أخبار

إقليم "حلايب وشلاتين" رغم كل الجهود المصرية لا يزال ارض سودانية حتى الآن

13 نيسان 2019 12:40

سيطرت الحكومة المصرية على "إقليم حلايب وشلاتين" الذي كان تحت الإدارة السودانية بالاتفاق مع الحكومة المصرية في عهود سياسية سابقة, معيدة تفسير طريقة سير خط الحدود السياسية بين البلدين لتجعل ما شمال دائر

سيطرت الحكومة المصرية على "إقليم حلايب وشلاتين" الذي كان تحت الإدارة السودانية بالاتفاق مع الحكومة المصرية في عهود سياسية سابقة, معيدة تفسير طريقة سير خط الحدود السياسية بين البلدين لتجعل ما شمال دائرة عرض 22 درجة ارض مصرية, وما جنوبه يتبع للسودان, ورغم ممانعة السودان ورفضها لضم الإقليم لمصر؛ سعت مصر بكل جهدها لتمصير المنطقة, عن طريق نشر قوات كبيرة العدد من الجيش, وبناء الوحدات الصحية, والمدارس (رغم ندرة عدد الطلاب), وأصدرت بطاقات الهوية المصرية لسكان المنطقة, وقدمت بعض المساعدات المالية للسكان - رغم استحالة تقديم نقس الشيء في باقي الأراضي المصرية – لاستمالتهم لمصر.
وقد استمر التقليد الذي بدا في عهد الرئيس المصري "مبارك" في ان يظهر في الإعلام وبعض الاجتماعات المحلية والعربية مختارا خلفية ذات صبغة سياسية عبارة عن "خريطة كبيرة للقطر المصري" تظهر فيه بوضوح الحدود الجنوبية فقط, تأكيدا على ان إقليم حلايب وشلاتين منطقة مصرية لا جدال فيها, وسار على نفس المنوال كل من جاء بعده, من المجلس العسكري, وحتى الفترة الانتقالية, نهاية بالسيسي, فهل أصبح الإقليم مصريا خالصا بهذه الطريقة ؟ !.
كيف يرى العالم ذلك ؟ : ـ تظهر في الخرائط السياسية لدول العالم ان هذا الإقليم لا يزال تابعا للسودان, ولا يعتبرونه مصريا على الإطلاق, الآمر الذي ترفضه مصر ولا تطيق اقل كلمة عنه, وتعتبر هذه الخرائط بها مغالطة او سوء فهم او قلة متابعة للتغيرات السياسية وموقف مصر من هذه القضية, فمن المخطئ ومن المصيب ؟ , الخرائط السياسية الدولية المحايدة ام الفهم والإدراك المصري؟ , بالطبع يعتبر الإقليم "منطقة متـنازع عليها بين البلدين" لم يحسم أمره حتى الآن.
كيف يتحول الإقليم لأرض مصرية 100 %.
ربما لا تدرك الحكومة المصرية ان أسس "العلاقات الدولية" تقوم على العديد من المبادئ والقيم والثوابت والقوانين الدولية, وان ما قامت به للسيطرة على الإقليم يدخل في عداد الخروج على الشرعية الدولية, واحتلال منطقة حدودية بدون إذن وموافقة ورضا الطرف الآخر, ولذلك فليس فقط من الخطأ ما قامت به مصر, بل تكمن الكارثة في "سوء الفهم لدى فقهاء ودبلوماسيين وسفراء وزراء الخارجية المصرية".
عندما تريد أي دولتين متجاورتين لديهما حدود سياسية مشتركة وتريدا تعديل خط سير الحدود ؛ فيقومان بعدة ترتيبات وخطى متتالية لا تغفل أي مرحلة فيها, ولا تتجاهل أي إجراء رسمي حتى وان بدا قليل الشأن أشبه بالأمر التافه, وهذه الخطوات هي : ـ
اجتماع رؤساء الدول : ـ حيث يتفقا فيما بينهما على إعادة ترسيم الحدود بشكل مبدئي, ويتم تكليف لجنتين مختصتين في الجغرافيا والشئون العسكرية والسياسية تتولى ذلك بالتفصيل.
لجنة متخصصة مشتركة : ـ تتكون من العديد من التخصصات والاتجاهات والأفكار والرؤى – رغم ان ذلك يتم تجاهله في النظم الدكتاتورية التي لا تكترث بقيمة العلم ومزايا حُـسن المشورة – وتقوم بالاجتماع رسميا في مقرات للمؤتمرات , ومعهم خرائط تفصيلية للتحاور والتجادل فيما بينهم لترسيم الحدود حتى يتم الاستقرار بشكل مبدئي على اتجاهها بشكل عام, وتقوم كل لجنة برفع تقرير مفصل للرئيس بحالة التوافق والتفاهم العام.
التقسيم الفعلي للحدود عن طريق التوجه للمنطقة (الدراسة الميدانية) وهنا من الممكن زحزحة الحدود التي تم التفاهم حول خط سيرها, لإدخال قرية صغيرة ضمن الأراضي التابعة لدولة ما, أو التخلي عن "بئر مياه" او بيوت او طريق لدول ما.
اجتماع وزيري الخارجية للبلدين : ـ وذلك لتوقيع الاتفاقية الرسمية بين البلدين, وذلك بحضور الرئيسين وترحيب كلاهما بنجاح المفاوضات ورضا الطرفين عما تم بينهما.
موافقة "مجلس النواب في كل دولة على حدا على الاتفاقية : ـ لابد ان تتقدم الحكومة وتعرض الاتفاقية وبنودها وكل ما تحويه من تفاصيل على مجلس النواب او الشيوخ للتصويت عليه بالموافقة – أحيانا تقوم الدولة بإخفاء العديد من التفاصيل والبنود المحرجة للكرامة الوطنية وتحجبها بعض الوقت لتمرير الاتفاقية وتحظى بالموافقة العامة بدون إزعاج وتجنبا للهجوم على الموقعين عليها واعتبارهم قدموا تنازلات مهينة لا مبرر لها – وحينها تعتبر الاتفاقية قد نالت كل متطلبات "الاتفاقية المشروعة " المتعارف عليها في الشرعية الدولية. 
إرسال مذكرة منفصلة لكل دولة منهم, وكذلك مذكرة مشتركة للأمم المتحدة (وكذلك التجمعات الإقليمية ومن بينها الجامعة العربية) : ـ  تقر المذكرة المشتركة بان ما قامت به الدولتين تم برضا مشترك بينهما, وتأتي المذكرة المنفصلة المستقلة لتعبر عن نفس الرأي والموقف؛ وتنفي عن نفسها تعرضها للضغط او الإكراه , وانه تشعر بالارتياح الكامل بسبب ذلك.
هل تم ذلك بين مصر والسودان؟ ! – بالطبع لا - , هل دعت مصر نظيرها السوداني للجلوس لمائدة المفاوضات بين البلدين لحسم الآمر؟  ! – لا - , هل يدرك كل العاملين في وزارة الخارجية ذلك ام لا ؟ ! , إذن فالإقليم لا يزال منطقة سودانية حتى الآن.