مسك الدفاتر أم التفكيك الهندسي.. عمليات تهرب من التدقيق المالي لمصرف لبنان

أخبار لبنان

مسك الدفاتر أم التفكيك الهندسي.. عمليات تهرب من التدقيق المالي لمصرف لبنان

19 كانون الأول 2020 09:49

منذ بدء الحديث عن التدقيق الجنائي لحسابات الدولة في لبنان وبعدها التدقيق الجنائي لحسابات مصرف لبنان المركزي بما فيها حسابات حاكم المصرف رياض سلامة والتي لم ينفذ منها أي تدقيق وخلال الأشهر الماضية، كان مصرف لبنان يعمل على تفكيك الهندسات التي نفذها منذ منتصف عام 2016. آلية التفكيك لا تعني بأي شكل من الأشكال استعادة الأرباح التي حقّقتها المصارف من هذه الهندسات، وإنما تشير إلى تفكيك الهرم المالي الناتج عن هذه الهندسات وتقليص مفاعيله على موازنات مصرف لبنان والمصارف.

وضمن فهم لآلية التفكيك التي اعتمدها مصرف لبنان، تقوم بإيداعات المصارف الدولارات لدى مصرف لبنان ثم تستدين منه بالليرة بقيمة توازي 125% من قيمة المبلغ المودع بفائدة 2% وتعيد توظيف الليرات لدى مصرف لبنان بفائدة مرتفعة حتى بلغ مجموع الفوائد التي تحصل عليها نحو 17% وأكثر في بعض الحالات. كانت المصارف توظّف هذه الأموال عبر إيداعها لدى مصرف لبنان أو شراء شهادات إيداع بالليرة صادرة منه.

ويبيع المصرف الدولارات المحلية للمصارف بسعر 1515 ليرة للدولار مقابل حسم شهادات إيداع بالليرة والودائع التي وظفتها المصارف لديه أيام الهندسات المالية. ومقابل كل عملية بيع للدولارات، يشطب مصرف لبنان مبلغاً مماثلاً حصلت عليه المصارف عبر الهندسات، وهو ما أتاح عملياً تجارة الشيكات المصرفية بالدولار المحلّي

عملية الخسائر ستكون بترك المجال مفتوحاً على مصراعيه أمام المصارف لشراء الدولارات عبر التسديد المؤجل، أي تسجيل العمليات في مراكز قطع سلبية تُحتسب على أساس نسبة من رساميلها (بلغت نسب مراكز القطع السلبية أكثر من 25% من قاعدة رساميلها لدى بعض المصارف.

ضمن تفنيد لهذه العملية فإن الدولارات التي يبيعها مصرف لبنان للمصارف هي عبارة عن دولارات محلية (غير حقيقية) لا يمكن تحويلها إلى الخارج ولا يمكن استعمالها إلا بالليرة اللبنانية. كما أنه لا يمكن إغفال أن هذه العمليات ذات طابع دفتري بحت، أي أنها عمليات تجميلية بالمطلق. 

لكل من هذه العمليات نتائج مختلفة على موازنات المصارف. فمن جهة ستتقلّص موازناتها وستتقلص معها مخاطر التوقف عن السداد طالما أن الزبائن يسدّدون قروضهم المتعثرة بقيم أقل. 

وبعد كل هذه العمليات يواصل مصرف لبنان إصدار النقد، هذه الأموال قد تبدو للوهلة الأولى على أنها المنقذ الذي يتيح للمقيمين في لبنان شراء حاجاتهم مقابل تعدّد أسعار الصرف، لكنها في الواقع عبارة عن ضريبة يدفع ثمنها الاقتصاد بشكل عام عبر تغذية تضخّم الأسعار. وهي ضريبة تضاف إلى تلك التي تنقل الثروة من أيدي المودعين إلى المقترضين، إذ أن المودعين يدفعون ضريبة بمعدل يصل إلى 65% ربطاً بنسبة الحسم التي يحصلون عليها مقابل بيع شيكاتهم المصرفية.

أما عن العلاقة بين مصرف لبنان والمصارف باتت أقل وزناً بعدما انخفضت قيمة ودائع المصارف لدى مصرف لبنان بنحو 10 آلاف مليار ليرة في نهاية أيلول.

وضمن حديث عن الكتل المالية وتأثيرها على اقتصاد السوق أشار الأستاذ محمد ياسر الصبان في وقت سابق إلى أن الأزمة الاقتصادية أزمة عالمية ويجب تحويلها من أزمة لعلم بالقياس والفيزياء.

وعن علاقة الفيزياء بالاقتصاد والفساد ارتباطه بالكثافة والكتلة، حيث هناك من يكبر الكتلة المالية في القطاع المصرفي التجاري ويصيب حركة نمو اقتصادي لكن ثمرات هذا النمو تعود له وحده، والدليل ما نشاهده بامريكا رغم نموها الاقتصادي لكننا نجد المشردين في الشوارع.

المصدر: صحيفة الأخبار