يمكن أن تكون اكتشافات علوم المريخ سطحية للغاية، فالبحث عن مخابئ المياه، وأخذ العينات الأرضية، والأعاجيب التقنية الأخرى يحدث على سطح الكوكب الأحمر ، أو تحته بقليل، ولكن بينما تتجول مركبة بريسيرفيرنس التابعة لوكالة ناسا في غبار وحصى المريخ، هناك الكثير في أعماق الكوكب نفسه يستحق التعلم عنه أيضاً، مثل حقيقة أن اللب الداخلي للمريخ ربما يكون أكثر الأماكن المعدنية على الكوكب بأسره.
الهزات الأرضية على سطح المريخ
جاء هذا الاكتشاف نتيجة لتسجيل زلازل المريخ، من قبل ثلاث أوراق بحثية نُشرت في مجلة "العلوم"، وأكدت أن قلب المريخ مصنوع من المعدن المنصهر.
اعتمد مارك بانينغ، عالم مشروع مختبر الدفع النفاث في مركبة إنزال إنسايت التابعة لناسا، وزملاؤه على بيانات مقياس الزلازل للعثور على سمك قشرة الكوكب والهيكل المحتمل لها، ودرجة حرارة وشاح الكوكب، وإجراء أول تأكيد زلزالي مباشر لنواة الكوكب.
كيف فعلوا ذلك؟
يعرف العلماء عن دواخل الأرض نتيجة لعلم الزلازل، فبدراسة الزلازل وغيرها من الاهتزازات الداخلية بشكل أساسي كوسيلة للنظر في العمليات التي تقودها، لكن هذه الطريقة لم تكن حقاً خياراً للباحثين الذين يدرسون الكواكب الأخرى حتى في الآونة الأخيرة.
ثم في عام 2018، هبط مقياس الزلازل على سطح المريخ كجزء من مهمة ناسا "إنسايت"، الاستكشاف الداخلي باستخدام التحقيقات الزلزالية والجيوديسيا والنقل الحراري، وقد تم تسجيل زلازل المريخ منذ ذلك الحين.
الهدف من هذه المهمة هو اكتشاف البنية الداخلية للمريخ من خلال قراءات زلزالية وحرارية مأخوذة من نقطة على متن طائرة على طول خط الاستواء المريخي.
الموجات الزلزالية التي تسمى الموجة S
اكتشفت إنسايت أثناء دراسة لب المريخ، نوعاً من الموجات الزلزالية تسمى الموجة S، لكن هذه الموجات كانت ترتد عن نواة الكوكب، مما جعلها موجات ScS ، ومن خلال تتبع هذه الموجات وإجراء قياسات أخرى، وجد الباحثون أن نصف قطر قلب المريخ يبلغ حوالي 1800 كيلومتر وهو سائل، وهذا يشبه إلى حد كبير كوكب الأرض.
وأوضح بانينغ في ذلك الوقت: "لم يكن من الممكن أن تنتج النواة الصلبة انعكاساً قوياً بما يكفي لرؤيته، وحقيقة أننا سجلناه أكدت أن اللب سائل."
هل زلازل المريخ أقوى من الزلازل الأرضية
في جميع الدراسات، كان على الباحثين البحث عن الإشارات التي يحتاجونها، حيث يبدو أن زلازل المريخ ليست قوية مثل الزلازل الأرضية، على الأقل وفقاً لهذه البيانات.
ويقول بانينغ: "لا شيء من هذه الأحداث كبير، وربما يكون الحدث الأكبر الذي نتطلع إليه هو 3.8 على مقياس ريختر"، وفي كاليفورنيا، حيث يوجد مقر بانينغ، "هناك فرصة جيدة حقاً ألا تشعر بذلك، اعتماداً على مدى قربك".
الهزات الأرضية تكشف عن الطبيعة المعدنية الفائقة لكوكب المريخ
مقياس ذرة الهيدروجين
يمكن للحساسية غير العادية لمقياس الزلازل في إنسايت أن تقرأ الاهتزازات على مقياس ذرة الهيدروجين، لذا فإن قياساته موثوقة، ويساعد أيضاً كون المريخ جافاً ويفتقر إلى محيطات الأرض الصاخبة.
قاس إنسايت أيضاً الطبقتين فوق اللب: وشاح المريخ والقشرة، حيث يعد فهم التركيب الداخلي لكوكب المريخ أمراً مهماً للغاية لأنه سيساعدنا على فهم كيفية تشكل وتطور الكواكب الصخرية الأخرى، حيث أن الكوكب الذي نعيش عليه هو أيضاً كوكب صخري.
هذا وستواصل إنسايت مهمتها حتى عام 2022، للبحث بشكل أعمق عن إجابات وتسجيل المزيد من زلازل المريخ، وإذا تعلمنا ما يكفي عن المريخ، فإن الخبر السار هو أن هناك كوكبين صخريين آخرين قريبين نسبياً لنتحقق من ذلك.