سجلت معدلات السرقة والجريمة في سوريا مستويات غير مسبوقة وبطريقة لم يعهدها الشارع السوري، الذي تباهى طويلاً بأن دولته هي الأكثر أمناً في العالم، لتقلب سنوات الحرب التسعة الأمن إلى خراب ويحتل خبر إلقاء القبض على المجرمين صدارة المشهد الإعلامي، واهتمامات الشارع.
وبإحصائية بسيطة لمعدلات الجريمة منذ بدء هذا العام وحتى لحظة إعداد هذا التقرير، أن جرائم تعاطي وتهريب المخدرات تصدرت النسبة لتتبعها جرائم السرقة، أما جرائم القتل والتي ورغم احتلالها المرتبة الثالثة فإن شكل وطبيعة واهداف هذه الجرائم هو ما بدا غريباص وبشدة على السوريين.
شهر يوليو الحالي والذي لم يمض عليه أكثر من ستة أيام حمل خمسة جرائم إحداها وكما قالت الجهات المختصة السورية لموقع "النهضة نيوز" لم تشهدها سوريا في تاريخها، عندما أقدم اثنين من المجرمين على قتل عائلة بكاملة ثلاثة أطفال وأمهم التي اغتصبوها، فيما كتب للأب النجاة من هذه الجريمة، رغم محاولتهم حرق منزله بعد فعلتهم النكراء، لتجتاح الشارع السوري حالة عارمة من الاستنكار، ربط بعضها على الفور بين حصول مثل هذه الجرائم ومفرزات الحرب المدمرة التي شهدت مقتل وإصابة وتهجير الملايين من السوريين.
الاستاذ الدكتور خالد حميدي المختص في علم النفس والسلوكيات والمدرس في جامعة دمشق اعتبر في حديث خص به موقع "النهضة نيوز"، أن الحرب السورية المريرة حملت في طياتها الكثير من الأزمات والمشاكل من الناحية الاجتماعية والإنسانية ولعل أخطر تأثير لهذه الحرب هو حال الجوع التي ضربت المدن السورية نتيجة الحرب والحصار، والذي شكل خلاصتها تطبيق قانون "قيصر"، الجائر على الشعب السوري.
الدكتور خالد أكد أن هذه ضغوط الحرب وترافقها مع الضغوط الاقتصادية، وما رافقتها من مآسي وضغوط نفسية واجتماعية ستكون نهايتها بالضرورة، ارتفاع نسبة الجرائم والسرقات، ولذلك دائماً ما يقال أن للحرب ميزات ومساوئ، ميزاتها يحصل عليها تجار الحروب والأسلحة، ومساوئها يتحملها الناس البسطاء والمنكل به.
الدكتور خالد حميدي أعاد التذكير في حديثه لموقع "النهضة نيوز" بأن التفكير في معالجة ما نشهد من جرائم قتل وسرقة، يدفعنا للعودة للأسباب لنحل هذه المشكلة، والمشكلة الأساسية هي الحرب والعوز والفقر، لكن الحرب حملت الكثير من المآسي التي ندفع ضريبتها.
الاستاذ في جامعة دمشق الدكتور خالد حميدي نبه إلى ضرورة أن يكون هناك مسار يوازي العمليات العسكرية وهي الاشتغال على البنية الاجتماعية، وقال:" كل سنة حرب يقابلها 10 سنين اصلاح على الصعيد النفسي والاجتماعي، والبنية الاجتماعية هشة، والحلول تبدأ بتأمين فرص عمل وتحسين المعيشة وفرض هيبة الدولة، لاسيما بالمناطق التي كانت لفترة طويلة خارجة عن سلطة الدولة".
ونبه المختص في علم النفس والسلوكيات إلى ضرورة فرض هيبة الدولة كجزء من الحل، كما أن الإعلام جزء من الحل أيضاً، وعليه التعاطي الجاد مع ما يحصل، كذلك من الحلول المفترضة لما يجري في سوريا، تفعيل بعض الوزارات المغيبة ومنها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، والتي رغم الجهود المبذولة لكن المواطن لا يلامس جدياً أيا من هذه الجهود.
النهضة نيوز