذرة ونخالة وفيتامينات، ومن دون علف يقل انتاج الحيوانات من الحليب، وبالتالي العلف يستورد بالدولار ومع ارتفاع سعر الدولار يجد المزارع صعوبة في تأمين الدولار لدى الصيارفة المرخصين لكثرة الطلب عليه فيضطر الى شرائه من السوق السوداء بسعر يتراوح بين الـ6000 ليرة والـ10000 ليرة للدولار الواحد، حيث أصبح سعر طون العلف مليون و300 الف ليرة بعد أن كان 250 الف ليرة، ما يفرض على المزارع رفع سعر الحليب ومشتقاته".

ويتابع وهبة: "كل كيلو جبنة يحتاج إلى 10 كيلو حليب وبالتالي كلفة الحلوم من الحليب فقط هي 30000 ولم احتسب بعد كلفة الغاز لكي أغلي الحليب ولا كلفة التبريد ولا الكهرباء ولا المازوت لنقل وشراء وبيع البضاعة ولا دواء الجلي ولا أدوية التعقيم ولا أكياس البلاستيك التي ارتفع سعرها من 2500 ليرة لكيلو الكيس الى 13000 و15000 ليرة للكيلو، فكيف سأبيع قالب الحلوم للزبون بـ35000 ليرة ؟ ومن  سيشتري؟ لذا توقفت عن تصنيع وبيع الحلوم والمجدولة، ويقتصر تصنيعي على الجبنة البلدية التي تحتاج الى 6 كيلو حليب فقط، ومضطر لبيع كيلو الجبنة البلدية ب20000 ليرة يعد ان كان سعره 8000 ليرة ".

اما عن صناعة اللبنة فيشرح وهبة: " كنا نبيع كيلو اللبنة البلدية بـ9000 ليرة أي ما يعادل الـ6$ على الدولار القديم، أما اليوم فاصبح سعر كيلو اللبنة يتراوح بين الـ18000 ليرة والـ20000 ليرة؛ حيث ان كلفة صندوق علب البلاستيك لتعبئة اللبنة هو 50$ أي على الدولار الجديد (4990 ليرة يصل سعر الصندوق الى الـ200 الف ليرة)، وصناعة اللبنة تحتاج الى ملح، وشوال الملح الـ25 كيلو كان بـ4000 ليرة أما اليوم فسعر الشوال هو 32000 ليرة".

وعن دعم وزارعة الزراعة للقطاع يقول "الوزارة لا تؤمن دعم للمزارعين وان وجد فيكون بكميات محدودة ولا يتم التصريح عنها كما يجب؛ بحيث تستفيد قلة من المزارعين من الدعم حتى أنه في إحدى السنوات وزعت الوزارة العلف على المزارعين فكانت حصة كل مزارع كيسين فقط من العلف وهو لا يكفي لإطعام بقرة واحدة ليومين".

ولعل من إيجابيات الازمة الاقتصادية انها سلطت الضوء على خطورة سياسات الحكومات السابقة في إدارة شؤون البلاد، إذ يرى مراقبون أنه باتباع السياسات الحريرية التي تقتصر على اقتصاد ريعي "مدولر" يعتمد على استيراد كافة المنتجات والمواد من الخارج، صار لبنان يعاني من نقص في انتاجه الوطني، إذ أن البلاد تستورد أبسط السلع.

فمن كان يتوقع ان يؤثر سعر العلف المستورد لهذا الحد على أسعار السلع ومن كان يتصور ان سلعة بسيطة كالعلف يحتاج لبنان الى استيرادها من الخارج بدل تصنيعها محلياً؟.

بل من كان يتصور أن تكون أكياس النيلون وعلب البلاستيك، سلعة تساهم في ارتفاع أسعار المنتجات الأساسية إلى هذا الحد، في حين يرميها المواطن اللبناني على حاويات القمامة، وقد كان باستطاعته إعادة تدويرها، لا شك أن هذه الأزمة، كشفت كثيراً من الزيف.

النهضة نيوز