مناورات جديدة على خطا التشكيل الحكومي اللبناني وسعد الحريري تنازل عن مطلبه

 سعد الحريري يتخلى عن تمسكه بحكومة من 18 وزيراً سعد الحريري يتخلى عن تمسكه بحكومة من 18 وزيراً

يبدو أن دخول اليد الإيرانية والتهديدات الفرنسية بفرض عقوبات أوروبية على معرقلي تأليف الحكومة في لبنان أثبتت جدواها.

حيث أفادت معلومات بأن الرئيس سعد الحريري وافق على التخلي عن تمسكه السابق بحكومة من 18 وزيراً، وأنه وافق على مبادرة الرئيس نبيه بري القاضية بتأليف حكومة من 24 وزيراً لا يكون فيها ثلث معطل لأحد، ولم يتضح ما إذا كانت موافقة الحريري حقيقية، أم أنها مناورة جديدة لحشر رئيس الجمهورية في خانة المعرقل. 

مصادر مطلعة على التأليف الحكومي في لبنان اعتبرت قرار سعد الحريري مبادرة ستسجل بعض التقدّم، ولو بصورة جزئية للغاية، ومن دون أمل كبير بالوصول إلى الخواتيم.

وبحسب مصادر قريبة من رئيس مجلس النواب، نبيه بري، فإن الأخير حصل من الرئيس سعد الحريري على موقف يتخلّى بموجبه عن رقم الـ 18 وزيراً، والانفتاح على زيادة عدد المقاعد الوزارية، بما يحلّ عقدة التأليف، شرط ألّا يحصل أحد على الثلث المعطّل (الثلث زائداً واحداً).

وفي تفاصيل مبادرة نبيه بري بحسب ما قال لممثّلَي البطريرك بشارة الراعي اللذين زاراه أمس، والتي تقوم على تأليف حكومة من 24 وزيراً، من دون ثلث معطّل لأحد. وينتظر بري، موقفاً واضحاً من رئيس الجمهورية ميشال عون برفض الثلث الضامن، ورغم أن ميشال عون كرّر هذا الموقف، عبر أكثر من وسيلة، فإنّ رئيس المجلس في انتظار موقف عمليّ منه. في المقابل، ينتظر بري من الحريري تراجعاً عملياً أيضاً عن التمسّك بعقدة الـ«18 وزيراً»، التي لم يعد رئيس حركة أمل، ومعه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، يريان فيها أي جدوى.

البطريرك الراعي أوفد أمس إلى بري مستشاره (غير الرسمي) للشؤون السياسية الوزير السابق سجعان قزي، ومستشاره الأول، المسؤول الإعلامي في بكركي، وليد غياض. وبحسب مصادر المجتمعين، فإنّ الراعي أراد من اللقاء معرفة ما يقوم به بري على المستوى الحكومي، وأن يضعه في أجواء ما توصّل إليه سابقاً. وبحسب المصادر، تبيّن وجود مشتركات بين الطرفين، وهي: دعم المبادرة الفرنسية، ودعم حكومة اختصاصيين لا سياسيين، ورفض الثلث المعطل لأحد، كذلك عدم فرض أعراف جديدة من خارج الدستور.

وقد كشف نبيه بري لممثلي البطريرك بما دار بينه وبين وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، في الاتصال الهاتفي في اليوم السابق، حين قال رئيس الدبلوماسية الفرنسية إن «العالم يتفرّج على لبنان يسقط، وسنتحرك باتجاه الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على معرقلي تأليف حكومة تنفّذ إصلاحات».

بدورها صحيفة الأخبار اللبنانية كشفت أن سعد الحريري كان منشغلاً في معرفة ما إذا كان الفرنسيون يصنّفونه من بين المعرقلين. وفي حال كان مهدداً بالعقوبات، فإنه سيستبق ذلك بالاعتذار عن عدم تأليف الحكومة. لكنّ الرئيس المكلّف اطمأن إلى أن باريس لا ترى فيه معرقلاً، لا بل إنها تدعم الكثير من مواقفه. وبحسب مصادر معنية، فإن الفرنسيّين يريدون تحجيم حصة رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء المقبل.

وأوضحت الصحيفة أن الساعات المقبلة ستشهد تواصلاً مباشراً بين بري وعون، سواء بزيارة يقوم بها بري، أو ممثل عنه، إلى القصر الجمهوري، أو باتصال هاتفي.

ولفتت مصادر معنية بالتفاوض إلى أنّ أي تقدم جدّي لم يظهر بعد، في ظل الخشية من أن يكون الحريري في صدد المناورة من أجل إظهار رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل كمعرقلَين لولادة الحكومة.

وقد طالب «تكتل لبنان القوي»، عقب اجتماعه إلكترونياً برئاسة باسيل، أمس، «رئيس الحكومة المكلف بالمبادرة إلى تقديم صيغة حكومية تستوفي شروط الميثاق والدستور والاختصاص، وذلك في ضوء المواقف الداعية إلى الخروج من المراوحة ومن عقدة عدد 18 المصطنعة، لأن في ذلك الكثير من الحلول للمشاكل المختلفة». ورأى التكتل أنه «كلما اشتد الضغط لتنفيذ التدقيق الجنائي، تبرز من جانب المتضررين مقترحات لتمييع الموضوع تحت عناوين التدقيق الشامل»، معلناً أنه «يؤيد التدقيق في جميع الوزارات والإدارات والمرافق والمجالس والهيئات من دون أن يكون ذلك سبباً لتأخير التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان».

ودعا التكتل السلطات اللبنانية المختصة إلى القيام بما يلزم لضمان حقوق لبنان وحدوده البحرية والبرية كاملة».

كما ذكر بأن رئيس التكتل، وزير الخارجية الأسبق، جبران باسيل سبق له أن وجّه الكتب اللازمة الى الجهات المعنية في لبنان، بخصوص التداخل في الحدود الاقتصادية البحرية بين لبنان وسوريا، كما وجّه كتب اعتراض الى الجانب السوري ضماناً لحفظ حقوق لبنان وحدوده. وبناءً على ذلك، دعا التكتل الى إجراء المفاوضات اللازمة بين لبنان وسوريا بهذا الشأن، على أسس احترام حسن الجوار والقانون الدولي. 

التسريبات يبدو أنها وليدة الساعة وسط تحركات طفيفة تدل على مؤشرات لايمكن وصفها إلا أنها إيجابية وسط كل الإنهيار الذي خيم على لبنان بجميع الجوانب مادفع اللبنانيين فقد ثقتهم بكل مسمى بارقة أمل على عتبات التشكيل الحكومي في لبنان. 

المصدر: الأخبار